ما زال
الفيروس الغامض الذي أصاب عددا من الأشخاص في
مصر، وأدى إلى وفاة ثلاثة أطفال، يثير حالة من الخوف والجدل في البلاد، خاصة بعد إعلان وزارة
الصحة عجزها عن التعامل مع هذا الفيروس أو معرفة طبيعته رغم مرور أكثر من أسبوعين على ظهوره.
وكان وزير الصحة أحمد عماد الدين؛ قد ذكر أن الوزارة تلقت إخطارات يوم 28 شباط/ فبراير الماضي بوجود إصابات بأعراض تشبه النزلات المعوية واشتباه بالتسمم، لنحو 15 شخصا من عائلتين تربطهما صلة قرابة ومقيمين في منزلين مستقلين بمحافظة القليوبية، معلنا وفاة ثلاثة أطفال حتى الآن بسبب هذا الفيروس الغامض.
اعتراف بالعجز
وأوضح الوزير، في تصريحات صحفية يوم الخميس، أن العينات التي أخذها الطب الوقائي من المأكل والمشرب والدم للمصابين؛ جاءت سلبية حتى الآن، مشيرا إلى أن الوزارة طلبت مساعدة هيئة الطاقة الذرية للكشف عما إذا كانت هناك أسباب إشعاعية لانتشار هذا المرض الغامض، مشيرا إلى أن لجنة من كلية الطب بجامعة عين شمس تقوم بمراجعة كافة التحاليل.
وقال عمرو قنديل، رئيس قطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة، إنه تم إجراء فحوصات معملية متقدمة للفيروسات والبكتريا المحتمل أن تكون سببا في ظهور هذه الأعراض، منها فحوص السموم والمعادن الثقيلة للحالات، ومسح ذري للأجسام المشعة عن طريق فريق من هيئة الطاقة الذرية، وتقصّ للحشرات ونواقل
الأمراض، ورصد وقياس لملوثات الهواء، وفحص الأغذية الجافة والمطهوة والمياه دون أن يسفر ذلك عن كشف أي بكتيريا أو سموم.
فيروس خطير
من جانبه، أوضح أستاذ السموم بجامعة عين شمس، محمد عمر، أن فريقا من الجامعة يجري الآن تحاليل طبية بعد أخذ عدة عينات من المرضى الذين ظهرت عليهم أعراض الإصابة بهذا الفيروس الغامض.
وأضاف عمر، لـ"
عربي21"، أنه لم تظهر على المصابين أي أعراض لبكتيريا معروفة، مرجحا أن تكون الإصابة نتيجة مهاجمة فيروس من نوع "إنترفيروس"، وهو نوع من الأمراض التي تصيب الإنسان أو الثدييات، وتكون قريبة من الأعراض التي ظهرت على المرضى قبل وفاتهم، موضحا أن "الفيروس الذي هاجم المصابين غير معدٍ، بدليل أن أقارب المتوفين أو المصابين وجيرانهم والمتعاملين معهم لم يحدث لهم شيء ولم يصابوا بالمرض"، وفق قوله.
وحذر عمر من أن "هذا الفيروس خطير على الأطفال وكبار السن بشكل خاص، حيث يكونون أكثر عرضة للإصابة به بسبب ضعف مناعتهم، لأن الإنتروفيرس له أعراض خطيرة، ويسبب التهاب السحايا عند الأطفال".
وحول تأخر وزارة الصحة والأطباء في تشخيص المرض أو معرفة كيفية التعامل معه، قال عمر إن "هذا الفيروس من الفيروسات النادرة، وهذه هي المرة الأولى الذي يتم اكتشافه في مصر"، مشيرا إلى أن "هناك الكثير من الأمراض التي يعجز العلم عن اكتشافها والتعامل معها، وهذا الفيروس أحدها"، كما قال.
فشل جديد للحكومة
من جهته، قال الباحث بمركز الأهرام، جمال عودة، إن "هذا الحدث يعد فشلا جديدا يضاف لإخفاقات وزارة الصحة ووزيرها أحمد عماد الدين؛ بعد الكوارث التي حدثت في عهده خلال الشهور الماضية، ومن بينها زيادة أسعار الدواء واختفاء مئات الأصناف من الأسواق".
وأضاف عودة لـ"
عربي21" أن "الوزارة في بداية الأمر لم تصرح بأي شيء لوسائل الإعلام عن هذا المرض بسبب عجزها عن تشخيصه، وحينما وجدت أن الموضوع تحول إلى قضية رأي عام أصدرت بيانا ركيكا لحفظ ماء وجهها"، وفق تقديره.
وأكد أن هذا "التعامل مع القضية يعد فشلا لمنظومة الصحة ككل"، متسائلا: "كيف يكون لدينا هذا العدد الضخم من الأطباء في كافة المجالات، ولا نستطيع أن نشخص مرض أصاب العشرات أو نعرف أسباب وفاة بعضهم داخل مستشفى حكومي؟"، متوقعا أن تتم إقالة وزير الصحة نفسه لو استمر فشل الوزارة في معرفة حقيقة المرض والتعامل معه، على حد قوله.
أما أستاذ العلوم السياسية، محمود فكري، فطالب بانتظار نتائج التحاليل التي تجريها وزارة الصحة لمعرفة أسباب هذا المرض، مضيفا: "من الناحية السياسية فإن الوزارة مخطئة لأنها فشلت في معرفة أسباب مرض بعينه خصوصا أن المؤشرات تقول إنه قريب من أعراض الإنفلونزا وهناك مراكز بحثية تابعة لوزارة الصحة من دورها أن تكتشف الأسباب الحقيقية لذلك".
واستبعد فكري، في حديث لـ"
عربي21"، أن تؤدي هذه الحالة لإقالة وزير الصحة؛ فقد سبق وأن حدث عدة مرات من قبل إصابات ووفيات في مستشفيات حكومية دون معرفة حقيقة مرضهم سريعا، مشيرا إلى أن وزير الصحة الحالي "حدثت في عهده كثير من السلبيات، ومع ذلك لم يتم تغييره في التعديل الوزاري الأخير".