كان سامي نوري في سن الرابعة عشرة عندما تركه مهرب في محطة قطارات فرنسية. وبعد ست سنوات على ذلك فتح هذا
اللاجئ الأفغاني مشغلا له في باريس بعدما تدرب لدى المصمم جان بول غوتييه، وهو يحضر لعرض
أزياء في تموز/يوليو المقبل.
ويقول الشاب بثقة "كان ذلك حلمي.. أن يكون لي مشغل وأعمل لحسابي. هدفي هو أن أوسع هذا المشغل وأجعل أشخاصا آخرين يعملون فيه".
أقام نوري في مشغله الواقع في فناء داخلي طاولة كبيرة وعارضة خياطة وآلة خياطة ولوحا للكي. ويعرف هذا الشاب البالغ 21 عاما استخدام آلة الخياطة منذ كان في سن الثامنة.
وكان الصبي يومها يقيم في إيران مع والديه اللذين فرا من منطقة مزار الشريف في شمال أفغانستان.
ويروي قائلا "الحياة كانت قاسية جدا لم أكن قادرا على التوجه إلى المدرسة أو الخروج من مسكننا لأنني لم أكن أملك الوثائق".
وتعلم الخياطة من والده الذي كان يعمل في هذا المجال. ويوضح "كنا نخيط 200 قطعة في الاسبوع كانت الكمية هائلة فكنا نعمل من الصباح إلى المساء". كانت العائلة تحلم بالوصول إلى أوروبا.
وفُصل سامي عن والديه وشقيقته واهتم به مهرب رافقه حتى
فرنسا. إلا أنه هجره ما إن وصل الى محطة تور في وسط فرنسا الغربي.
ويروي قائلا "قال لي أن أنتظره فهو ذاهب لجلب سيارة. انتظرت طويلا لكنه لم يعد. لم أكن اعرف مكان وجودي حتى".
وانتهى المطاف بالمراهق الذي لا يتقن لا الفرنسية ولا الإنكليزية، بعدما هام ليلة كاملة، في مقر الشرطة ووضع في مركز لاستقبال اللاجئين ومن ثم في عائلة.
بقي سنة ونصف السنة لا يتلقى أي أخبار عن عائلته قبل أن يتمكن بفضل وسائل التواصل الاجتماعي من العثور على والدته وشقيقته في أورليان على بعد حوالى مئة كيلومتر. إلا أنه يؤكد أنه فقد الاتصال بوالده ويجهل مصيره.
وبفضل مهارته في الخياطة، نجح في دخول مدرسة مهنية متخصصة بالموضة.
وتروي آسيا التي تدير مشغل التعديلات في "جوبا كوتور" في تور حيث أجرى سامي تدريبا، أنها "صعقت" بمهارته.
وتقول إنه كان يأتي إليها أولا لتعلمه كيفية العمل إلا أنها اكتشفت أنه أسرع منها في بعض المهام.
وطرق بعدها أبواب كبرى دور الأزياء الباريسية موجها 70 رسالة في هذا الاطار.
وقد تلقى ردا إيجابيا من ماركة جون غاليانو حيث أمضى ثلاثة اسابيع. ومن ثم خضع لتدريب لدى دار جان بول غوتييه استمر أكثر من سنتين.
واكتشف فيها الأزياء الراقية و"العمل اليدوي وبحسب الطلب والحرص على التفاصيل الدقيقة والأقمشة ذات النوعية العالية". وشارك خصوصا في إنجاز فستان لكايلي مينوغ.
حصل على الجنسية الفرنسية، وفشل في الحصول على شهادة مدرسة الغرفة النقابية للموضة في باريس، إلا أنه يريد الآن أن يحلق بنفسه. وهو ينوي تنظيم عرض للأزياء في قصر يعود إلى عصر النهضة قرب فوجير في منطقة بروتانييه.
وقد قدم له المكان مقاول دنماركي يدعى مايكل لينوف "تأثر" بقصته و"بموهبته وشخصيته الخارجة عن المألوف".
ويشدد الرجل البالغ 51 عاما "أتمنى أن ينجح وهو يحتاج إلى من يدله إلى الطريق ويقف إلى جانبه فهو لا يزال يافعا. إنه شاب طموح جدا. ويتمتع بطباع... ويرتكب الحماقات أحيانا!"
ويضيف "هو أيضا مثال على أن الأجانب يحركون فرنسا. أنا اندمجت في المجتمع الفرنسي واستحدثت وظائف وهو سينتج ثروات".
وماذا عن عرض الازياء المقبل؟ يكتفي سامي الذي بات معتادا على وسائل الاعلام، بالقول إنه يريد حدثا على عدة أيام مستوحى من قصته.