أعلن المكتب العام لجماعة
الإخوان المسلمين
المصرية (مكتب الإرشاد المؤقت)، المعبّر عما يُعرف إعلاميا بـ"تيار التغيير" أو "القيادة الشبابية"، مساء السبت، عن إصدار ورقة التوصيات الختامية للتقييمات الخاصة بأداء جماعة الإخوان خلال السنوات الست الماضية (من كانون الثاني/ يناير 2011 إلى كانون الثاني/ يناير 2017)، التي حملت عنوان (إطلالة على الماضي- ملفات ما قبل الرؤية).
وتضمَنت التوصيات أبرز الخُلاصات التي تناولها ملفا التقييم الصّادران خلال الفترة السابقة، وشملت 14 بندا هي اعتبار مسألة التقييم الدائم للمسارات والأعمال والمواقف مسألة وجود ومبدأ لا غنى عنه، والعمل على توطين المؤسسات الفنية المستدامة ومؤسسات الخبرة، ووضع السياسيات والاستراتيجيات اللازمة والضامنة للتركيز على مبدأ التخصُّص في المجالات المختلفة.
كما أوصت بالعمل على ضبط الخطاب الإعلامي ودراسة أساليبه، وزيادة هامشه الأكاديمي والفني، والبدء في تدشين مشروع فكري تنظيري علمي نابع من أدبيات الإخوان، والعمل الدؤوب على إنجاز مشروع (تدريب الكوادر) و(التعليم الهادف)، والعمل على ضبط التصورات اللازمة لإنجاز إطار سياسي متكامل للعمل خلال الفترة القادمة، وبذل الجهد، والاستجابة، والتعامل الجدّي مع أي مبادرات تعمل على إزالة الخلاف بين مفردات الإخوان.
ودعت التوصيات إلى "تمتين المسار الثوري، والعمل على تقوية مساراته، وضبط مصطلحاته وتعريفاته، والعمل على تعزيز التواصل مع الكيانات والمؤسسات الدولية، وزيادة الاهتمام بملف توثيق جرائم الانقلاب العسكري، وإعادة طرح (مسودة) اللائحة الجديدة للإخوان ومؤسساتهم للنقاش والضبط، والقراءة المُتأنّية والدراسة الجادة لحركة الثورات الشعبية والانقلابات العسكرية، وتكليف لجنة من المتخصصين والباحثين لإعادة قراءة وتحليل التراث الإخواني منذ البنا وحتى الآن".
مقدمة
وجاء في مقدمة الورقة أنه "في مقدمة ملف التقييمات سطَّرنا تلك الجملة واستفتحنا بها (إن الشعوب والجماعات والدول والأمم تتقدَّم بمقدار ما تُؤمن به من المبادئ، وبقدر ما تحصّله من المعارف)، ونحن إذ نستدرك على ذلك فنقول: إن التقدُّم إنما يحدث وفق ذلك إذا اقترن وتوازى مع العمل الفعال المتقن والتدافع البشري وفق مئات السُّنن التي أرساها الله تعالى في التدافع والعمران البشري، وليس ذلك بمسألة العقيدة والإيمان والحصيلة المعرفية والنية الصالحة والتضحيات الجسيمة وحسب (برغم كونها أمورا جوهرية معتبرة)، لكنها ليست وحدها تُحقّق نصرا إلا إذا اقترنت بعمل يُوافق سنن الله لتنزُّل النصر وتجدُّد الأمل، فبعد الرسالة المحمدية لا معجزات خارقة، لكننا أمام مجموعة من السُّنن التي لا يَحيد عنها الكون، والتي تحتاج إلى علم ومعرفة وتقليب وفكر وجهاد وتخطيط وعمل صحيح، سواء بسواء، مع الاعتقاد الصحيح والتعبُّد الوافي والنوايا الصالحة.
ونحن إذ نعمل على ذلك، نسعى لتحصيل العلم وحيازة الخبرات، والاستفادة من التجارب والنقد والمراجعة والتقييم.. نعرض هنا لأهم التوصيات التي خرجنا بها من ملفيْ التقييمات؛ ليقوم عليها العمل، وتتضامن فيها الجهود بقادم الأيام.
نطرح تلك التوصيات باعتبارها خلاصات من ملفات التقييمات تتكامل مع الرؤية والخطط التنفيذية، جهد نرجو من الله قبوله وتوفيقنا في إنفاذه".
وفيما يلي نص التوصيات:
أولا: اعتبار مسألة التقييم الدائم للمسارات والأعمال والمواقف مسألة وجود ومبدأ لا غنى عنها، ولا ينصلح الحال إلا بوجودها، وهي واجب (المؤسسات الشورية المنتخبة)، فضلا عن المؤسسات المتخصصة وعموم الصف، وكذا عموم الناصحين والحريصين على فكرتنا من خارج الإخوان في الفضاء الإسلامي أو غيره.
ثانيا: العمل على توطين المؤسسات الفنية المستدامة ومؤسسات الخبرة، وعدم كونها موسمية أو ظرفية، بل مؤسسات دائمة تُقدّم الدراسات والأبحاث والخلاصات بحسب الوظيفة والتكليف، والقيام بكل ما يلزم من الاستعانة بالمتخصصين والباحثين وأصحاب الصّنعة والعلم.
ثالثا: وضع السياسيات والاستراتيجيات اللازمة والضامنة للتركيز على مبدأ التخصُّص في المجالات المختلفة التي تحتاجها الفترة الحالية، والتي تدخل في صُلب عمل الإخوان، دونما تعارض بين شمولية فكر الجماعة وذلك التخصص، عملا بمبدأ شمولية الفكرة وتخصصية التنفيذ، ويكون التخصُّص الوظيفي والمؤسساتي والهدفي داخل تلك الشمولية بالفصل الواضح بين المهام المختلفة في جانب (المؤسسة والفرد)، وخاصة التمييز بين ما هو ثوري وسياسي وحزبي، وبين ما هو دعوي وتربوي وفكري، فلكل أهدافه ومهامه ومؤسساته ومتخصصيه وأفراده الداعمين وفق الأهداف والاستراتيجيات الكلية، ولا حاجة للتداخل بقدر الحاجة لمزيد من التخصص والعلم وتجويد العمل داخل المنظومة الشاملة، التي ترعى الجميع وتمُدّ الجسور بين الكل، وتُوزّع المهام، وتضع التصورات والرؤى، وتُصدر التكليفات، وتُراعِي الفروق، وتضمن الجودة، وتُذلّل العقبات؛ للوصول للتناغم المنشود المُحقّق للشمولية.
رابعا: العمل على ضبط الخطاب الإعلامي ودراسة أساليبه وزيادة هامشه الأكاديمي والفني؛ ليواكب متطلبات الفترة، والسعي لحيازة كل فنونه وعلومه، واستثمار الكوادر الموجودة، والعمل على تنميتها.
خامسا: البدء في تدشين مشروع فكري تنظيري علمي نابع من أدبيات الإخوان وداعم لها، يعمل على إنضاج أفكارها، ومواكبتها لتقنيات العصر، وضبط سبل معالجة مجريات الأحداث المتسارعة، وتكوين أرضية علمية رصينة ينطلق منها العمل، وكون ذلك تكليفا من جهة (داخل المؤسسة) وطلبا من جهة أخرى (فيما يخص أهل التخصص من غير الإخوان) وجمعا وتوثيقا من جهة ثالثة، إطاره ومحتواه حصيلة جهود كثير من علماء وفقهاء ورواد الفكر من الإخوان وغيرهم (وقد أبدَى الكثير منهم رغبة في التعاون في الفترة الأخيرة التي واكبتْ طرح التقييمات).
سادسا: العمل الدؤوب على إنجاز مشروع (تدريب الكوادر) و(التعليم الهادف)؛ ليكون ملكا وذُخرا لأمتنا ووطننا وجماعتنا.
سابعا: العمل على ضبط التصورات اللازمة لإنجاز إطار سياسي متكامل للعمل خلال الفترة القادمة فيما يخصُّ جوانب استعادة الثورة، وإعادة نسج العلاقات، ولملمة الشتات بين جميع مفردات ثورة يناير (دون تلك القوى التي تخلَّت عن الثورة، والتي ما زالت تضع يدها في يد الانقلاب)، والعمل على تثبيت أرضية مشتركة يُمكن الانطلاق منها نحو استعادة الوطن ومكتسبات الثورة، انطلاقا من قضايا الشرعية، وردّ الحقوق والمظالم، وخروج كافة المعتقلين السياسيين، وتعويضهم، وهي القضايا العادلة التي لا يمكن التخلّي عنها بحال.
ثامنا: ضرورة بذل الجهد والاستجابة، والتعامل الجدّي مع أي مبادرات تعمل على إزالة الخلاف بين مفردات الإخوان، على أن تكون أرضيتها المؤسسية والشورى والشفافية ورأي الصف، دونما أن يتسبَّبَ ذلك في تأخر إنجاز أو تحلُّل من واجب، وأن نجعل نُصب أعيننا جمع الشَّمْل على الصواب، ووحدة الصف على بصيرة، في جوّ من الأخوة الناصحة وتجرُّد القصد.
تاسعا: تمتين المسار الثوري، والعمل على تقوية مساراته، وضبط مصطلحاته وتعريفاته، والسعي نحو توحيد الجهود على إنجاحه، والتأكيد على إيضاح معالمه وضوابطه وزيادة مساحاته.
عاشرا: العمل على تعزيز التواصل مع الكيانات والمؤسسات الدولية لإعادة إنتاج وتوضيح واقع مصر الحقيقي، وعدم الاستسلام للواقع المزيف الذي يسعى الانقلاب لتثبيته، وشرح قضية مصر العادلة في كافة الأوساط بجميع اللغات، والاستعانة في سبيل ذلك بالخبراء والمتخصصين والمستشارين والمراكز والمؤسسات.
حادي عشر: زيادة الاهتمام بملف توثيق جرائم الانقلاب العسكري، وضمّ جرائمه الجديدة، وضبط وصفها القانوني، وإعادة طرق كل الأبواب وسلوك كافة السبل للاستمرار في طرحها قانونيا وقضائيا وحقوقيا وإعلاميا، لئلا تضيع حقوق الوطن والمُضارين وأهليهم، وجمع كل الجهود وتيسير كل السبل لإنجاز ذلك.
ثاني عشر: إعادة طرح (مسودة) اللائحة الجديدة للإخوان ومؤسساتهم للنقاش والضبط لإنجاز مشروعها في أقرب وقت؛ لتكون جاهزة للتفعيل خلال الدورات الانتخابية القادمة.
ثالث عشر: القراءة المُتأنّية والدراسة الجادة لحركة الثورات الشعبية والانقلابات العسكرية ووسائل الثورات المضادة، وكذا تجارب (حركات التحرير الوطني)، الإسلامي منها وغير الإسلامي، وقراءة تجارب الأحزاب والحركات ذات التوجه الإسلامي، وبخاصة التي وصلت للحكم في بلاد مختلفة؛ للاستفادة من تجاربها، والوقوف على أسباب الإخفاق والنجاح، واستخراج الخلاصات والنتائج والقيم التي يجب أن نُراعيها خلال الفترة القادمة.
رابع عشر: تكليف لجنة من المتخصصين والباحثين لإعادة قراءة وتحليل التراث الإخواني منذ البنا حتى الآن؛ لإعادة طرحه عصريا، والاستفادة من سياقاته التاريخية، وإخراج ما اندثر منه لدائرة الضوء مرة أخرى، والانتصار للفترات التي ظُلمتْ وصفا أو بحثا أو تاريخا. ليتكامل ذلك مع المشروع التنظيري الذي ورد ذكره في البند خامسا .
وفي 20 آذار/ مارس الماضي، انفردت "
عربي21" بنشر تفاصيل الجزء الأول من ملف نتائج مراجعة وتقييم أداء جبهة تيار التغيير داخل جماعة الإخوان المسلمين بمصر خلال السنوات الست الماضية (من كانون الثاني/ يناير 2011 إلى كانون الثاني/ يناير 2017). وأثارت تلك التقييمات ردود فعل متباينة، سواء بالنقد أو الترحيب أو التحفظ.
اقرأ أيضا:
"عربي21" تنفرد بنشر تفاصيل نتائج تقييم أداء "شبابية الإخوان"
يذكر أن المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان، طلعت فهمي، أكد أنه لم يصدر عن أي من مؤسسات الجماعة أي أوراق بشأن
مراجعات أو تقييم لأحداث، مشدّدا على "عدم صلة الجماعة بما تناولته بعض وسائل الإعلام بهذا الخصوص".
اقرأ أيضا:
الجبهة التاريخية بالإخوان: لم نصدر أي أوراق بشأن المراجعات