كشفت صحيفة "الإيكونوميست" الأمريكية في تقرير لها أن
أثرياء العالم يلجأون للتحايل على الحكومات في دفع
الضرائب المستحقة على ثرواتهم الطائلة ولا يتعدى ما يدفعونه نسبة ضيئلة من المبالغ المترتبة عليهم بالأساس.
وأوضحت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "
عربي21" أن الطريقة الشائعة التي تتبعها الحكومات في عمليات التدقيق الضريبية هي الطريقة العشوائية في انتقاء الحسابات التي تخضع للتدقيق، وعلى الرغم من تقديمها فكرة عامة بشأن خسائر الإيرادات الضريبية إلا أنها تعتبر بعيدة كل البعد عن المثالية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدراسات المرتكزة على عمليات تدقيق الضرائب العشوائية، على سبيل المثال، عادة ما تشمل معطيات قليلة للغاية بحيث لا تعكس بدقة الخدع المالية التي يمارسها أحنك المتهربين من الضرائب ألا وهم الأثرياء.
وأظهرت دراسة جديدة أجراها كل من أنيت ألستادستر، ونيلز جوهانيسن، وغابرييل زوكمان، وهم ثلاثة خبراء في مجال الاقتصاد، هذه المعضلة من خلال التحقيق في اثنين من خزانات
البيانات المالية الأخيرة.
تمثل المخزن الأول للبيانات في سجل للحسابات المصرفية في "إتش إس بي سي" بسويسرا تحت مسمى "سويسليكس". أما الثاني، فقد اشتمل على "وثائق بنما" وهي مجموعة ملفات توثق استخدام حسابات خارجية من قبل عملاء شركة "موساك فونسيكا" للخدمات القانونية في بنما. ومن خلال مطابقة المعلومات المسربة مع بيانات الثروة المأخوذة من الدنمارك والنرويج والسويد، تمكن مؤلفو الدراسة من بناء أكثر التقديرات تفصيلا إلى غاية اليوم التي تتناول حجم
التهرب الضريبي.
وبينت الصحيفة أن أبحاث الاقتصاديين خلصت إلى استنتاجين أساسين؛ أولهما يتمثل في أن التهرب الضريبي يعتبر مركزا إلى أبعد الحدود حيث أن متوسط الأسر الإسكندنافية تدفع حوالي ثلاثة بالمائة من الضرائب سنة 2006. وعموما، يمثل الأغنياء 1 بالمائة من هذه الأسر مع أصول صافية لا تقل قيمتها عن مليوني دولار أمريكي، فيما تمثل نسبة الضرائب المدفوعة أقل بحوالي 10 بالمائة مما يجب دفعه.
في الأثناء، يتصرف الأغنياء بطريقة مختلفة للغاية حيث أن 0.01 بالمائة من الأسر الثرية التي تمتلك أصولا صافية تفوق 40 مليون دولار أمريكي، تخدع جامعي الضرائب بدفع أقل بنسبة 30 بالمائة مما يجب دفعه.
وأضافت الصحيفة الاستنتاج الثاني للدراسة الذي يؤكد على أن الأرقام تشير إلى تقديرات سابقة، تستند غالبا إلى البيانات الضريبية والتي قلصت حدة المشكلة كما قد توفر الإحصاءات الإسكندنافية تقديرا متحفظا للتهرب الضريبي في جميع أنحاء العالم حيث أن حوالي 2 بالمائة فقط من ثروات الأسر الإسكندنافية يتم الاحتفاظ بها في حسابات خارجية مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 4 بالمائة.
وبينت أن العولمة قد عادت بالنفع على الأثرياء بشكل متباين من خلال مكافأة رأس المال أكثر من العمل. خلافا لذلك، جعلت العولمة من السهل على الأثرياء إخفاء ثرواتهم. وفي هذا الصدد، من المرجح أن تسبب البيانات المزيد من الدهشة. فعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الصناعة المربحة للتهرب الضريبي العالمي، إلا أن أثرى أثرياء إسكندنافيا لا يدفعون سوى 70 بالمائة من ضرائبهم.