أربكت قرارات
البنك المركزي المصري، برفع
أسعار الفائدة مرتين في أقل من شهرين، حسابات وزارة المالية المتعلقة بموازنة العام المالي 2017-2018.
وقال خبراء اقتصاد في تصريحات لـ
"عربي21"، إن حجم الزيادة المتوقعة في بند فوائد الدين العام الداخلي فقط بعد رفع أسعار الفائدة، يبلغ نحو 40 مليار جنيه، مؤكدين أن الحكومة المصرية لن تجد مسارا تتغول عليه لتعويض هذه الزيادة إلا المسار الخدمي المتمثل في رفع أسعار الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطن، إلى جانب فرض المزيد من الضرائب والتوسع في الاستدانة الخارجية.
وكشف نائب وزير المالية لشؤون الخزانة المصرية، محمد معيط، أن وزارته لم تضع في اعتبارها زيادة أسعار الفائدة 400 نقطة أساس (ما يعادل 4%) في آخر اجتماعين للبنك المركزي، متوقعا أن تحدث تغييرات أثناء السنة المالية.
اقرأ أيضا: هكذا سخر المصريون من "رفع الفائدة" مرتين خلال 47 يوما
وقال معيط، لـ"رويترز"، إن موازنة 2017-2018 تتضمن مصروفات فوائد دين بقيمة 381 مليار جنيه، مضيفا: "نتوقع أن يكون قرار رفع الفائدة إجراء وقتيا مؤقتا لاستهداف التضخم، وبدء الاتجاه النزولي لأسعار الفائدة، مع التراجع المستهدف لمعدلات التضخم مطلع 2018".
وأضاف: "متوسط سعر الفائدة على الاقتراض المحلي حاليا بين 19 و20 بالمائة وقد ينخفض هذا المتوسط خلال النصف الثاني من 2018 ليصل إلى 18 بالمائة، وتكلفة الفوائد عن 2016-2017 زادت عن المستهدف بسبب تغيرات سعر الصرف والفائدة ولكن لا يمكن إعلانها حاليا".
ورفع البنك المركزي يوم الخميس الماضي أسعار الفائدة الأساسية على الإيداع والإقراض بواقع 200 نقطة أساس لتخفيف الضغوط التضخمية وذلك في ثاني اجتماع على التوالي بعد أن رفعها في 21 أيار/مايو 200 نقطة أساس.
كان معدل التضخم في مدن مصر قفز إلى أعلى مستوياته في أكثر من 30 عاما خلال الشهور الأولى من 2017 بعد تحرير سعر الصرف في تشرين الثاني/نوفمبر ورفع أسعار الفائدة 300 نقطة أساس وزيادة أسعار الوقود قبل أن ينحسر قليلا في أيار/مايو إلى 29.7 بالمائة.
اقرأ أيضا: هجوم عنيف على "المركزي المصري" بعد رفع سعر الفائدة
وقال أستاذ الاقتصاد في الجامعة العالمية للتجديد بتركيا، أحمد ذكر الله، إن "تصريح نائب وزير المالية لشؤون الخزانة المصري يؤكد عدم وجود تنسيق ما بين مكونات الحكومة المصرية، ولعل هذا يظهر جليا عشوائية القرارات والسياسات الاقتصادية للحكومة، وما ترتب عليها من نتائج كارثية".
وتساءل ذكر الله في تصريحات لـ
"عربي21" مستنكرا: "هل وصلنا إلى هذه الدرجة من انعدام التنسيق، حتى يصرح نائب وزير المالية أنه لم يكن متوقعا لقرارات البنك المركزي، رغم أن البنك المركزي له ممثل داخل وزارة المالية، ويوجد أيضا ممثل للمالية داخل مجلس إدارة البنك المركزي؟!".
وأكد أستاذ الاقتصاد في الجامعة العالمية للتجديد، أن رفع أسعار الفائدة سيؤدي إلى مزيد من الأعباء على
الموازنة العامة للدولة، إلى جانب تداعيات السلبية على
معدلات التضخم والاستثمار، متوقعا أن يؤدي ذلك إلى زيادة حجم فوائد الدين الداخلية إلى 420 مليار جنيه بدلا من 381 مليار جنيه (أي بزيادة قدرها 40 مليار جنيه دفعة واحدة).
وأضاف: "لكي نتخيل حجم هذه الكارثة، فإن الـ 40 مليار جنيه التي ستتكبدها الموازنة العامة للدولة من نتيجة رفع سعر الفائدة في بند فوائد الدين الداخلي فقط، تكفي لإصلاح حال التعليم أو الصحة في مصر".
وأوضح أن الحكومة ستضطر إلى تقليص بعض بنود الإنفاق الأخرى، لاسيما بنود الخدمات، مضيفا: "فبعد رفع أسعار الكهرباء خلال اليومين الماضيين، تتحدث الشركة القابضة لمياه الشرب، عن عزمها رفع أسعار المياه، ويأتي ذلك بعد رفع أسعار 28 خدمة حكومية في مصر مقدمة للمواطنين".
وأشار ذكر الله إلى أن الحديث عن فرض ضرائب جمركية على هدايا المصريين المغتربين في الخارج، والتي نفتها لاحقا مصلحة الجمارك المصرية، لا يعدو كونه بالونة اختبار، لاتجاه الحكومة نحو فرض المزيد من الضرائب أو رفع أسعار خدمات لم تحدد بعد لتعويض الزيادة في حجم فوائد الدين الناتجة عن رفع أسعار الفائدة.
وتابع: "رفع أسعار الفائدة يزيد من حجم الديون ويجبر وزارة المالية على الاستدانة من الخارج بأسعار فائدة منخفضة مقارنة بأسعار الفائدة المحلية، وهو ما سيدفع المواطن ثمنه من شروط وتبعية اقتصادية ومزيد من الإملاءات الخارجية، ولنا في قرض صندوق النقد الدولي وما أعقبه من قرارات كارثية عبرة لمن لم يعتبر".
اقرأ أيضا: هذه مخاطر إقبال الأجانب على شراء ديون مصر بعد رفع الفائدة