أعلن رئيس الحكومة الموريتانية يحيى ولد حدمين، مساء السبت، أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز باق في السلطة وسيترشح لولاية رئاسية ثالثة.
وهذه هي المرة الأولى التي يؤكد فيها مسؤول حكومي بهذا المستوى؛ بقاء رئيس البلاد ولد عبد العزيز في السلطة، منذ إعلان هذا الأخير عدم ترشحه لولاية رئاسية ثالثة بداية العام الحالي.
وأربكت تصريحات رئيس الحكومة المشهد السياسي في البلاد، وأعادت الجدل بشأن الولاية الثالثة للرئيس؛ إلى واجهة الأحداث السياسية بقوة.
وتنتهي الولاية الثانية للرئيس ولد عبد العزيز منتصف العام 2019، ويحظر عليه دستور البلاد الساري حاليا؛ الترشح لأكثر من ولايتين رئاسيتين متتاليتين. إذ تنص المادة 28 من
الدستور على أنه "يمكن إعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمرة واحدة".
وقال ولد حدمين، أمام الآلاف من أنصار الأغلبية الحاكمة، بولاية لبركانه وسط البلاد، إن الرئيس ولد عبد العزيز سيبقي لولاية ثالثة "استجابة لرغبة الشعب الموريتاني، ومن أجل استمرار مسيرة التنمية التي بدأها منذ وصوله للسلطة"، وفق قوله.
ولم يصدر أي تعليق من
الرئاسة الموريتانية حتى مساء الأحد، على تصريحات رئيس الحكومة التي وصفها البعض بالمثيرة.
وأشار رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، سيدي محمد ولد محم، مساء السبت أيضا؛ إلى عزم الرئيس ولد عبد العزيز الترشح مجددا للرئاسة، لكنه أكد أن الشعب الموريتاني سيظل في النهاية هو الحكم.
وكان الرئيس الموريتاني قد شدد في أكثر من مناسبة أنه لن يغير الدستور من أجل الترشح لولاية ثالثة، مؤكدا في نفس الوقت أنه لن يبتعد عن المشهد السياسي كثيرا.
غضب المعارضة
وفي أول تعليق من المعارضة الموريتانية على تصريحات رئيس الحكومة، قال محمد المصطفى ولد بدر الدين، القيادي بالمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة (تحالف معارض يضم 14 حزبا سياسيا)، إنه في حال تأكد عزم الرئيس الترشح لولاية ثالثة، فإن المعارضة ستتعامل مع ذلك على أساس انه انقلاب ثالث لولد عبد العزيز.
وقال ولد بدر الدين، في تصريح هو الأول للمعارضة بعد تصريحات رئيس الحكومة، إن المعارضة ستتعامل مع موضوع ترشح الرئيس الولاية ثالثة مثل تعاملها مع الانقلابات العسكرية التي عرفتها البلاد خلال السنوات الماضية، لافتا، في حديث لـ"عربي21"، إلى أنه شكك في أكثر من تصريح في صدق تعهدات الرئيس ولد عبد العزيز بأنه لن يترشح لولاية ثالثة.
وأضاف: "أريد أن أذكر الرئيس ولد عبد العزيز بتصريحاته، في ختام الحوار الأخير وتصريحاته للإعلام الدولي قبل فترة قصيرة؛ بأن ما يجري الحديث عنه من عزمه الترشح لولاية ثالثة مجرد إشاعات وأخبار كاذبة تبثها أحزاب المعارضة".
وزاد بالقول: "اليوم الوزير الأول ورئيس الحزب الحاكم، يتحدثان علنا وأمام الجماهير بشكل واضح أن الولاية الثالثة للرئيس"، كما قال.
وشدد ولد بدر الدين على أن المعارضة ستتصدى بقوة لأي محاولة للتمديد لولاية ثالثة للرئيس الحالي، مضيفا أن الأيام القادمة ستثبت ذلك.
أجواء سياسية مشحونة
وتأتي تصريحات رئيس الحكومة ورئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، في ظل أجواء سياسية مشحونة، وقبل أسابيع من موعد الاستفتاء الدستوري المقرر في الخامس من آب/ أغسطس القادم.
وفيما بدأ حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم أمس السبت، حملة وصفت بالسابقة لأوانها للتعبئة للتعديلات الدستورية، أعلن قادة المعارضة في بيان شديد اللهجة؛ أنهم سيقفون بقوة ضد هذه التعديلات، وسيستخدمون كل الوسائل المتاحة لإفشالها.
وفي ظل الظرف السياسي المشحون، بادرت السلطات الأمنية، مساء الجمعة، لاعتقال عضو مجلس الشيوخ المعارض محمد ولد غده، وإحالته لسجن مدينة روصو جنوب البلاد.
واعتقل ولد غده على خلفية حادث سير تعرضت له سيارة كان يقودها وتسبب في وفاة شخصين قبل أكثر من شهر.
ورأت المعارضة أن اعتقال ولد غده في هذا التوقيت؛ يدخل ضمن التضييق على المعارضين قبل موعد التعديلات الدستورية، وأن السلطات توظف الحادث الذي تعرض له ولد غده قبل شهر من أجل الحد من نشاطه السياسي في الوقت الراهن.
وفي السياق ذاته، وصف بيان مشترك لأكثر من 17 حزبا سياسيا معارضا، الاستفتاء الشعبي الذي تنوي الحكومة تنظيمه؛ بأنه "انقلاب جديد على الشرعية، وتمهيد لاستمرار النظام"، وفق البيان.
وأدان البيان الذي وصلت نسخة منه لـ"عربي21"؛ ما سماه "الأساليب الممجوجة التي يستخدمها النظام لفرض تعديلاته، والمتمثلة في تشجيع القبلية والجهوية، وتجنيد الموظفين والوكلاء العموميين، والتوظيف اللا مشروع لوسائل الدولة، واحتكار وسائل الإعلام، وإقصاء كل الأصوات المخالفة"، على حد تعبير البيان.
وتوقع مراقبون أن تشهد الأسابيع القادمة؛ تصاعدا في حدة السجال السياسي في البلاد، في ظل إصرار الحكومة على عرض التعديلات الدستورية على الاستفتاء، وتمسك قوى المعارضة الرئيسية بإفشالها.
التعديلات الدستورية
وتتضمن التعديلات الدستورية المقدمة من الحكومة، إلغاء "محكمة العدل السامية" المعنية بمحاكمة الرئيس وأعضاء الحكومة، وإنشاء مجالس جهوية للتنمية، وتوسيع النسبية في الانتخابات العامة، وتغيير العلم الوطني، وإلغاء مجلس الشيوخ (الغرفة الأولى في البرلمان)، غير أنها لا تتضمن التمديد لولاية ثالثة لرئيس البلاد.