تعالت الأصوات لإطلاق سراح
المعتقلين على خلفية "
حراك الريف" بالمغرب بعد قرار العاهل
المغربي محمد السادس بفتح تحقيق وتحديد المسؤوليات في عدم تنفيذ المشاريع المبرمجة بإقليم
الحسيمة، والتي كانت من بين مطالب نشطاء الريف منذ اندلاع الاحتجاجات في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
لا مبرر لاستمرار الاعتقال
في هذا الصدد اعتبر الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال (معارض)، عادل بنحمزة، أنه لم يعد هناك أي مبرر لاستمرار اعتقال نشطاء حراك الريف، بعد ما قاله الملك خلال المجلس الوزاري، الأحد، بالقصر الملكي بالدار البيضاء (وسط).
وقال بنحمزة في تدوينة له على حسابه بـ"فيسبوك"، إن "خلاصات المجلس الوزاري كافية لكي تنزع أي مبرر لوجود نشطاء الحراك الاجتماعي في الحسيمة رهن الاعتقال، فما تم التعبير عنه من قلق حول تأخر تنفيذ المشاريع منذ 2015، هو واحد من الأسباب التي دفعت الشباب وساكنة الحسيمة إلى الاحتجاج".
وأضاف أن "تأكيد المجلس الوزاري على تشكيل لجنة من الداخلية والمالية لإعداد تقرير في الموضوع، يؤكد أنه من العبث استمرار النشطاء في السجن في حين المعنيين باحتجاجاتهم سيكونون موضع تحقيق"، وتساءل: "فكيف نحاسب النشطاء وفي نفس الوقت المسؤولين عن المشاريع المتأخرة؟".
استثمار القرار
من جانبه أشاد الباحث والمحلل السياسي، عمر الشرقاوي، بتدخل الملك، وقال إنه "أمر إيجابي جدا ويصب في صالح مطالب أبناء الريف".
ودعا الشرقاوي، في تدوينة له على حسابه بـ"فيسبوك" إلى استثمار هذا القرار بشكل جيد، وذلك "لإنهاء متاعب المعتقلين وتحقيق مطالبهم".
وقال: "أن تقر ضمنيا أعلى سلطة في البلد بمسؤولية الحكومة في تغذية الاحتجاج مع ما يترتب عن ذلك من شرعية المطالب فهذا نصف الطريق، أما النصف الآخر فسيكتمل بإطلاق سراح المعتقلين بأي طريقة من طرق إنهاء الاحتجاز".
معاقبة المسؤولين
بدوره، دعا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، عبد الرحيم العلام، إلى معاقبة من تسبب في "قلق" الملك، و"أخفوا" عنه الحقائق في ملف "حراك الريف"، مطالبا بتحرير المعتقلين الذين نبّهوا رئيس الدولة، وإعادتهم إلى أهلهم ورفاقهم.
وقال العلام في تدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن "لدينا اليوم اعترافا من رأس الدولة مضمونه أن هناك خللا كبيرا في ما يتعلق بالأوراش المفتوحة في الريف، وهذا الاعتراف يزكي طروحات المحتجين ويفند مزاعم الذين اتهموهم بالفتنة وبـ"سخونية الراس"".
وأضاف: "إذا كان الملك وهو رئيس الدولة قد "استاء وانزعج"، فكيف سيكون موقف الذين تضرروا بسبب هذا التأخر وهذه اللامبالاة هذا من جهة. ومن جهة أخرى، هل كان الملك "سيقلق وينزعج، ويمنع الوزراء من العطلة ويطالبهم بالتسريع بالإنجازات لولا حراك الريف وتضحيات أهله!"".
ولفت المحلل السياسي إلى أن "الأمر يمكن أن يشكل بداية لانفراج الأزمة إذا ما أعقبه إطلاق سراح المعتقلين، أو يزيد الوضع مأزومية إذا ما تم الاحتفاظ بهم في المعتقلات، خاصة مع عودة الطلبة إلى الريف وتوافد الجالية المقيمة بالخارج"، على حد تعبيره.
رفع المظلمة عن النشطاء
بينما اعتبر المحلل السياسي مصطفى اليحياوي "غضبة الملك" في المجلس الوزاري الأخير ومعاقبة شباب حراك الريف "ضربا من التعارض".
وقال اليحياوي في تدوينة على حسابه بـ"فسيبوك" إنه "إذا كان عدم الرضى هو الجامع بين حدث الغضبة الملكية على الوزراء المعنيين بمشاريع المنارة المتوسط وبين خروج الشباب لأكثر من سبعة أشهر احتجاجا على تعثر الأوراش التنموية بالريف، فكيف نعاقب هؤلاء ونبخس نضالاتهم في الدفاع عن حقهم في المشاركة المواطنة التي أرستها أحكام دستور 2011 حول الديمقراطية التشاركية، من تتبع ومساءلة القيمين على السياسات العمومية -اجتماعيا-؟".
وأضاف: "قد نختلف حول درجة نضج ومعقولية الخطابات والشعارات الحماسية للحراك ومدلولاتها السياسية العفوية، ولكن لن يختلف العقلاء على أن احتجاجاتهم كانت صائبة في فضح ما يشوب عادة المشاريع العمومية (خاصة الاجتماعية منها) التي إن انتهت أوراشها بعد تأخر في الإنجاز إلا أنها تعرف تسييرا عسيرا بسبب غياب الموارد وتلكؤ المصالح المركزية في توفيرها...".
وأكد المحلل السياسي أن شباب الحراك "ليسوا انفصاليين ولا مجرمين حتى يزج بهم في السجون... ومن الإنصاف، في اعتقادي، أن يرفع عنهم الملك المظلمة التي لحقت بهم...".
يذكر أن عائلات معتقلي الحراك الشعبي بالريف ناشدت، في بلاغ توصلت "
عربي21" بنسخة منه، العاهل المغربي "بالتدخل من أجل إيجاد مخرج للأزمة، عن طريق الإفراج عن المعتقلين وإسقاط كل التهم الثقيلة التي تلفق لهم كمدخل أساسي للخروج من هذا المأزق".
كما دعت عائلات المعتقلين إلى ضرورة "فتح حوار جاد ومسؤول معهم والجلوس إلى طاولة الحوار لوضع حد لمعاناتنا كعائلات، ووضع حد لمعاناتهم كمعتقلين، من أجل تجاوز حالة الاحتقان التي تعرفها المنطقة".
وكان العاهل المغربي قد عبر في المجلس الوزاري الذي انعقد أمس الأحد بالقصر الملكي بالدار البيضاء، للوزراء المعنيين ببرنامج "الحسيمة منارة المتوسط"، بصفة خاصة، عن "استيائه وانزعاجه وقلقه"، بخصوص عدم تنفيذ المشاريع التي يتضمنها هذا البرنامج التنموي الكبير، الذي تم توقيعه تحت الرئاسة الفعلية للملك، بتطوان في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، في الآجال المحددة لها.
وأصدر الملك تعليماته لوزيري الداخلية والمالية، قصد قيام كل من المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية والمفتشية العامة للمالية، بالأبحاث والتحريات اللازمة بشأن عدم تنفيذ المشاريع المبرمجة، وتحديد المسؤوليات، ورفع تقرير بهذا الشأن، في أقرب الآجال.
وقرر الملك عدم الترخيص للوزراء المعنيين بالاستفادة من العطلة السنوية، والانكباب على متابعة سير أعمال المشاريع المذكورة.
اقرأ أيضا: العاهل المغربي ينتقد الحكومة ويعين 13 سفيرا جديدا