ما أن ترددت أنباء عن تسليم قطر وثائق تؤكد تورط جهات خليجية في دعم حركات انفصالية في
تركيا وعلى حدودها؛ حتى ارتفع صوت الرئيسة المشاركة لحزب الشعوب الديمقراطي (الكردي)، سيربيل كمالباي، بالانتقادات لموقف الحكومة التركية الداعم لدولة قطر في ظل الأزمة
الخليجية الحالية.
ووصفت كمالباي، في كلمة لها خلال مشاركتها في مؤتمر لحزبها في اسطنبول، مساء الأحد، موقف الحكومة التركية من الأزمة الخليجية بأنه "غير صائب، ولن يعود بالفائدة على تركيا؛ بل ستساهم في تأجيج الأزمة"، على حد تعبيرها.
تأتي هذه التصريحات في الوقت الذي دعا فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ إلى ضرورة الحوار واتباع الطرق الدبلوماسية لتجاوز هذه الأزمة بين "الأشقاء" في الخليج، مؤكدا أن قطع العلاقات بهذا الشكل لن يعود بالنفع على مستقبل المنطقة.
من جهته، قلل المحلل السياسي، علي حسن باكير، من أهمية تصريحات رئيسة حزب الشعوب الديمقراطي الرافضة للموقف التركي الداعم لدولة قطر، والرافض أيضا لإرسال جنود أتراك إلى القاعدة العسكرية التركية في قطر.
وأضاف باكير أن كمالباي، كرئيسة حزب معارض "بالطبع لها الحق أن تقول ما تشاء، بينما البرلمان التركي، بيت الأمة الكبير، هو الذي يقرر إرسال الجنود إلى قطر من عدمه"، مشيرا إلى أن نواب "الشعوب الديمقراطي" موجودون بالبرلمان.
وأوضح باكير، أن هذا الموقف من قبل رئيسة حزب الشعوب الديمقراطي "من شأنه أن يقوض من قرارات الحكومة وشرعية المؤسسات الديمقراطية في تركيا، وكثيرا ما يلجأ إليه هذا الحزب مرارا حتى صار هذا السلوك ملاحظا عند حزب الشعوب الديمقراطي"، وفق قوله.
وقال باكير إن هذا الحزب "تربطه علاقات قوية بحزب العمال الكردستاني الذي يرتبط بالفعل بلاعبين إقليميين يريدون النيل من الاستقرار الداخلي في تركيا، ويدفعون باتجاه كل ما من شأنه تقويض هذا الاستقرار، وهذا خطأ لأن هناك مؤسسات ديمقرطية وجب احترام قراراتها وعدم التشكيك في نزاهتها".
وأشار إلى أن هذا السلوك من قبل حزب الشعوب الديمقراطي يدخل في باب "الشغب السياسي، وهم يستخدموه دائماً مع حكومة العدالة والتنمية".
ولفت إلى أن حزب العمال الكردستاني الانفصالي في تركيا (بي كا كا) التقت قياداته بمسؤولين خليجيين عن طريق وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا (ب ي د) لـ"النيل من الاستقرار في تركيا"، بحسب تأكيده.
من جهته، أكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي التركي مصطفى أوزجان، أن تصريحات كمالباي تأتي في إطار المناكفة السياسية للمشاغبة مع الرئيس أردوغان، ولا يمكن اعتبار هذه التصريحات معارضة سياسية؛ معتبرا أن "أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي لم يعودوا معارضين سياسيين، وإنما تحولوا إلى معارضين مسلحين لا يهتمون باستقرار البلاد"، على حد وصفه.
ولا يستعبد أوزجان أن يكون هناك "نوع من الاختراق غير المباشر لمواقف هذا الحزب من قبل دول خليجية معادية للموقف التركي"، مشيرا إلى أن "أنور اسكي، أحد القيادات البارزة في الحزب، يتحدث عن دولة كردستان الكبرى على حساب الدولة التركية".
وأكد أوزجان أن "إسرائيل وأمريكا تستهدفان تركيا بالورقة الكردية وإلى جانبهما للأسف بعض الدول الخليجية التي تدعم هؤلاء الانفصاليين لضرب المصالح التركية"، وفق تقديره.
لكن أزوجان عاد ليقلل من أهمية هذه التصريحات الصادرة عن قيادات حزب الشعوب الديمقراطي، ووصفها بأنها "تفتقد للمصداقية، ولم يعد الشعب التركي يكترث بتصريحاتهم كما كان يفعل من قبل، وذلك بعد أن رأى الشعب التركي كيف تشبثت قيادات الحزب بالإرهاب والعنف بديلا عن النضال السياسي، الأمر الذي جعلهم يسقطون من أعين الرأي العام التركي، الذي أصبح لا يراهم جادين، ولا يأخذ كلامهم بعين الاعتبار"، بحسب تعبيره.