نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للكاتب باتريك كنغزلي، يتحدث فيه عن "
ترامب تاورز" في مدينة إسطنبول التركية، الذي تم افتتاحه في عام 2012، ويضم مخازن ومتاجر من أشهر العلامات التجارية المعروفة محليا وعالميا، ليصبح مقصدا لجميع الزوار.
ويقول الكاتب إنه "رغم أن الاسم واضح على الإشارات في محطة المترو القريبة، وعلى السوق والبرجين اللذين يقع السوق تحتهما، ومع ذلك لا يصدق الكثير من المتسوقين والجالسين في المطاعم في (
ترامب تاورز) في اسطنبول بأن المجمع له علاقة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن إيفين صوميلي (19 عاما)، التي تدرس التخدير، كانت تجلس هي وشقيقتها ميزغين (18 عاما)، لتناول وجبة طعام وعندما علمت أن ترامب يتربح من البناية، قالت "حسنا.. أنا مغادرة إذن".
وتذكر الصحيفة أنه في الطابق السفلي تعمل سيغدام طوران في محل لبيع مواد التجميل، وكانت متفاجئة عندما علمت أن ترامب له علاقة بالبناية، وقالت إنها سألت الناس لكنهم نفوا ذلك، حتى أن زوجها قال إن الاسم ربما كان صدفة.
ويستدرك كنغزلي بأن "الاسم ليس صدفة، فمن ناحية فنية لا يملك ترامب ولا أي من شركاته البناية، (ولا كثير من البنايات التي تحمل اسم ترامب خارج الولايات المتحدة)، لكن الشركة التركية التي تملك البناية، دوغان هولدينغز، طلبت استخدام الاسم، فسمح لهم ترامب بذلك مقابل رسم كبير، ولم يكشف عن حجمه، لكن أظهرت وثائق الحملة الانتخابية بأن دوغان هولدينغز دفعت ما يقدر بين مليون وخمسة ملايين دولار لاستخدام الاسم".
ويلفت التقرير إلى أن الكشف عن هذه الحقائق جعل الأختين صوميلي يخرجن بسرعة من البناية، وقالت الصغرى، التي تدرس تطور الأطفال: "لماذا علي أن أحترم رجلا لا يحترم حجابي؟"، وأضافت الكبرى: "لن نعود إلى هذا المكان ثانية"، حيث إن الشقيقتين كانتا من بين عدد من زوار السوق، الذين يتخذون موقفا من الحظر الذي فرضه ترامب على مواطني 7 دول ذات أكثرية إسلامية، مستدركا بأنه رغم أن الدول لم تتضمن
تركيا، إلا أن معظم زوار السوق الذين تمت مقابلتهم أعربوا عن تعاطفهم مع المتأثرين بالحظر.
وقالت الأخت الصغرى: "ليس مهما إن كانت تركيا مشمولة أم لا، أنا ضد الحظر.. ولو منعت حكومتي دخول المسيحيين سأكون ضد ذلك أيضا".
وتنوه الصحيفة إلى أن بناية "ترامب تاورز" في اسطنبول عبارة عن مبنى فيه مجمع تسوق متعدد الطوابق في الأسفل، وفوقه برجا مكاتب وشقق، مستدركا بأنه مع أن البناية في بلد يعاني من الهجمات الإرهابية، ورغم أنها تحمل اسم شخص في خلاف مع العالم الإسلامي، إلا أن الإجراءات الأمنية في البناية لا تزيد على مجرد جهاز أشعة إكس، كالذي يستخدم في المطارات على كل مدخل، وتقول البلدية المحلية إنه ليست لديها خطط لزيادة الإجراءات الأمنية فيها، ولا يبدي الزوار أنفسهم أي قلق بهذا الخصوص.
ويشير الكاتب إلى أن ترامب حظي بنصيبه من الدعاية السلبية في تركيا، حتى أن الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان دعا في حزيران/ يونيو، إلى تغيير اسم البرجين احتجاجا على تصريحات ترامب المعادية للمسلمين، مستدركا بأنه منذ أن أعلن ترامب عن حظر السفر، فإن أردوغان تجنب شجب ترامب بشكل مباشر، وترك النقد لزملائه في الحكومة، حيث يرى المحللون أن أردوغان يريد أن ينتظر ليرى سياسة ترامب بخصوص تركيا قبل أن يعلن عن عدم رضاه بشكل مفتوح.
ويورد التقرير أن الزوار الأجانب للسوق يعرفون معظم أسماء المحلات، مثل "بينيتون" و"بيرغر كينغ" و"مانغو أند لاكوستي"، فكلها موجودة هناك، وفي الدور السفلي هناك ألعاب للأطفال، لافتا إلى أنه يوجد في أعلى السلم الكهربائي الاسم الأهم والأكثر شهرة "ترامب أفينيو"، حيث يوجد عدد من المقاهي الراقية حول المعلم الرئيسي للسوق، وهو مطعم "ترامبيت".
وتفيد الصحيفة بأن "المجمع يمتلئ بالناس من الطبقة المتوسطة من مصففي شعر وطلاب، وعلى طاولة من الطاولات جلست أربع موظفات حكوميات، خفن أن يدلين بأسمائهن الكاملة؛ خشية من عمليات فصل الموظفين التي تبعت الانقلاب الفاشل العام الماضي، ولدى سؤالهن بخصوص اسم المكان، قالت آيتن (45 عاما) إنها لن تأتي ثانية، ووافقت زميلاتها معها على ذلك، وقالت النساء لولا أن أطفالهن يحبون الألعاب في المجمع لما حضرن إليه، لكن آيتن قالت إن (هناك منطقا في تفكير ترامب: أنظر إلى ما يحصل في تلك البلدان السبعة التي حظر السفر على مواطنيها)".
ويقول كنغزلي إن "هاتيس (43 عاما) اتفقت مع آيتن، وقالت إن (إيران لها قانون خاص بها، وهناك فوضى في العراق والصومال واليمن، فمن يريد ذلك؟)، أما عائشة (40 عاما) فكان لديها رأي مضاد طرحته بلطف، حيث تساءلت قائلة: (لماذا يقوم ترامب بمعاقبة ديانة كاملة، بدلا من القليل المسؤولين عن الخطأ؟)، وبعدها وصلت القهوة، وتحدثت هيسر (43 عاما)، قائلة إن (كان ترامب ضد المسلمين فلماذا بنى بناية في بلد مسلم؟)، وقالت عائشة: (يجب ألا يقيم بناياته هنا إن كان لا يحب المسلمين)، وقالت الأختان صوميلي بأنهن مستغربات من سياسة أردوغان في التعامل مع ترامب وتحركاته الدبلوماسية الأخيرة أيضا، وقالت إيفين: (أنا لا أفهمها.. لديه علاقة طيبة مع أحد ما ثم يقطعها، ولديه علاقات سيئة مع روسيا ثم يصلحها)، وأضافت ميزغين: (أنا لا أفهم ما يحصل)".
ويستدرك التقرير بأنه "في أماكن أخرى من البناية لم يكن الأمر مهما للكل، فمثلا أميت بسلان (29 عاما)، وهو صاحب متجر في المجمع التجاري، لا يرى مشكلة في حظر السفر الذي فرضه ترامب، بل إن بسلان اقترح أن تقلد تركيا سياسة ترامب، قائلا: (قراره صحيح، إنه لا يتعلق بالمسلمين بل يتعلق بالإرهاب.. في البداية تحدث عن المسلمين، لكنه بعد ذلك أشار إلى هذه الدول السبع فقط)".
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن بسلان تذكر زيارة قامت بها ابنة ترامب ومستشارته إيفانكا ترامب، عام 2012، وقال إنها قد تنعش التجارة.