وضعت الأزمة الخليجية فصائل
المعارضة السورية في موقف محرج بعد أن أضعفها قطع العلاقات بين
السعودية وقطر، أبرز الدول الراعية لها، وابتعادهما تدريجيا عن النزاع الدائر في سوريا بحسب محللين.
وحافظت الدولتان الخليجيتان على دعم المعارضة السياسية ثم المسلحة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، منذ بدء حركة الاحتجاجات في سوريا في آذار/ مارس العام 2011.
وخلال سنوات الثورة الأولى برز الدعم الخليجي للمعارضة السورية والفصائل المقاتلة وخاصة الإسلامية منها، وبعد ست سنوات من الحرب لم تعد تلك الدول تقوم بالدور ذاته.
من جانبه، يقول الباحث الرئيسي في "مركز كارنيغي للشرق الأوسط"، يزيد صايغ: "وضعت القطيعة الحالية المعارضة في موقف محرج سياسيا، لأن لا أحد يريد أن يكون جزءا منها بشكل علني كما أنه لا يمكن التخلي عن أي من الطرفين" السعودي والقطري.
اقرأ أيضا: كيف ستنعكس الأزمة الخليجية على دعم الثورة السورية؟
سحابة صيف؟
ورفضت فصائل معارضة عدة التعليق على الموضوع بسبب "حساسيته"، واكتفى مسؤول في فصيل معارض في الغوطة الشرقية قرب دمشق بالقول: "
قطر والسعودية وتركيا والأردن والإمارات من الدول الداعمة لثورة الشعب السوري ووقفت مع معاناته منذ سنوات"، مصيفا: "نسأل الله أن تكون الخلافات سحابة صيف".
ويرى صايغ أنه سيكون للأزمة الخليجية تأثير محدود على النزاع السوري حيث إنه "تراجع التدخل القطري والسعودي عما كان في الماضي"، مشيرا إلى أن الرياض "خفضت إلى حد كبير تمويلها منذ العام 2015 بسبب تدخلها في اليمن".
وأضاف أنه لن يكون هناك على الأرجح أي تأثير كبير على الصعيدين المالي والسياسي كون "الولايات المتحدة وتركيا عززتا من دعمهما للفصائل التي كانت سابقا مقربة من قطر أو من السعودية".
لاعب ثانوي
وظهر التوتر القطري السعودي بشكل أساسي في الغوطة الشرقية التي شهدت اقتتالا داخليا أودى بحياة مئات المقاتلين بين فصائل مدعومة من السعودية وأخرى تدعمها قطر.
ويرى الباحث في جامعة أوكسفورد، رفاييل لوفيفر، أن تأثير التوتر القطري السعودي قد ينعكس أكثر على الغوطة الشرقية كونها "منطقة جغرافية صغيرة تتركز فيها فصائل معارضة مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالدولتين الخليجيتين".
اقرأ أيضا: توقع إسرائيلي بتحول الموقف السعودي من سوريا.. لهذا السبب
وأوضح أنه قد يكون للأزمة بين الدولتين "نتائج دموية أكثر خاصة أنهما تدعمان فصائل متنافسة في مناطق شهدت أصلا اقتتالا داخليا مثل الغوطة الشرقية".
بدوره قلل الخبير في الشؤون السورية والأستاذ في جامعة إدنبره، توما بييريه، من أثر ذلك، إذ إنه يرى أن "التحالفات في الغوطة الشرقية تحددها الموازين الداخلية أكثر من الجهات الراعية في الخارج".
وفي محافظة إدلب الواقعة بالكامل تحت سيطرة الفصائل المعارضة، فقد "تعاني حركة أحرار الشام من تغيير قطر لسياستها التمويلية"، وفق بييريه، إلا أن الحركة ستبقى مهمة جدا بالنسبة لتركيا التي تقوم اليوم بدور الوسيط بين الدوحة والرياض.
وتعرضت الفصائل المعارضة منذ العام 2015، عام التدخل الروسي في سوريا، إلى نكسات متتالية كان أبرزها خسارة مدينة حلب في كانون الأول/ ديسمبر.
وينعكس ذلك أيضا على المعارضة السياسية التي لم تتمكن طوال هذه السنوات من فرض أي تقدم لصالحها في المفاوضات السياسية.
ويخلص صايغ إلى القول إنه من غير المتوقع أن يكون للأزمة بين الرياض والدوحة أي تأثير "ما دامت المعارضة كلها قد تحولت إلى لاعب ثانوي".