أثارت تصريحات لأحمد قذاف الدم، ابن عم الزعيم الليبي الراحل معمر
القذافي، المخاوف من سعي أتباع النظام السابق للإمساك مجددا بزمام
الحكم في
ليبيا.
وكان قذاف الدم، منسق العلاقات الليبية المصرية السابق، قد تحدث احتمال عودة "أتباع" القذافي إلى المشهد السياسي، والوصول إلى مناصب قيادية في الدولة عبر صندوق الانتخابات، كما قال لوكالة "نوفوستي" الروسية.
وأشار إلى أنه تتم إعادة تعبئة مناصري القذافي، معتبرا أن أعدادهم في ازدياد. وقال: "السياسيون الليبيون الموجودون في
السلطة الآن، جاؤوا بدعم من حلف الناتو، وفي النتيجة عمت النزاعات الدموية التي أوصلتنا إلى الحرب الأهلية"، بحسب تعبيره.
اقرأ أيضا: قذاف الدم يلمح لإمكانية رجوع مناصرين للقذافي للحياة السياسية
وجاءت هذه التصريحات صادمة للبعض، لا سيما مع الاعتقاد بأنه لا يتحدث من فراغ، وأنه يتحرك بدعم إقليمي ودولي، في حين اعتبر البعض أن مشاركة فلول النظام السابق في الانتخابات حق مشروع ولا يمكن لأحد إقصاؤهم، طالما لم يتورطوا في جرائم.
لكن ظهور قذاف الدم في هذا التوقيت، طرح تساؤلات؛ من قبيل: كيف سيعود أتباع القذافي ومناصري "الجماهيرية" (نظام القذافي) إلى المشهد وهناك قانون للعزل السياسي؟ ومن سيدعمهم داخليا؟ وهل بالفعل بدأ البعض يحن إلى عهد القذافي بعدما رأى إخفاقات الساسة بعد الثورة الليبية في 2011؟
ما الدليل؟
من جهته، قال العضو السابق في المؤتمر الوطني العام الليبي، فوزي العقاب، إن "قياس الرأي العام أمر يحتاج إلى مراكز دراسات وعمل ميداني، ويحتاج إلى وقت وجهد، وأعتقد أن قذاف الدم لم يقم بذلك، حتى يقول إن أعداهم في ازدياد".
وبخصوص عودة أتباع القذافي للمشهد، أوضح العقاب، في حديث لـ"عربي21": "كل ليبي لم يقم بجرم جنائي أو انتهاك حقوقي أو فساد مالي، مهما كانت توجهات السياسية له الحق أن يشارك أو يمارس العمل السياسي وفقا للآليات الديمقراطية، لكنني أتصور أن الليبين لن يستجيروا من الرمضاء بالنار"، حسب قوله.
ورأى رئيس مجلس أعيان ليبيا للمصالحة، محمد المبشر، أن "عودة نظام القذافي بكل تفاصيله غير ممكن إطلاقا، لكن من الممكن أن ينتخب الناس بعض أنصار النظام بسبب فشل الكثير من القيادات الحالية في إيجاد الاستقرار والأمور الخدمية للمواطن، وحالة الإحباط الذي يعانيها المواطن من ذلك"، مضيفا: "بصراحة هذا الصوت موجود بين الناس وأسبابه معروفه"، حسب قوله لـ"عربي21".
شيء صحي
المحامي من الشرق الليبي، عصام التاجوري، رأى من جهته؛ أن "كلام قذاف الدم لا يوجد به أي مخالفة للمفهوم الديمقراطي المنشود انطلاقا من حق المواطنة، بالعكس هذا شيء صحي ولا ضير فيه في ظل ممارسة ديمقراطية حقيقية"، على حد وصفه.
وتابع: "الأمر متروك لخيارات الناخب عبر صندوق الاقتراع، لكن السؤال هنا: هل سيتقدم هؤلاء بشكل فردي أو عبر تنظيم سياسي معلن، حتى نستطيع الحكم إن كان التنافس سيكون علنيا وفقا لآراء وبرامج واضحة؟ أم هو ترشح على نمط فردي؟"، كما قال لـ"عربي21".
ثورة مضادة
وقال الناشط الحقوقي الليبي، نبيل السوكني: "أحمد قذاف الدم يعيش في وهم كبير ولا يعايش الواقع، وتصريحاته عبر قنوات الدفع المسبق من قبل الأموال الليبية التي سرقها؛ في قمة الغباء السياسي، والثورة المضادة التي يقودها ومن معه من وزراء قتلة؛ لم يكونوا يوما رجال سياسية أو دولة، بل كانوا بيادق ليس إلا"، على حد تعبيره.
واستدرك في حديثه لـ"عربي21"، قائلا: "الشعب الليبي ليس غبيا أو منحرفا كي ينتخب مجموعة نقلت ليبيا خلال 42 عام (فترة حكم القذافي) إلى قمة التخلف فى جميع المجالات، بإشراف قذاف الدم الحالم ومن معه"، كما قال.
لكن الإعلامي الليبي، محمد السلاك، رأى من جانبه؛ أن "قانون العفو العام الذي سنه البرلمان الليبي ربما يكون أحد دوافع قذاف الدم على هذه الخطوة"، مضيفا: "هذا من ناحية قانونية، ومن ناحية أخرى قد يستند على حالة التململ التي تنتاب المواطن الليبي الآن تحت وطأة الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها".
وأضاف لـ"عربي21": "لكن من ناحية واقعية، لا أتصور أن مسألة العودة بهذه السهولة في ظل حالة الاستقطاب والانقسام السياسي، مع عدم إغفال أن النظام السابق له نصيب في الوصول إلي هكذا مشهد، وهذا لا يعني أيضا أن إفرازات ثورة فبراير بريئة"، وفق قوله.