تسير عملية إرساء صيرفة إسلامية في
تونس، بخطى بطيئة، مع وجود العديد من التحديات والصعوبات التي تجعل من إمكانية نهوضها يتطلب جهودا لسنوات مقبلة.
وصادقت تونس على أحدث قوانين وتعليمات مالية ومصرفية في تموز/يوليو 2016، تضمن قوانين متعلقة بالصيرفة الإسلامية وتنظيمها والإشراف عليها.
ويبلغ عدد البنوك العاملة وفق أحكام الشريعة الإسلامية حاليا في تونس، ثلاثة مصارف وهي: "بنك الزيتونة، وبنك البركة (شراكة تونسية سعودية)، وبنك الوفاق".
واعتبر محافظ البنك المركزي التونسي، الشاذلي العياري في تصريحات سابقة له، أن إصدار قوانين متعلقة بالصيرفة الإسلامية، يعتبر بداية لمشوار طويل يهدف إلى جعلها جزء من المشهد المصرفي التونسي.
وقال الخبير المالي "محمد صالح فراد"، إن
الصيرفة الإسلامية في تونس لم تشهد تطورا لافتا، على الرغم من المصادقة على القانون المنظم للبنوك الإسلامية.
وأضاف أن هناك طلب أو اثنين للحصول على رخصة إنشاء مصرف إسلامي، تم تقديمها للبنك المركزي وهي في انتظار الموافقة.
وزاد: "عدم وجود تطور ملحوظ في الصيرفة الإسلامية، يأتي على الرغم من أن قانون البنوك أعطى الإمكانية للبنوك التقليدية، فتح نوافذ إسلامية، وهناك العديد من البنوك التقليدية قدمت للحصول على رخص لفتح هذه النوافذ".
وأضاف الخبير المالي أن من الأسباب الأخرى التي عطلت تطور الصيرفة الإسلامية، هو أن القانون أعطى تعريفات لمنتوجات المالية الإسلامية منها المضاربة والمرابحة والاستصناع والإجارة، وهذه المفاهيم يجب العمل عليها وتفصيلها، لتصبح أكثر وضوحاً من أجل العمل بها وفق القانون.
وتمثل حصة الصيرفة الإسلامية في تونس، نحو 5% من إجمالي القطاع المصرفي في تونس، بينما تشير مؤسسات دولية أن النسبة العادلة في الوقت الحالي هي 25%.
كان محافظ البنك المركزي التونسي، قال في تصريحات سابقة إن نسبة الأصول الإسلامية لا تتعدى 7% من إجمالي الأصول المالية في البلاد، وهو رقم اعتبره "متواضعا جدا".
ولجأت عديد الدول الآسيوية والأوروبية، خاصة بعد الأزمة المالية العالمية، إلى الصيرفة الإسلامية كجزء من التعاملات المالية والمصرفية، بسبب مزاياها المتعددة خاصة تلك المتعلقة بالفوائد.
يذكر أن تونس قامت بإدراج الصكوك في قانون المالية لسنة 2012 وقوانين المالية لسنوات 2013، و2014، 2015، كأحد أدوات الدين، لكي يتم العمل بها.
وشدد "فراد" على أن "الصكوك هي منتج مهم ويعتبر رافدا من روافد التمويل العمومي، ولا يمثل كلفة على التداين كما هو الحالي في السندات".
من جانبه، اعتبر وزير المالية الأسبق "جلول عياد" أن "أكبر تحد أمام البنوك الإسلامية هو إدارة السيولة باعتبار أن البنوك التقليدية لها أفضلية في هذا المجال مقارنة بالبنوك الإسلامية".
وأكد على هامش مشاركته في فعالية حول الصيرفة الإسلامية مؤخرا، أن البنوك الإسلامية في تونس لا يمكن أن تتجه إلى السوق المالية العالمية، كما تقوم بذلك عديد البنوك الإسلامية في العالم.
وشدّد وزير المالية الأسبق على أنه "أمام الأوضاع المالية المتدهورة التي تمر بها عديد المؤسسات والبنوك العمومية، فإن اللجوء إلى صكوك الإجارة يعتبر الحل الأمثل للخروج من هذا الوضع".
وقال صالح الرياحي، الخبير المحاسب وعضو الجمعية التونسية للمالية الإسلامية، إنّ "البنوك الإسلامية في تونس تواجه تحديات عدّة بالرغم من إصدار القانون المنظم لعمل هذه البنوك".
وأضاف: "البنية التحتية في هذا المجال ما تزال غير ملائمة للعمل، باعتبار أنه إلى الآن لم يتم توفير الظروف المناسبة من حيث التشريعات لعمل البنوك الإسلامية".
وزاد: "الوضع المالي الذي تمر به البلاد، يجعل من البنوك التقليدية تعاني فما بالك بالبنوك الإسلامية الحديثة العهد في تونس".
وتتمثل أهم مخاطر السيولة بالنسبة للمصارف الإسلامية في غياب السيولة داخل الأسواق، وصعوبة الحصول على مصادر التمويل (أدوات مالية محدودة، ضعف أو انعدام الأسواق البديلة)، وفق الخبير المحاسب.