أثارت مساع أمريكية جديدة لتشديد
العقوبات على
حزب الله مخاوف في الأوساط الاقتصادية والشعبية
اللبنانية من حصول تداعيات على المستوى المعيشي والسياسي.
ورأى خبراء اقتصاديون في تصريحات لـ"
عربي21" أن الاقتصاد اللبناني مستقر قياسا إلى دول المنطقة، لكنه معرض لأزمات جديدة، منها العقوبات الأمريكية.
وتبحث لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون يحث الاتحاد الأوروبي على وضع حزب الله على قائمة المنظمات الإرهابية، ويتضمن المشروع دعوة الأوروبيين إلى تصنيف حزب الله بشكل كامل على قائمة الإرهاب وليس جناحه المسلح فقط".
وفي سياق متصل، كشفت صحف أمريكية عن أن لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب في الكونغرس الأمريكي تسعى إلى حصول جولة ثانية من العقوبات، تستهدف المؤسسات المالية اللبنانية وغيرها من المؤسسات المالية الأجنبية التي لها صلات مزعومة بحزب الله.
تأكيد العقوبات
وقال الخبير الاقتصادي غازي وزنة، في تصريحات لـ"
عربي21": "إن المصارف اللبنانية تلتزم بشكل كلّي بالتشريعات العالمية. وقبل عامين، أقرّ مجلس النواب ثلاثة تشريعات تتعلق بمنظمة التعاون الاقتصادي، وبتبادل المعلومات الضريبية، ومكافحة تهريب الأموال وتبييضها وتمويل الإرهاب، أو نقلها من وإلى لبنان".
وأضاف: "التشريعات القانونية اللبنانية، خاصة المالية والمصرفية، تتطابق وتنسجم، وتلتزم كليا مع القوانين الدولية المالية والتشريعات الأمريكية الخاصة بالعقوبات على حزب الله"، مؤكدا بأن "مطالب الكونغرس الأمريكي للاتحاد الأوروبي مطبقة في المصارف اللبنانية منذ فترة، مع الإشارة إلى أن القانون الصادر من الولايات المتحدة لا يقتصر على الدولار الأمريكي، بل على العملات كافة، ويراد به العمل ضمن دول العالم جميعها"، وفق قوله.
ورأى وزنة أن " القرار الأمريكي الجديد تجديد للسياسات المالية المعمول بها سابقا، وهو بمثابة تأكيد المؤكد وتثبيته وتعميمه"، كما قال.
واستبعد وزنة تأثر "لبنان بالقانون الجديد؛ لأنه في الأساس ملتزم بتطبيقه على صعيد المصارف"، مشيرا إلى "أنه تمّ التفاهم بين الحكومة اللبنانية والإدارة الأمريكية في العام الماضي حول قضية مشاركة حزب الله ضمن الحكومة، إضافة إلى مشاركة الحزب بممثليه في المجلس النيابي، والذين يتقاضون رواتبهم ومخصصاتهم من الميزانية الرسمية، وكان الاتفاق على الفصل بين مسألة الحضور الرسمي للحزب في الدولة وبين نشاطاته المالية الخارجة عن الإطار الرسمي"، بحسب تعبيره.
الارتدادات سلبية
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي لويس حبيقة، في تصريحات خاصة لـ"
عربي21": "من المؤكد أن انعكاسات القانون لن تكون إيجابية على لبنان، فأي إجراء يتخذ على مكون من مكوناته يرتد على الجميع، خصوصا أن لبنان بلد صغير لا يمكن منع امتداد التأثيرات داخله".
لكن حبيقة اعتبر أن "العقوبات لن تكون ذات ثقل كبير؛ لكونها غير موجهة إلى اللبنانيين ومصارفهم بشكل مباشر، وإنما هي ضربات تحاول الوصول إلى جهات وأهداف معينة".
وحول الموقف الرسمي اللبناني من الإجراءات الجديدة، رأى حبيقة "أن التضامن اللبناني والحكومي تحديدا قادر على التخفيف من التأثيرات السلبية لهذه العقوبات، التي تبدو مزعجة، ولكنها غير مقلقة إذا تم التعامل معها شكل عقلاني".
وعن الدعوات التي تطالب بحماية دولية للبنان، قال حبيقة: "هذا الأمر يتطلب اتفاقا بين الدول الكبرى، لا سيما الولايات المتحدة وروسيا، وهو غير متوفر حاليا، وبالتالي فإن هذا الخيار غير ممكن وأيضا ليس مجديا"، مستغربا: "لماذا ستطبق الحماية في لبنان تحديدا وليس في بلدان أخرى مثل قطر أو كولومبيا أو فنزويلا؟ لذلك يبدو هذا الاتجاه غير واقعي في الوقت الراهن"، على حد قوله.
ودعا حبيقة إلى "تكثيف الاتصالات مع الإدارة الأمريكية؛ لتخفيف تأثيرات هذا القرار على المناحي كافة"، مستهجنا "عدم تعيين سفير للبنان لغاية اللحظة في واشنطن، على الرغم من الحاجة الماسة له أكثر من أي وقت مضى".
وعن تقييمه للوضع الاقتصادي الحالي في لبنان، قال: "الوضع مستقر قياسا إلى ما يحدث في المنطقة، لكنه ليس في أفضل أحواله، ويبدو أن اللبنانيين متفهمون ومتابعون لمجريات الأمور ولقدرات الدولة المحدودة"، وفق قوله.
عولمة العقوبات
وقال الخبير في الشؤون الأمريكية، الدكتور أنطوان حرب، في تصريحات خاصة لـ"
عربي21": "الهدف الأمريكي هو القيام بحملة دولية لعولمة العقوبات ضد حزب الله، وهذا ما كتبه توماس فريدمان تحديدا قبل أسابيع، بناء على جمعه لمعلومات عدة، وبالتالي تؤكد هذه المعطيات مسعى واشنطن إلى جعل العقوبات شاملة على حزب الله عبر تطويقه على المستوى الدولي"، كما قال.
وتوقع حرب أن يتعامل "البنك المركزي اللبناني مع خطوات واشنطن الجديدة على غرار ما اتخذه حيال العقوبات الأمريكية السابقة، وذلك عبر إجراءات اجتهد فيها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لتحييد البلاد آثارها وتأثيراتها، واعتقد أن الأمر سيتكرر مهما تعاظمت العقوبات على أي مكون في لبناني".
واعتبر حبيقة أن "الوضع الاقتصادي اللبناني يكابد منذ مدة، ليس بسبب ملف العقوبات المفروضة على حزب الله، وإنّما بسبب الأزمة الشاملة التي تضربه في ظل عجز النمو الاقتصادي".
وشدد حبيقة على أهمية التدابير التي "تتخذها الحكومة اللبنانية، عبر ضخ السيولة النقدية وأخذ احتياطات احترازية لمنع التدهور المالي، وإخضاع العملات جميعها لمعيار واحد عند الصرف، ما يخفف من آثار أي تداعيات ناتجة عن العقوبات".