كتاب عربي 21

محمد حسين فضل الله الذي نحتاج له اليوم

1300x600
يحتفل لبنان ومؤسسات المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله بالذكرى السنوية السابعة لرحيله في الرابع من تموز (يوليو) المقبل باحتفال شعبي حاشد في قاعة الزهراء في مجمع الامامين الحسنين في الضاحية الجنوبية لبيروت، ورغم مرور سبع سنوات على رحيل المرجع والفقيه المجدد السيد محمد حسين فضل الله ، فان ما تواجهه المنطقة العربية والاسلامية من تحديات متنوعة يؤكد الحاجة لامثال هذه الشخصية الاستثنائية على الصعد اللبنانية والعربية والاسلامية.

فقد تميز فضل الله بمميزات عدة فقهيا وحركيا وفكريا وسياسيا ، ومن ابرز هذه المميزات:

اولا: التجديد الفقهي والفكري الاسلامي: فقد طرح السيد مشروعا فقهيا وفكريا تجديديا على المستوى الاسلامي من داخل المؤسسة الدينية والمرجعية، وقد تضمن هذا المشروع دعوة لاعادة النظر بكل التراث الاسلامي واعتماد القرأن كمرجع فاصل في تحديد الصح من الخطأ في هذا التراث وعدم البقاء في حالة الانقسام المذهبي التقليدي.

ثانيا: المشروع الوحدوي الاسلامي وتبني منطق الحوار الاسلامي- المسيحي والحوار الانساني، فقد كان السيد مرجعا اسلاميا وحدويا لكل الحركات الاسلامية وداعيا للعمل الوحدوي بشكل حقيقي وواقعي وعدم الاكتفاء بالشعارات التقليدية، وان التزامه بالفكر الاسلامي الحركي لم يمنعه من الانفتاح على كل الاديان الاخرى والحوار مع العلمانيين ومع الغرب وكان شخصية انسانية بامتياز.

ثالثا: تبني خيار المقاومة والجهاد في مواجهة المحتل الاسرائيلي والاميركي ، فهو من اوائل المرجعيات الدينية الاسلامية التي تبنت ودعمت المقاومة الاسلامية في لبنان وفلسطين ، كما دعم المجاهدين في افغانستان في مواجهة الاحتلال الروسي ، وكان من المرجعيات الدينية الشيعية التي وقفت بوضوح وصراحة ضد الاحتلال الاميركي للعراق ودعم المقاومة ضد الاحتلال رغم الخلاف العميق مع نظام صدام حسين وحزب البعث العراقي.

رابعا: رفض الانجرار لأي صراع مذهبي او طائفي في لبنان والعالم العربي والاسلامي وكان من الذين وقفوا الى جانب الشعب الفسطيني المحاصر في المخيمات الفلسطينية خلال حرب المخيمات في ثمانينات القرن الماضي في لبنان، وقدم كل اشكال الدعم للمقاومة الفلسطينية بكافة فصائلها، وكان مرجعا عمليا للقوى الفلسطينية الاسلامية والوطنية.

خامسا: تأسيس المؤسسات الاجتماعية والتربوية والصحية والاعلامية ودعوته لانشاء المؤسسة المرجعية الدينية الشيعية على غرار تجربة المرجعية الدينية المسيحية الكاثوليكية في الفاتيكان، وذلك لتحويل الاجتهاد الديني الى عملية مؤسساتية مستمرة وعدم ارتباطها بالاشخاص وبقاء هذه المؤسسة بغض النظر عمن يتولى العملية الاجتهادية، وان كان السيد فضل الله لم يستطع تحقيق هذا الحلم، لكن المؤسسات التي اقامها في لبنان والعالم العربي والاسلامي وفي اوروبا واميركا وافريقيا واستراليا لا تزال تواصل عملها وتحمل مشروعه الفكري والفقهي التجديدي.

سادسا: اعادة الوصل بين العلم والدين والاعتماد بشكل كبير على المعطيات العلمية في تحديد الاجتهادات الفقهية وهناك امثلة عديدة في هذا المجال ومنها العودة لرأي الفلكيين في تحديد بدايات الشهور القمرية.

سابعا: تقديم نموذج جديد لعالم الدين المتصالح مع المجتمع والناس والشباب والنساء وذلك ان من خلال حياته اليومية او ممارساته العملية او ارائه الفقهية والفكرية.

وهناك مميزات اخرى ان لشخصية المرجع السيد محمد حسين فضل الله او للمشروع الفقهي والفكري والحركي والانساني الذي طرحه وحمله طيلة حياته، ولذلك ورغم مرور سبع سنوات على رحيله فان هذا المشروع لايزال مستمرا وحاضرا، ان من خلال مؤسساته او تلامذته او المشرفين على المؤسسات او من خلال الشخصيات الفكرية والدينية والعلمية التي تتابع مسيرته وعلى رأسها نجله العلامة السيد علي فضل الله، ويوما بعد يوم يزداد الشعور في الاوساط الاسلامية والمسيحية او القومية اوالعلمانية بحاجة لشخصية السيد محمد حسين فضل الله ، ولا سيما عندما تزداد التحديات وتكثر الالتباسات والاشكالات.

والمهم ان يستطيع المشرفون على مؤسساته والقائمون على مشروعه متابعة هذه المسيرة والمساهمة في مواجهة التحديات المختلفة من خلال الاطروحات الفكرية والفقهية المتجددة او من خلال المبادرات العملية لاعادة توحيد الساحة الاسلامية واقامة جسور التواصل بين مختلف التيارات والفئات في المجتمع.
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع