كتاب عربي 21

لبنان وقطر إلى محور أستانا؟

1300x600
يقبع سياسي لبناني منذ أيام في الرياض على أمل تحديد موعد له للقاء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أو من يليه، وفي الانتظار نُصح السياسي بألا يتطرق حديثه مع القيادة السعودية إلى شؤون لبنان الغائب تماما عن الأجندة السعودية الزاخرة بخلافات مختلفة مع الجيران في اليمن والعراق ومؤخرا في قطر. وذلك على الرغم من أن رئيس الحكومة اللبنانية ورئيس أكبر كتلة نيابية سعد الحريري يدين بالولاء للمملكة الزاهدة بمقارعة النفوذ الإيراني في بلاد الأرز. فمن يملأ فراغ الرعاية الخارجية للطائفة السُنية في المعادلة اللبنانية؟

لبنان المتأثر بعمق بالشأن السوري هو الميدان الأنسب لاختبار نجاح حوار القوى الإقليمية حول سوريا؛ذلك أن بيروت التي تتمتع باستقرار أمني تشكل مركز ثقل لعائلات روحية متشابهة مع النسيج الديمغرافي السوري، ولها أبعادها الخارجية في الثلاثي الروسي التركي الإيراني، الذي يمكن أن يطلق عليه محور "أستانا"، نسبة إلى اجتماعات مؤتمر الحوار السوري بين النظام والمعارضة القائم برعاية وضمانة الدول الثلاث، وبرضى واشنطن الزاهدة ببلاد الشام الفقيرة نسبيا (قبل اكتمال إجراءات استخراج النفط والغاز من مياهها الإقليمية)، والقانعة بفيلم حماية الخليج من إيران بالتعاون مع "إسرائيل".

وهكذا سيكون المجال مفتوحا، بل ربما مطلوبا من تركيا أن تملأ الفراغ وتشمل سُنة لبنان في رعايتها
ضمن سلة الحلول التي تلوح في أفق "أستانا" بالشراكة مع روسيا، التي صرحت قيادتها أكثر من مرة بأنها معنية بحماية المسيحيين في المنطقة، ومع إيران زعيمة الوجود الشيعي في الوقت الراهن. 

وإذا كانت قطر دولة حليفة للجمهورية التركية الحالية، فإن إجراءات المقاطعة التي صدرت بحقها من قبل جيران خليجيين تحديدا، ستجعلها دولة شريكة بالكامل لتركيا لا سيما في الحضور والنفوذ العربيين. 
وللدوحة خبرتها في بلاد الشام ولا سيما في لبنان الذي رعت توافق طوائفه وقواه السياسية والعسكرية في مؤتمر احتضنته لهذه الغاية صيف 2008، بعد اضطرابات أمنية شهدتها بيروت والمناطق، ترافقت مع فراغ في المؤسسات الدستورية.

لكن تيار المستقبل الممثل للسنة والمحسوب على السعوديين لن يستسيغ التعامل مع الأتراك والقطريين، في ظل أزمة الثقة القائمة بين الرياض والدوحة التي يُرجح أن تمتد إلى أنقرة. لكنه في الوقت نفسه لا يجد دعما ماليا ولا اهتماما سعوديا بسبب ظروف المملكة، وبالتالي سيكون أمام خيارين أحلاهما مر، إما اتخاذ مسار منفصل عن محور السعودية وهذا مستبعد للغاية، وإما تغييب سنة لبنان عن محور أستانا، ولا حوار جديا خارجه حول مستقبل الإقليم في الوقت الراهن.

لكن استطلاعات الرأي المختلفة التي تُجرى في لبنان فضلا عن الانتخابات البلدية الأخيرة، أظهرت تعرض تيار المستقبل لنكسات في شعبيته ضمن الشارع السني، ما يرجح تراجع حجم نفوذه وكتلته النيابية لصالح أطراف أخرى قد تكون جاهزة للالتحاق بمحور أستانا، الذي سبقتهم إليه الطوائف المسيحية والشيعية والعلوية بوجود مرجعياتها الإقليمية على رأس طاولة الحوار. 

فهل تكون تركيا ومعها قطر المرجعية الفعلية لسنة لبنان بعد انتخاباته النيابية القادمة قريبا، ومن حضر السوق باع واشترى.. ومن غاب عنه بيعَ دون علمه ودون حضوره؟