أثار الإفراج عن سيف الإسلام، نجل العقيد الراحل معمر
القذافي، ردود فعل محلية ودولية، فيما اعتبر ليبيون أن هذه الخطوة تهدف للدفع بسيف الإسلام للحكم مستقبلا، خاصة في ظل الاحتقان السياسي السائد في
ليبيا.
من جهتها، ذكّرت دائرة الادعاء بالمحكمة
الجنائية الدولية، الأربعاء، بأن سيف الإسلام القذافي مطلوب لها، لاتهامه بارتكاب جرائم خلال الثورة الليبية، وطالبت بتسليمه إليها بشكل فوري، لكن المحكمة لم تحدد الجهة السياسية المخاطبة بالطلب في ليبيا أو آلية تسليمه إليها.
وطرحت هذه الحالة تساؤلات عن قدرة المحكمة على الضغط على الجهات التي لجأ سيف الإسلام إليها، إلى جانب تساؤلات عن طبيعة المحاكمة المنتظرة، في حال تسلمته المحكمة الدولية.
طلب القبض عليه
وطالبت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودة، بضرورة تحديد مكان سيف الإسلام واعتقاله فورا وتسليمه للمحكمة، مشيرة إلى أن مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية لها ضد سيف الإسلام القذافي في عام 2011 "ما زالت صحيحة، بغض النظر عن أي قانون عفو مزعوم في ليبيا"، حسب بيان للمدعية الأربعاء.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمرا بإلقاء القبض على سيف الإسلام في 27 حزيران/ يونيو 2011، لاتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، تتمثل في القتل العمد والاضطهاد.
حكومة الوفاق
وأكد عضو مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق، أبو بكر سعيد، أن "المحكمة الجنائي ستتواصل فقط مع حكومة الوفاق، بخصوص قضية سيف القذافي، كونها الحكومة الشرعية الوحيدة والمعترف بها دوليا".
وأوضح أن موضوع تسليم سيف من عدمه "معقد جدا، لكني شخصيا أرى أن الأفضل الآن محاكمة سيف داخل ليبيا، خاصة أن القضاء الليبي لا زال في حالة جيدة، وفي حال استقرت الأوضاع يستطيع القضاء محاكمة سيف بنزاهة"، وفق تقديره.
وحول مستقبل سيف الإسلام القذافي، قال سعيد لـ"
عربي21": "لا يمكن الرجوع للوراء أو العودة للحكم الشمولي والوراثي، وفي حال تبرئته من كل التهم والقضايا ستعود له كل حقوقه السياسية والمدنية، وكل هذا في أيدي القضاء. لكن شخصيا لا أرى سيف في المستقبل".
ليبيا ليست ملزمة
ورأى الناشط الحقوقي والمحامي الليبي، عصام التاجوري، أن "قضاء المحكمة الجنائية الدولية قضاء مكمل وليس أصيلا، وينعقد له الاختصاص عند عجز القضاء الوطني عن إجراء المحاكمة"، معتبرا أنه "في حالة نجل القذافي لا يوجد مبرر لتسليم سيف لها؛ لأن القضاء الليبي تصدى للدعوى، والمتهم ارتضى المحاكمة الداخلية وعين محاميا خاصا للدفاع عنه"، كما قال.
واعتبر في حديث لـ"
عربي21"؛ أن "الملاحقة الدولية يغلب عليها الطابع السياسي، وذلك ثابت بالانتقائية وعدم صرامة قراراتها الضبطية، حتى من الدولة الموقعة على نظام روما المؤسس، ولنا في عمر البشير مثال، حيث زار دولا موقعة ولم تنفذ قرار جلبه للجنائية الدولية"، حسب رأيه.
وقال التاجوري: "لا توجد أي آلية ارتضائية موقعة مسبقا تلزم الدولة الليبية بتسليم أي مواطن ليبي لأية جهة خارجية، وخاصة لمحكمة الجنايات الدولية؛ لأن ليبيا دولة غير منضوية لنظام روما المؤسس للمحكمة، والسبيل الوحيد لفرض ذلك على السلطة الليبية هو صدور قرار من قبل مجلس الأمن بذلك".
من حق "الجنائية"
لكن، الكاتب الليبي إبراهيم قويدر؛ أكد أنه "بعد بيان النائب العام الليبي بأن قرار الإفراج عن سيف القذافي هو إجراء مخالف للقانون، فإن الجنائية الدولية من حقها إعادة المطالبة بتسليم سيف والعمل على تحقيق محاكمته"، كما قال لـ"
عربي21".
الملاحقة مستمرة
ورأى المحامي من الجنوب الليبي، طاهر النغنوغي، أن "قدرة المحكمة على الضغط على تسليمه أصبح بارزا الآن أكثر من ذي قبل، وبما أن سيف تم الإفراج عنه في القضايا الداخلية، فإن المحكمة ستلاحقه بالقضايا الدولية الخارجية وهذا الباب يفسح لها التدخل بقوة"، وفق تقديره.
وأضاف لـ"
عربي21" أن "محاكمة سيف دوليا ستكون بحسب الدول التي تسيطر على مفاصل المحكمة الدولية، وإما الإفراج عنه أو محاكمته بما يتماشى مع مصالحها"، كما قال.
وتواصلت "
عربي21" مع المتحدث باسم الجنائية الدولية فادي العبد الله للتعليق على الأمر، لكنه اكتفى بإحالتنا إلى بيان المدعي العام للمحكمة الجنائية السالف ذكره.