يزور اليوم رئيس الوزراء
الهندي ناريندرا مودي "إسرائيل"، برفقة 100 شخصية من رجال الأعمال الهنود، يوقع خلالها عقودا تقدر بمليارات الدولارات لشراء أسلحة إسرائيلية، بالإضافة إلى الشراكات الاستراتيجية في مجالات تشمل المياه والزراعة وتكنولوجيا الفضاء. وتعتبر هذه الزيارة الأولى لرئيس وزراء هندي منذ اعتراف الهند بإسرائيل في العام 1950.
واعتبر المختص في الشؤون الهندية
الفلسطينية، محمود فطافطة، زيارة رئيس الوزراء الهندي لـ"إسرائيل" محطة استثنائية في تعزيز وتطوير العلاقة بين الجانبين.
وأوضح في حديثه لـ"
عربي21"، أن الهند تسعى من خلالها إلى "التقرب من الولايات المتحدة لتمتين العلاقة معها، لا سيما في ما يتعلق بتمكين واشنطن الهند من لعب دور أساسي في منطقة جنوب آسيا، ودعمها في مواجهة تحدياتها الإقليمية، إضافة إلى توقيع اتفاقيات كبيرة في المجالات الاقتصادية والعسكرية والأمنية بين الطرفين، وخاصة الصفقة العسكرية الكبرى التي تتجاوز ملياري دولار".
وأشار المتحدث إلى أن الهند تملك طموحا كبيرا لتلعب دورا مهما وحيويا، ليس فقط على مستوى آسيا بل وفي العالم.
ويرى مراقبون، أن رئيس الوزراء الهندي يسعى إلى فرض الهند كقوة إقليمية جديدة من خلال مزيد من الحلفاء، للحد من التوسع الصيني وإضعاف باكستان؛ والجمعة الماضي صعدت الهند من لهجتها تجاه الصين منددة بشق بكين طريقا عسكريا على تلة استراتيجية قرب حدودها، وكان هذا الطريق أثار مؤخرا توترا بين الهند والصين وبوتان.
ونوه فطاطفة، إلى أنه منذ تولى مودي رئاسة الوزراء في الهند في أيار/ مايو 2014 فقد شهدت العلاقات بين "إسرائيل" والهند نشاطا ملحوظا، ووقع الجانبان سلسلة من الاتفاقيات في مجالي الدفاع والتكنولوجيا، وفي الشهر ذاته وافقت حكومة مودي على إتمام عملية شراء، طال انتظارها، لصواريخ إسرائيلية.
وتعتبر الهند أكبر زبون للسلاح الإسرائيلي، إذ تأتي "إسرائيل" في المرتبة الثانية في تصدير السلاح للهند بعد روسيا، وفق ما قال فطافطة، الذي أردف قائلا: "خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2014، وصل التبادل التجاري بين الجانبين إلى 3.4 مليار دولار، ويرى البعض أن سبب ازدهار مثل هذه العلاقات يتمثل في وصول التحالف الوطني الديمقراطي بزعامة حزب الشعب الهندي ذي التوجهات الهندوسية المتطرفة إلى سدة الحكم سنة 1998".
وسبق لمودي عندما كان رئيسا لولاية كوجرات، أن زار "إسرائيل" عام 2006 بعد دعوته لحضور مؤتمر عن تكنولوجيا الزراعة. وتوقع فطافطة، تطور العلاقات الهندية الإسرائيلية.
وسبب ذلك برأيه: "تحقيق الطرفين منافع تفوق ما يتعرضان له من مخاطر وتهديدات جراء هذه العلاقة، خاصة في ظل مناخ دولي وإقليمي مساعد لتطوير علاقتهما، وتغليب الهند مصلحتها على الأيديولوجية في العلاقة مع العرب والقضية الفلسطينية، وتقارب وجهتي النظر بين البلدين، خاصة في قضية محاربة الإرهاب، إضافة إلى دعم الولايات المتحدة الأمريكية هذه العلاقة لأنها تخدم مصالحها الحيوية في منطقتي جنوب آسيا والشرق الأوسط".
الخاسر الأكبر
بدوره قال المختص بالاقتصاد السياسي ناصر عبد الكريم، أن هدف "إسرائيل" من تقوية العلاقة مع الهند يتجاوز المكاسب الاقتصادية إلى نسج تحالفات مع دول العالم، وتحقيق مكاسب استراتيجية. وأوضح في حديثه لـ"
عربي21": "إسرائيل تهتم بالدرجة الأولى بالأمن والاستراتيجية والرؤية المستقبلية قبل الاقتصاد، لذلك هي تعمل على إيجاد حل وتسوية للصراع التاريخي مع الفلسطينيين، وتريد أن تكسب أصدقاء من البوادر الاقتصادية تماما كما تفعل مع الفلسطينيين".
واعتبر أن تحسن العلاقات الهندية الإسرائيلية سيكون على حساب القضية الفلسطينية.
يذكر أن رئيس الوزراء الهندي لن يزور أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية، علما بأن معظم كبار الشخصيات الأجنبية الذين يزورون "إسرائيل" يقومون بزيارة السلطة الفلسطينية للقاء بمسؤولين فلسطينيين، إما في رام الله أو بيت لحم.
هل خسر الفلسطينيون الهند؟
تاريخيا كانت الهند تعتبر حليفا للفلسطينيين، فقد عارضت قرار تقسيم فلسطين رقم (181) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، في العام 1947، ووقفت إلى جانب حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وكانت أول دولة غير عربية تعترف بإعلان استقلال دولة فلسطين عام 1988، ولم تقم الهند علاقات دبلوماسية مع إسرائيل إلا في سنة 1992 بعد انطلاق عملية التسوية السياسية للصراع العربي-الإسرائيلي.
ومنذ ذلك الوقت تغيرت سياسة الهند تجاه فلسطين، ولم تعد الهند تتبنى مشروعات قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية، كما أنها أصبحت تمتنع عن إدانة الاعتداءات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وكان أبرزها امتناع الهند عن التصويت بمجلس حقوق الإنسان على مشروع قرار يدين المجازر الإسرائيلية إبان الحرب على قطاع غزة في صيف 2014.