نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا أعدته المراسلة السياسية جيسكا إيلغوت، تقول فيه إن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا
ماي ترفض نشر تقرير حول تمويل المتطرفين في
بريطانيا، الذي يلقي باللوم على
السعودية، في دعم المدارس والجماعات المتطرفة.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن الزعيمة المشاركة لحزب الخضر كارولين لوكاس، قولها إن تردد ماي في نشر التقرير نابع من عدم رغبتها بتوجيه نقد للسعوديين، مشيرا إلى أن التقرير قدم العام الماضي لمكتب رئيسة الوزراء، التي لم تقرر بعد ما إذا كانت ستنشره أم لا.
وتقول لوكاس إن التأخير في نشر تحقيق في تمويل الجماعات المتطرفة، قامت به وزارة الداخلية، "يترك أسئلة عن ما إذا كان قرار (عدم نشره) متأثرا بعلاقتنا الدبلوماسية" مع السعودية.
وتشير إيلغوت إلى أن ماي سعت منذ وصولها لرئاسة الوزراء إلى تعميق علاقات بريطانيا مع دول الخليج، حيث حطت رحالها في الرياض بعد قرارها تفعيل المادة 50 من الميثاق الأوروبي، الذي يعني بدء التفاوض رسميا على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتذكر الصحيفة أن جدلا ثار حول التقرير، الذي يحقق في تمويل الجماعات المتطرفة أثناء الحملات الانتخابية في الشهر الماضي، والهجمات على لندن ومانشستر، حيث كان رئيس الوزراء في حينه ديفيد كاميرون قد طلب إعداد التقرير، ووافقت عليه ماي، التي كانت وزيرة الداخلية، كجزء من صفقة مع الحزب الليبرالي الديمقراطي؛ وذلك للحصول على تأييد الحزب قبل تصويت مهم في مجلس العموم، لتشريع الضربات العسكرية على سوريا عام 2015.
ويورد التقرير أنه جاء في رد مكتوب للوكاس من وزارة الداخلية ومكتب رئيسة الوزراء (10 داونينغ ستريت)، أن ماي هي المسؤولة بشكل شخصي عن إصدار التقرير.
وتنقل الكاتبة عن الوزيرة في وزارة الداخلية سارة نيوتن، قولها: "لقد طلب رئيس الوزراء السابق التحقيق في تمويل التطرف الإسلامي في بريطانيا، وتم تقديم تقرير لوزارة الداخلية ورئيس الوزراء عام 2016". وأضافت: "لقد حسن التقرير من فهم الحكومة لطبيعة وحجم ومصادر تمويل التطرف الإسلامي في بريطانيا، وقرار نشره يعود إلى رئيسة الوزراء".
وتلفت الصحيفة إلى أن لوكاس وجهت من جديد سؤالا إلى ماي، سألتها فيه عن مصير المراجعة والتحقيق، وردت أن "الوزراء لا يزالون ينظرون في الاستشارة حول ما يمكن نشره، وسيتقدمون للبرلمان حول ما يمكن نشره".
ويفيد التقرير بأن لوكاس وصفت هذا التأخير بـ"المدهش"، وقالت إن على الحكومة الكشف عن النصيحة التي منعت نشره، وإن كانت متعلقة بالعلاقات الدبلوماسية أم لا، وأضافت أن "الحكومة تضع يدها على التقرير، وترفض نشره، أو حتى تقديم سبب يتعلق بالتكتم المستمر حوله".
وتابعت لوكاس، التي تمثل منطقة برايتون بافليون، قائلة إنه من الضروري التأكد مما إذا كان تأخير نشره بسبب نقده للسعودية، وأضافت: "من أجل هزيمة
الإرهاب فإنه من المهم أن تكون لدى الساسة الحقائق كاملة، حتى لو لم تكن مريحة للحكومة".
وتنوه إيلغوت إلى أن زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي تيم فارون، قال أثناء الحملات الانتخابية الأخيرة، إن كاميرون عبر عن التزامه بنشر التقرير في ربيع عام 2016، إلا أن وزارة الداخلية قالت إنه لن ينشر أبدا؛ لأنه "حساس جدا".
وتقول الصحيفة إن زعيم حزب العمال جيرمي كوربين والوزيرة الأولى لأسكتلندا نيكولاس ستيرجن طالبا بنشر التقرير، فيما كتب المتحدث باسم الشؤون الخارجية في الحزب الليبرالي توم بريك مجددا طلب حزبه بنشره.
ويستدرك التقرير بأنه رغم تأكيد فارون أن نشر التقرير هو جزء من الصفقة، إلا أن وزيرة الداخلية أمبر رود ووزير الخارجية بوريس جونسون أشارا إلى أنه ربما لن ينشر أبدا.
وتنقل الكاتبة عن لوكاس، قولها إن "هجمات لندن بريدج ومانشستر أرينا دعت الناس للتساؤل، وهم محقون، من أن طريق التشدد وتمويله هما محور تلك الهجمات"، وأضافت: "أناشد ماي أن تكشف مباشرة عن أي نصيحة تتبعها، وإن كانت تدعو إلى نشر التقرير أو عدم نشره، وأن تقوم بعمل ما يمكن لوضع الحقائق في المجال العام، إن كان الأمر غير مضر بالأمن".
وتورد الصحيفة نقلا عن فارون، قوله إن السلطة في يد ماي لنشره، وأضاف أن "قيام الحكومة بالتكتم على هذا التقرير يعد فضيحة، والنتيجة الوحيدة هي أنهم خائفون مما ورد فيه"، وتابع قائلا: "نسمع بشكل منتظم عن عقود السلاح السعودية، أو زيارة الوزراء للرياض؛ للتملق أمام العائلة المالكة، لكن حكومتنا لا تريد نشر التقرير الناقد بوضوح للسعودية".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن فارون اتهم الحكومة بأن "ما يهمها هو التقرب لواحد من الأنظمة الأكثر بشاعة وقمعا وتطرفا في العالم، وإذا كنت تعتقد أن أمننا هو أهم، فإن ما يبدو لا يشير إلى ذلك، ولهذا فيجب أن تشعر تيريزا ماي بالخجل من نفسها".