سؤال نطرحه على الأطياف كافة معارضة ونظاما، تيارات إسلامية وتيارات مدنية، العامي والمتعلم، الموظف والعامل القاصي والداني، الرجال والنساء، الشيوخ والأطفال والشباب، ماذا تعرفون عن الهوية
المصرية؟
هل هي مدنية أم دينية؟ هل هي مسيحية أم إسلامية؟ هل لها حدود أم بلا حدود؟
أقول ذلك، لأن الهوية المصرية تجمع كل تلك الأطياف، ليس من باب
المواطنة فقط، تلك الكلمة التي تقال شعارا لا أفعالا، ولكن من باب الجذور التاريخية مرورا بأنواع النظم كافة، التي حكمت تلك البلاد، ظلت مصر كما هي شعبها وأطيافها تندمج وتتفاعل مع الأنظمة والحكومات كافة، لأنها تسع ذلك جميعا.
فلا تستغرب ذلك أيها القارئ، فبعد
فتح مكة، ظلت الأنصار هي الأنصار، وظل المهاجرون هم المهاجرون، وظل للأنصار لوائان (لواء الأوس ولواء الخزرج)، وظل للمهاجرين لواء وظل لواء القيادة للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعده الخلفاء رضي الله عنهم، تجمعهم قيادة واحدة، ويظلهم سقف واحد.
إن السؤال عن الهوية ليس هو السؤال الجوهري، بل السؤال الاستفتاحي؛ وأما السؤال الجوهري فهو: من يلبي نداء الوطن لإنقاذه من تلك الحروب والمخططات؟ هل سنظل نسمع دعوات السلمية ونبذ العنف بعيدا عن الواقع وإدراكه؟ أم سنظل نرى حملات الاعتقال مستمرة؟ أم سنظل نرى مؤسسات دينية عاجزة وقبضة أمنية شديدة أصبحت لا تفرق؟
أم سنظل نرى حمامات الدم في الشوارع والطرقات؟ من المستفيد من يأس الشباب، وغلق المصانع، وتسريح العمالة، وكثرة العاطلين؟ من المستفيد من انتشار الفقر في البلاد وانهيار القيم والأخلاق؟
من المستفيد من حالة الانقسام والاحتراب والاستقطاب؟ من يلبي نداء الوطن فيعلي مصلحته على مصلحة الأحزاب والكراسي والمناصب والأموال؟ من يلبي النداء فيمد يده لإنقاذ الأوطان؟ من يلبي النداء؟
فإن الأمر جد خطير، والمنعطف شديد، والرياح عاتية والموج عالي يضرب بشدة الصخور والشواطئ والسفن.
من يلبي النداء؟
فإذا هلك الوطن هلكنا جميعا
وللحديث بقية..