صعدت على نحو ملحوظ، استثمارات الأجانب في أذون الخزانة
المصرية، خلال الشهور اللاحقة لقرار البنك المركزي المصري تعويم الجنيه في الثالث من نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، توقع وزير المالية المصري عمرو الجارحي أن تتدفق استثمارات أجنبية في أدوات الخزانة بنحو 11 مليار دولار في غضون عام، بفضل "الإصلاحات"
الاقتصادية التي تعزز ثقة المستثمرين.
والشهر الماضي، قال نائب وزير المالية المصري للسياسات المالية أحمد كوجك، إن بلاده جذبت استثمارات أجنبية بقيمة 2.5 مليار دولار، بما يعادل 500 مليون دولار في الأسهم المصرية وملياري دولار في أذون الخزانة المحلية خلال ثلاثة أشهر منذ تعويم الجنيه.
وأذون الخزانة عبارة عن أداة دين حكومية تصدر بمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر إلى سنة.
تمويل العجز
وكان المستثمرون الأجانب، يحرصون على شراء سندات وأذون الخزانة التي تطرحها الحكومة المصرية لتمويل عجز الموازنة قبل ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.
وأدى قرار تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، إلى خفض سعره بنحو النصف، ما ساهم في إنعاش الطلب الأجنبي على شراء أذون الخزانة المصرية.
وينظر المسؤولون المصريون بعين الإعجاب لزيادة استثمارات الأجانب في أذون الخزانة، واعتبارها نتيجة لتحرير سعر الصرف الإضافة إلى أمور أخرى.
وقال البنك المركزي المصري في بيان صادر الشهر الماضي، إن استثمارات الأجانب في الأذون تظل أحد أهم مصادر التمويل الدولي للاقتصادات الناشئة والمتقدمة على السواء، شريطة حسن استغلالها من خلال جودة إدارتها وتعظيم منافعها.
أموال ساخنة
ويحذر اقتصاديون من تزايد وتيرة استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية، معتبرين أن الأموال التي تدخل السوق المصرية عبر بوابة الأذون والسندات "ساخنة تلهث وراء الفائدة المرتفعة وتحقق مكاسب من ارتفاع الدولار أمام الجنيه".
وحتى عام 2010 كان الأجانب يستحوذون على نحو 20 بالمائة من الأرصدة القائمة من أذون الخزانة المصرية ولكنهم تخارجوا منها بقوة، وسط المخاطر السياسية التي أعقبت ثورة يناير/ كانون الثاني 2011.
وقال المحلل الاقتصادي المصري هشام إبراهيم، إن عودة الأجانب لشراء أدوات الدين المصرية أمر "إيجابي، لتوفير سيولة دولارية تحتاجها مصر بشدة وسلبي في ذات الوقت".
ووفق بيانات البنك المركزي المصري، فقد بلغ صافي مشتريات الأجانب في أذون الخزانة المصرية 686.7 مليون دولار في النصف الأول من العام المالي الجاري 2016/ 2017، مقابل صافي مبيعات 38.3 مليون دولار في نفس الفترة.
ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/ تموز حتى نهاية يونيو/ حزيران من العام التالي، وفق قانون الموازنة المصرية.
مؤشر سلبي
واعتبر إبراهيم أن "تدفق الاستثمارات الأجنبية في أذون الخزانة المصرية مؤشر سلبي، لأنها تعتمد على السعر المرتفع للفائدة لأذون الخزانة البالغة 17 بالمائة".
ويرى أن "الأثر السلبي لاستثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية، نابع من كونها ليست استثمارات تدفع عجلة النمو، ولا تشكل قيمة مضافة على الاقتصاد المحلي".
وزاد: "سيكون الأثر السلبي واضحا، عندما يتم التخارج من الأذون، وستضغط أكثر على الدولار عبر ارتفاع حدة الطلب عليه.. الأذون هي طوق نجاة مؤقت ومتاعب طويلة المدى، ما لم تضف الحكومة موارد دخل حقيقية للعملة الصعبة".
وتجد الحكومة المصرية في طرح الأذون، أداة أخرى في توفير النقد الأجنبي من جهة، وتوفير تمويل لنفقاتها الجارية إلى جانب قروض صندوق النقد والبنك الدوليين.
ارتفاع الفائدة
بينما ينظر المحلل الاقتصادي المصري هاني خطاب، أن تركيز الجهود لجذب استثمارات حقيقية سيكون ذا نتائج ناجعة للاقتصاد المحلي.
وأوضح أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مشروعات جديدة وحقيقية، من شأنها خلق فرص عمل جديدة وزيادة الدخول والقوة الشرائية لدى المواطن، ما سيزيد الإنفاق ويساهم في دوران عجلة الاقتصاد.
وأضاف أن ارتفاع الفائدة في مصر مقارنة بالفائدة الأمريكية، يدفع المستثمرين على الاقتراض من الولايات المتحدة بفائدة منخفضة لشراء أصول بالجنيه بعائد مرتفع.
وكان بنك "أوف أمريكا ميريل لينش" قد حث المستثمرين الدوليين والمؤسسات المالية العالمية بالاستثمار في أذون الخزانة المصرية.
وقال البنك في مذكرة بحثية أصدرها في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 "إن سوق أدوات الدين المصرية وأذون الخزانة تعتبر حاليا سوقا واعدة".
واعتبرت بنوك استثمار عديدة، أن إقدام البنك المركزي المصري على رفع سعر الفائدة بنسبة 3 بالمائة مرة واحدة، ليصل سعر العائد على الإقراض والإيداع إلى 15.75 بالمائة و 14.75 بالمائة بالتزامن مع تحرير سعر صرف الجنيه، يهدف لجذب الاستثمارات الأجنبية.