سياسة دولية

صحيفة روسية: هل ستتمكن موسكو من حل الأزمة الخليجية؟

قطر - أ ف ب
 نشرت صحيفة "أوترا. ري" الروسية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على اللقاء الذي جمع وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، بنظيره الروسي، سيرغي لافروف، في موسكو.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه وفقا لمستشارة مديرة المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، والخبيرة في مجال الشؤون الدولية، إيلينا سوبونينا، "فإن موسكو ترغب في التدخل في الأزمة الخليجية، إلا أنه ينبغي ألّا تكون هي الوسيط الوحيد في حل الخلاف القائم بين قطر وبقية الدول العربية". وبالتالي، تسعى روسيا إلى المشاركة في تهدئة الأوضاع بطرق أكثر أمنا وأقل إضرارا بمصالحها في المنطقة. وإذا لم تتمكن هذه الأخيرة من التوفيق بين الأطراف المتنازعة، فعلى الأقل بإمكانها التخفيف من حدة التوتر بينهم.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن تدخل روسيا "يثير العديد من الأسئلة على غرار: هل موسكو قادرة فعلا على إيجاد حل لهذه الأزمة؟ وما هي الخيارات المتاحة أمامها للتدخل في أزمة الخليج؟ والأهم من ذلك، لماذا تحتاج روسيا إلى وضع حد لهذه الأزمة؟"
 
اقرأ أيضا: كيف تختبر أزمة الخليج حيادية الصين بعداوة السعودية وإيران؟

وأفادت الصحيفة بأن على روسيا التدخل لحل الأزمة القطرية لسببين؛ "الأول في أن قطر متورطة في صفقة خصخصة "روسنفت"؛ لذلك فإن أي تغيير قد يطرأ على مكانة قطر في الساحة السياسية العالمية من شأنه أن يلقي بظلاله على صفقة "روسنفت"، فوفقا لما أكده مدير مركز الدراسات التحليلية في جامعة الاقتصاد، بافل سالين، فإن شركة "روسنفت"، التي تعدّ من أضخم الشركات الروسية، كشفت عن عمق العلاقات التجارية بين قطر وروسيا؛ لذلك، يتحتم على الشريكين التصرف إزاء الصراع الخليجي لحماية مصالحهما".
 
وأضافت الصحيفة أن السبب الثاني الذي يدفع موسكو إلى التدخل في الصراع الخليجي "يتمثل في رغبتها في استعادة أدوات التأثير على الساحة السياسية العالمية. وتجدر الإشارة إلى أنه منذ سقوط الاتحاد السوفييتي فقدت روسيا كل أدواتها المتاحة للتأثير؛ لهذا تحاول روسيا في الوقت الراهن استعادة مكانتها الفاعلة".
 
وأكدت الصحيفة أن "الخطوة الوحيدة التي تمكنت روسيا من اتخاذها في سبيل استعادة أمجادها، إلى حد الآن، تجسدت في العملية العسكرية الروسية في سوريا. وبعد انطلاق العمليات العسكرية الروسية في سوريا، وجدت روسيا فرص كثيرة لمساومة الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن بسطت نفوذها في سوريا".
ونوهت الصحيفة إلى أنه إذا كانت واشنطن تملك أكبر قاعدة عسكرية لها في الشرق الأوسط في قطر، وعلاقة وطيدة بالدوحة، "فإن ذلك سيجعلها غير قادرة على حل الأزمة الخليجية. في المقابل، بإمكان روسيا الاضطلاع بهذه المهمة، لكن الخطورة التي يفرضها مثل هذا التدخل لن تهدد مصالح روسيا فقط، بل ستؤثر على الساحة السياسية الدولية بشكل عام، وفي الشرق الأوسط بشكل خاص".
 
وأوضحت الصحيفة أن روسيا "قد تواجه تحديا خطيرا من خلال رغبتها في حل الأزمة الخليجية، وهذا التحدي قد يساهم في ظهور مشاكل جمة لموسكو، إلا أن هذه المشاكل من الممكن أن تتحول إلى فرص للطرفين القطري والروسي، ولعل هذا ما يفسر زيارة وزير الخارجية القطري إلى موسكو".
 
وأكدت الصحيفة أن اتخاذ روسيا لموقف فعلي إزاء القضية القطرية "من شأنه أن يهدد باندلاع صراع دام بين روسيا وبقية الأطراف الأخرى المتدخلة في الخلاف الخليجي. ووفقا لبافل سالين، "هناك خطر محدق بروسيا، وأنا لست متأكدا إن كانت موسكو تقف إلى جانب الدوحة وتدعمها، إلا أنها تحاول استكمال استراتيجيتها الجديدة في الشرق الأوسط؛ لذلك فهي في حاجة ماسة لإقامة اتصالات شخصية مع ممثلي النخبة القطرية".
 
وأوردت الصحيفة أنه "من الصعب توقع المقترحات التي ستقدمها موسكو إلى الدوحة لحل الأزمة، إلا أن هناك مساحة واسعة للتفاوض حول ذلك. وتجدر الإشارة إلى أن أسباب التصعيد بين قطر وجيرانها لا تزال غير واضحة. فهي تعود إما لعوامل ذاتية وطموحات شخصية أساسها التنافس بين الأميرين الشابين، محمد بن سلمان وتميم آل ثاني، حول مناطق النفوذ في الشرق الأوسط، أو حول المصالح طويلة الأمد المعلقة بين اللاعبين الخارجيين، مثل الولايات المتحدة وإسرائيل وغيرها".
 
ونقلت عن الخبير السياسي سالين، أن روسيا "ستحاول تهدئة الوضع وفهم القوى المحركة لهذا الصراع. وفي حال ثبت أن العامل الرئيسي للنزاع هو مصالح شخصية بين الأمراء، مثلما ذكر آنفا، فلن يكون أمام روسيا خيار آخر سوى مساعدة قطر في الخروج من الأزمة بأخف الأضرار، دون محاولة التأثير عليها".
 
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن الأزمة الخليجية من شأنها أن "تؤثر على وضع "روسنفت"؛ لتخدم بذلك مصالح أطراف أخرى، خاصة أن خصخصة قطر لجزء من إحدى كبرى شركات النفط الروسية يضرب مصالح منتجين آخرين. بالإضافة إلى ذلك، تعد إيران أحد أهم أسباب الأزمة الخليجية، إلا أن موسكو لا تملك الأدوات اللازمة للتأثير عليها أو على قطر".