تعيش
تونس منذ يومين على وقع حملات توقيف شملت رجال أعمال وشخصيات هامة عرفت بنشاطها في مجال التهريب علاوة على إصدار قوائم منع من السفر بحق شخصيات أخرى وفقا لمصادر إعلامية.
وبدأت هذه الحملة بتوقيف رجل الأعمال المُقرّب من حركة نداء تونس، شفيق جراية، والمرشّح السابق للانتخابات الرّئاسية ياسين الشنوفي واشتملت على مُداهمة مخازن البضائع المُهرّبة، في عملية هي الأولى من حيث الحجم والشّكل منذ اندلاع الثورة بتونس سنة 2011.
وتباينت آراء التونسيين بشأن أخبار التوقيفات بين مرحبين ومؤيدين لها من جهة وبين متحظفين ومشككين بها من جهة أخرى.
الحرب المُقدّسة على الفساد
ودعا عدد من النّاشطين على صفحات التواصل الاجتماعي لدعم الحكومة في حربها على الفساد والضغط عليها لمواصلة المسار الذي مضت فيه حتّى النّهاية.
وكتب النّاشط حسام الحجلاوي، على حسابه في "تويتر"، تغريدة رأى فيها أن ما يحصل هو أحد المطالب التي قامت عليها الثّورة داعيا إلى "الضرب على الحديد وهو ساخن من أجل القضاء على الفساد" على حد وصفه.
من جهته؛ اقترح نور الدين الختروشي، تنظيم مسيرة مليونية لدعم الحكومة ودفعها لتذهب إلى أبعد حد في هذه الحرب المشروعة، وفق تعبيره.
واعتبر الختروشي، في تغريدة على حسابه في فيسبوك أن الشارع هو صمام أمان الوطن ويمكن أن يتحوّل لـ"درع الدّولة في حرب المصير".
ترحيب وتردد
وقال القيادي في حزب حراك تونس الإرادة المُعارض، البشير النفزي، إنه استقبل أخبار
الاعتقالات كبقية التونسيين بالاستبشار ولكن بكثير من الحذر والتأني لفهم ما ظهر وما خفي من هذه الحركة غير المسبوقة، وفق تعبيره.
وأَضاف النفزي، في تصريح لـ"
عربي21"، أن الاستبشار نابع من تجرؤ رئيس الحكومة على الدخول لما أسماه "عش الدبابير" والمرور بسرعة قصوى من خلال الإيقافات والتضييقات على بعض أباطرة الفساد، وهي خطوة جريئة وعملية لا يمكن إلا أن تتم مباركتها ومساندتها.
واستدرك قائلا: "في المقابل هناك كثير من الحذر لأن قرار شن هذه المعركة كان متزامنا مع انتكاسة وفشل حكومي في معالجة أحداث الكامور والذي بلغ مداه بمقتل الشهيد السكرافي، وبالتالي الحذر مرده محاولة فهم النوايا، هل هو إعلان حرب على الفساد والمفسدين بأجنحتهم ولوبياتهم على تنوعها أم هي محاولة للتمويه والتغطية على أحداث الكامور".
تشكيك وتحذير
وبالنّظر لظرفية شن هذه الحملات، خاصة بتزامنها مع حالة الاحتقان غير المسبوقة التي شهدتها محافظة تطاوين بالجنوب التونسي (أحداث الكامور)، والغياب شبه الكلي للتصريحات الرّسمية من طرف الحكومة، اعتبر عدد آخر من التونسيين أن ما يجري هو مجرد تلاعب بالرأي العام ومحاولة لامتصاص حالة الغضب الاجتماعي، في حين ذهب آخرون لاعتبارها تصفية حسابات بين الفاسدين فيما بينهم باستعمال أجهزة الدّولة.
وعلى صعيد آخر، تعالت بعض الأصوات المُحذّرة من وقوع انتهاكات قانونية في متابعة الموقوفين، خاصة وأن رئيس الحكومة اعتمد على حالة الطوارئ لإدارة العملية باعتبارها أسرع، وفق تصريح مستشاره الاقتصادي، رضا السعيدي.