نشرت صحيفة "جوبوليس" الفرنسية، تقريرا سلطت من خلاله الضوء على الفضيحة التي هزّت
الجزائر، على وقع اجتياح مكمّل غذائي "سحري" خاص بمرضى السكري للأسواق الجزائرية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الأحاديث الأخيرة التي تحوم حول "المنتج المعجزة"، وهو عبارة عن مكمل للوجبات الغذائية المخصصة لمكافحة مرض السكري، قد بينت مدى انتشار ظاهرة
الشعوذة والدجل في الجزائر، التي طالت أيضا وزير الصحة عبد المالك بوضياف.
وأضافت أن إطلاق هذا المنتج "الزائف" في السوق، منذ شهر كانون الأول/ ديسمبر 2016، قد تزامن مع حملة ترويجية ضخمة على إحدى القنوات التلفزيونية الخاصة، وأعرب وزير الصحة شخصيا، عن دعمه لمروج هذا المنتج، توفيق زعيبط، الذي تباهى بهذا "
الدواء" الذي يضمن شفاء محققا لكل من يتناوله، على حد تعبيره.
وأشارت إلى أن هذا المنتج قد شهد إقبالا كبيرا من قبل العديد من المواطنين في شرق وغرب البلاد، "وقد حقق هذا المنتج نجاحا منقطع النظير لدرجة أنه أصبح يباع في
السوق السوداء بأربعة أضعاف السعر المتفق عليه، الذي يقدر بحوالي 15 يورو لكل 50 حبة".
وبينت الصحيفة أن هذه الفضيحة، التي اهتزت على وقعها الجزائر، قد أثارت حفيظة الوسط الطبي الذي احتج ضد بيع هذا المنتج، خاصة أنه لم يصدر أي إذن ببيعه في الأسواق. وفي الأثناء؛ اعتبرت الصحافة الجزائرية مروج هذا الدواء مجرد دجال ومحتال.
وقالت إنه في ظل تعالي العديد من الأصوات المطالبة باستقالة وزير الصحة، عبد المالك بوضياف؛ تمكن هذا الأخير من السيطرة على الوضع وسحب المنتج من السوق منذ منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر.
ولفتت إلى أن عددا كبيرا من المتظاهرين الوافدين من 14 محافظة من البلاد، قد تجمعوا في مدينة قسنطينة، احتجاجا على سحب المنتج من السوق، رافعين لافتات تحت شعار "لا تحرمونا من رحمة الله، فهو الذي منحنا الأمل"، و"ارحمونا، نحن نطالب بإرجاع هذا المكمل الغذائي".
وأوضحت الصحيفة أن رئيس الجمعية الجزائرية لدراسة أمراض السكري، الدكتور مراد سمروني، قد نفى فاعلية هذا العلاج الوهمي "الذي دفع العديد من المرضى إلى التخلي عن أدويتهم وعلاجاتهم المعتادة في سبيل الحصول على هذا المنتج، الذي يعد خطرا من شأنه أن يهدد صحة المواطنين"، مؤكدا أن "هذا المنتج قد تسبب في دخول العديد من المرضى في غيبوبة سكرية".
وفي المقابل؛ أكد مروج المنتج، توفيق زعيبط، عدم خضوعه لأي إجراءات قضائية بخصوص الموضوع.
وأوضحت الصحيفة أن نظام الصحة العامة في الجزائر يشهد وضعا مترديا، نظرا لتدني الخدمات الصحية، وضعف كفاءة الطاقم الطبي في المستشفيات العمومية مقارنة بالمستشفيات الخاصة، مشيرة إلى أنه "ارتفع عدد المصحات الخاصة في السنوات الأخيرة، ومع ذلك فإن هذه المؤسسات ليست في متناول الجميع، وخاصة الفئة الفقيرة التي تسعى جاهدة إلى البحث عن حلول بديلة وأقل تكلفة من العيادات الخاصة".
ولفتت إلى أن المشروع الذي يهدف إلى إنشاء بنية تحتية جديدة في المجال الصحي، وتحديث الهياكل القائمة، قد تم تأجيله لأجل غير مسمى، بسبب تراجع أسعار النفط؛ مصدر الدخل الرئيس للبلاد.
وبينت أنه بعد فترة وجيزة من فرض الحظر على "الدواء" الخاص بمرض السكري؛ ظهرت قضية أخرى مثيرة للجدل، حيث تم إنشاء "مصحة مختصة في
الدجل والشعوذة بالبلاد"، تحت شعار "طرد الأرواح الشريرة" على حد تعبير الصحيفة، وتم افتتاح هذه المصحة في منطقة غليزان الواقعة في شمال غرب البلاد، من قبل راقٍ يُدعى "أبو مسلم بلحمر"، وبحضور العديد من المشاهير. ولكن هذه المرة؛ كان رد فعل السلطات أسرع من المتوقع، إذ أمرت بغلقها بعد مرور أقل من أسبوع عن افتتاحها.
وأوضحت أن "ظاهرة الشعوذة" قد انتشرت بشكل واضح ومأساوي في مناطق مختلفة من البلاد، مشيرة إلى أن هؤلاء المشعوذين يدعون القدرة على طرد الأرواح الشريرة من أجساد المرضى، ومعالجة النساء اللاتي يعانين من العقم والعين والحسد.
وفي الختام؛ قالت الصحيفة إن العديد من الأشخاص في الجزائر قد أدانوا هذه الممارسات، التي غالبا ما ترتكب من قبل أشخاص فقدوا إنسانيتهم، حيث يستغلون محنة وجهل المرضى، وخاصة الذين يعانون من مرض عقلي، علما بأن الكثير من الجزائريين قد وقعوا ضحية هذه الجرائم الفظيعة، مشيرة إلى أن الدكتور مراد سمروني أكد أن "عمليات الاحتيال والدجل تشهد رواجا كبيرا في البلاد، نظرا لانعدام أي ثقافة صحية في الجزائر".