لم يشهد الاقتصاد
الإيراني تحسنا ملحوظا، رغم إلغاء بعض العقوبات التي كانت مفروضة على إيران، بعد الاتفاق النووي الذي وقعته مع الدول الغربية في يوليو/ تموز 2015، ودخل حيز التنفيذ في يناير/ كانون ثاني 2016.
وفرض الاتفاق قيودا كبيرة على الأنشطة النووية الإيرانية، ومقابل ذلك ألغى بشكل تدريجي جزءا من
العقوبات الاقتصادية والمالية التي كانت مفروضة على إيران، ليعود السوق الإيراني ويفتح أبوابه أمام المستثمرين الأجانب.
وقال تقرير أصدره
صندوق النقد الدولي في فبراير/ شباط الماضي، إنه مع عودة النفط الإيراني بشكل جزئي إلى السوق الدولي زاد الناتج المحلي الإجمالي الإيراني بنسبة 7.4%، وتراجع التضخم.
ورغم أن الأرقام تظهر تحسن الاقتصاد الإيراني بشكل جزئي، إلا أن الخبراء يرون أن ذلك التحسن لم ينعكس بعد على جيوب المواطنين.
استمرار العقوبات
وقال المنسق الاقتصادي لمركز الدراسات الإيرانية في أنقرة، مراد أصلان، إن البعض يروج للاتفاق النووي كما لو كان تضمن إلغاء جميع العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، إلا أن الأمر ليس كذلك.
وأوضح أصلان أن العقوبات التي تعهدت واشنطن بإلغائها محدودة جدا، قائلا إن الولايات المتحدة وعدت بإلغاء العقوبات عن مواطني الدول الأخرى الذين يتعاملون مع إيران، إلا أنها لم تتخذ خطوات هامة في ما يتعلق بمنع المواطنين الأمريكيين من القيام بأنشطة تجارية ومالية مع إيران.
ولفت أصلان إلى أن العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية على إيران بعد عام 2006 والتي تهدف إلى عزل إيران عن النظام المالي العالمي، لا تزال مطبقة إلى حد كبير، موضحا أن هذه العقوبات بالتحديد تزعج إيران بشكل كبير.
واعتبر أصلان أن الاقتصاد الإيراني يبدو في وضع أفضل مقارنة بالسنوات السابقة، معربا عن اعتقاده بأن هذا الوضع سيستمر في التحسن.
تجميد الأموال
وأشار "أصلان" في هذا الإطار إلى أنه تم الإفراج عن 30 مليار دولار من أموال إيران المجمدة من أصل حوالي 100 مليار دولار، وزادت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في إيران، حيث بلغت قيمة تلك الاستثمارات ملياري دولار عام 2015، قفزت إلى 12 مليار دولار العام الماضي.
ومن المؤشرات الأخرى على تحسن الاقتصاد الإيراني وفقا لأصلان، تمكنها من العودة لبيع نفطها في السوق العالمي، وهو ما أدى إلى ارتفاع كمية النفط الذي تصدره من 1.2 مليون برميل يوميا بعد عام 2010، إلى مليوني برميل في فبراير/ شباط الماضي، وارتفاع قيمة النفط المصدر من 15 مليار دولار قبل عامين إلى 40 مليار دولار العام الماضي.
ولفت أصلان إلى انخفاض نسبة التضخم في إيران، لتصبح مكونة من رقم واحد فقط، باعتباره مؤشرا هاما على التعافي الاقتصادي.
ويرى أصلان أنه على الرغم من كل تلك المؤشرات فإنه لا يمكن الحديث عن نمو صحي ومتوازن وشامل لجميع قطاعات الاقتصاد الإيراني، وذلك بسبب المشاكل الدولية والمؤسسية التي يعاني منها.
انعكاس الأزمات
وقال إن الساحة الدولية قد تشهد تطورات تسبب مشاكل لإيران تنعكس على اقتصادها، وخص بالذكر من العوامل الدولية المؤثرة، الموقف الأمريكي من إيران، وعدم الوضوح في سوريا واليمن.
واعتبر أصلان أن البطالة بين الشباب تأتي على رأس المشاكل البنوية والمؤسسية للاقتصاد الإيراني، قائلا إن التغلب عليها يتطلب حملة استثمار قوية، إلا أن حماس المستثمرين المحليين والأجانب يخفت بسبب المشاكل المتعلقة بالنظام وبنية الدولة والمشاكل المؤسسية المتعلقة بتسيير السوق في إيران.
وأشار تقرير صندوق النقد الدولي بخصوص إيران إلى أن نسبة النمو في القطاعات الاقتصادية بخلاف قطاع النفط لم تتجاوز 0.9%، وبالتالي فإن نسبة النمو الاقتصادي التي وصلت إلى 5% العام الماضي، لا تشمل جميع القطاعات الاقتصادية، وهو ما انعكس على المشاكل المالية وركود الاستهلاك.
ولفت التقرير إلى أنه في حال إدخال تغييرات على الاتفاق النووي، أو في حال لجوء الإدارة الأمريكية الجديدة للتصعيد مع إيران، فستنشأ عقبات أمام الاستثمار والتجارة مع إيران، وهو ما سينعكس سلبا على نسبة النمو.
تحسن طفيف
ونقل التقرير عن المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، جعفر مجرد، قوله إن الاقتصاد الإيراني لم يشهد تحسنا ملموسا بعد الاتفاق النووي.
وأوضح مجرد أنه "لم يسفر رفع العقوبات وأجندة الإصلاحات الإيرانية حتى الآن عن تأثير كبير على الاقتصاد الإيراني. وفي الحقيقة فإنه بالنظر إلى الاحتياطي الهيدروكربوني الكبير لإيران، والتنوع النسبي للقطاعات الاقتصادية بعيدا عن النفط، والسوق الداخلي الكبير، والأيدي العاملة الشابة والمدربة، فإن الاقتصاد الإيراني لا يزال بعيدا عن تنشيط إمكانياته الاستثمارية والتجارية".
وأضاف أن "استمرار العقوبات الأمريكية وعدم الوضوح المتعلق بها، يعيق عودة البنوك الدولية إلى السوق الإيراني، ويقف عائقا أمام الاستثمارات والعلاقات التجارية واسعة النطاق".