كشف قرار السعودية والبحرين والإمارات قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر عن جوانب أخرى في الخلافات، تجاوزت حدود العلاقات السياسية إلى أبعاد اجتماعية ودينية جديدة، عبر ناشطون من أن تؤدي إلى آثار سلبية على صعيد البنية الاجتماعية الخليجية، وبالتالي تهديد النسيج الاجتماعي الخليجي بشكل عام.
وفي متابعة لما نشر على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية يظهر حجم كبير من الجدل الاجتماعي والديني الذي نشب بين الخليجيين بشأن الخطوات التي أقدمت عليها السعودية والإمارات والبحرين ضد الجارة قطر.
وتحولت الوسوم "الهاشتغات" على موقعي "تويتر" و"فيسبوك" إلى ساحات جدل، وجدل مضاد لجوانب أخرى غير سياسية تناولها الخليجيون خصوصا والعرب عموما حيال هذه الأزمة التي تعصف في البيت الخليجي، الذي طالما تفاخر قادته بأنه عصي على الخلافات والتشرذم في ظل ما شهدته المنطقة العربية من انقسامات.
وتاليا جوانب غير سياسية تميزت بها حالة الخلاف الخليجي -الخليجي هذه المرة، تجاوزت ما كان يظنه الخليجيون خطوط حمراء لا يجوز التعدي عليها تحت أي ظروف من ظروف الخلاف:
من الجوانب اللافتة التي تطرق لها الخليجيون في نقاشاتهم بشأن الأزمة، هو إعلان الدول المذكورة قطع العلاقات الدبلوماسية في رمضان، وهو الشهر الذي يفترض أن توثق فيه صلة الرحم والقرابة بين المسلمين.
وتساءل ناشطون ومغردون عن أسباب ودوافع أن يكون القرار الخليجي في هذا الشهر بالذات، بدلا من أن يكون فرصة للتقارب وحل الخلافات، حيث غرد الباحث والمفكر محمد مختار الشنقيطي بالقول: "أسألكم بالله أيهما أرضى لله في شهر رمضان يوم الذكرى الخمسين لاحتلال القدس والأقصى قطع العلاقات مع قطر أم قطع العلاقات مع إسرائيل؟!".
دون مهلة
كما أدت الإجراءات المترتبة على إعلان قطع العلاقات وما ترتب عليها من طلب مغادرة الرعايا القطريين للدول الثلاث دون مهلة كافية حالة من الاستياء، لا سيما وأن الحديث يدور عن دول تعتز شعوبها بالعادات العربية الأصيلة وفي مقدمتها إكرام الضيف مهما كان الخلاف معه.
كما أدى الإعلان عن هذه الإجراءات إلى إرباك واستياء بين آلاف المعتمرين القطريين الذين كانوا يؤدون شعائر العمرة في الديار المقدسة، وألغيت رحلات الطيران الخاصة بهم وتتقطع بهم السبل، قبل أن تتدخل حكومتهم وتطلب من شركات طيران لدول أخرى بنقلهم.
قطع الأرحام
جانب آخر ركز عليه المغردون، يتعلق بصلة الأرحام، لا سيما في ظل التداخل الكبير في القرابة والأنساب بين السعوديين والقطريين، بل إن العائلة الأمريكية القطرية آل ثاني تعود في أصلها إلى منطقة نجد.
وأدى قرار السعودية بقطع العلاقات وإغلاق الحدود مع قطر والطلب من الرعايا القطريين مغادرة البلاد، إلى حالة من الإرباك سرعان ما تفاعلت على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال حالات كثيرة تقطعت بها السبل، بين زوج سعودي وزوجة قطرية أو العكس.
كما ناشد مغردون سعوديون السلطات السعودية بأن تحصر الخلافات السياسية بالمستويات الرسمية، وعدم زج الشعبين القطري والسعودي في أتون خلافات ستعمل على قطع أواصر القرابة والمصاهرة الممتدة بينهم منذ قرون.
شتائم وإساءة للأعراض
ولعل من أخطر ما أفرزته الأزمة، حجم الشتائم والإساءات التي تعرضت لها قطر كدولة وشعب والعائلة الحاكمة كأشخاص، وهو ما أثار حالة من السخط في الشبكة العنكبوتية، خاصة في ظل مجتمعات قبلية وعشائرية تقبل الخلاف لكنها لا تقبل الخوض في الأعراض والأنساب.
وانتشرت تغريدات كثيرة من مؤيدي ومعارضي قطر وسياساتها على حد سواء، تتحدث عن الخلاف كحالة طبيعية بين الدول، لكنها ترفض بشكل قاطع الإساءة والشتائم التي تنال الأعراض والعائلات.
وظهرت تغريدات لسياسيين وإعلاميين سعوديين وإماراتيين تتعرض لأمير قطر ووالدته بشكل مباشر بألفاظ بذيئة تارة، وتارة أخرى تتندر على القطريين بعد قطع العلاقات وحالة الأسواق لديهم، وهو ما قوبل بحالة من الرفض من مؤيدين ومعارضين لقطر كونها تتجاوز حدود الأخلاق والعادات والتقاليد.