تناول كاتب في صحيفة "
نيوزويك" في مقاله له "كم من الوقت يمكن لإسرائيل أن تستمر دون أمريكا"، مسلطا الضوء على أهمية الولايات المتحدة بالنسبة للإسرائيليين.
وجاء في مقاله الذي ترجمته "
عربي21"، أنه "أمريكا مهمة جدا للأمن القومي
الإسرائيلي وليس من المبالغة الحديث عن ذلك.
وفي ما يلي نص مقاله الذي أوضح فيه كيف تعتمد إسرائيل على الولايات المتحدة في جميع المجالات:
إن واشنطن عادة ما تكون المحطة الأولى والأخيرة، لمحاولة التصدي للتحديات التي تواجهها إسرائيل.
أمريكا هي كل شيء فيما يخص جميع القرارات السياسية المتصلة بالأمن القومي الإسرائيلي، في محافل صنع القرار.
وبعد أربعة عقود من هذه "العلاقة الخاصة"، كان ثمن الشراكة الرائعة خسارة كبيرة لاستقلال القرار الإسرائيلي.
في الواقع، أصبح اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة عميقا، لدرجة أنه من المشكوك فيه ما إذا كان بإمكان إسرائيل البقاء حتى اليوم دون مساعدة أمريكا.
وبالنسبة للأمريكيين والإسرائيليين على حد سواء، فإن هذا الكلام مثير للجدل. إلا أن الكثير من الأمريكيين ينتقدون ما يرونه تجاهلا من الإسرائيليين لتفضيلات السياسة الأمريكية، رغم العلاقة الجيدة التي تقدمها أمريكا، إلى جانب تقديمها المساعدات الضخمة لإسرائيل.
ويصدق هذا القول بشكل خاص في الوقت الذي تقوده فيه إسرائيل حكومة متشددة.
إن إسرائيل، لا ترغب في أن تعتمد على قوة أجنبية أخرى، حتى ولو كانت صديقة جيدة مثل الولايات المتحدة، وهي ترى أن حريتها تكون في اتخاذ القرار المستقل.
إلا أن مجموع المساعدات الأمريكية لإسرائيل منذ قيامها في عام 1949 حتى عام 2016، تبلغ حوالي 125 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم، ما يجعل إسرائيل أكبر المستفيدين من المساعدات الأمريكية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وبحلول نهاية العشر سنوات من المعونة العسكرية التي تم الاتفاق عليها مؤخرا للفترة 2019-28، فإن الرقم الإجمالي سيكون 170 مليار دولار تقريبا.
وشكلت المساعدات الأمريكية في السنوات الأخيرة نحو 3 في المئة من إجمالي الميزانية الوطنية لإسرائيل، و1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
على هذا النحو، فإن العمل على إنهاء تلقي المساعدات الأمريكية سيتطلب قدرا كبيرا الحزم لدى الإسرائيليين وتخفيضات مؤلمة في ميزانيتهم المثقلة أصلا بالاحتياجات المحلية، مثل الصحة والتعليم، ما من شأنه أن يسبب توترات اجتماعية.
بيد أن هذا الأمر لن يشكل تحديا يصعب التغلب عليه بالنسبة للاقتصاد الوطني الإسرائيلي.
إنما سيكون التأثير الحقيقي على ميزانية وزارة الدفاع الإسرائيلية.
ففي السنوات الأخيرة، شكلت المعونة الأمريكية حوالي 20 في المئة من إجمالي ميزانية الدفاع الإسرائيلي (التي تشمل المعاشات التقاعدية والرعاية والتعويض عن المحاربين القدامى والأرامل)، أو 40 في المئة من ميزانية الجيش الإسرائيلي.
وبالتالي، فإن إنهاء المساعدات الأمريكية سيكون لها أثر مدمر على وضع الدفاع الإسرائيلي، ما لم تقوم إسرائيل بإعادة ترتيب الأولوياتها الوطنية.
وخلافا لخصوم إسرائيل، الذين يستطيعون شراء أسلحة من مصادر عديدة ذات قيود سياسية قليلة، فإن اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة أمر بالغ الأهمية.
ولا يمكن أن يتم استبدال هذا الاعتماد الكبير، أو أن يحل محله أي من كبار منتجي الأسلحة اليوم مثل بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين.
ومن المؤكد أن أيا من هذه الدول لن يكون مستعدا لتوفير التمويل اللازم بالنسبة لإسرائيل، ولا يوجد بأي حال من الأحوال بديل عن السلاح الأمريكي من حيث النوعية.
وتشمل العلاقة العسكرية بين أمريكا وإسرائيل أيضا تمارين ثنائية واسعة النطاق، ما يسمح للجيش الإسرائيلي بتعلم بعض أكثر التكتيكات تقدما في العالم.
وكانت بعض هذه المناورات متعددة الأطراف أي بمشاركة بلدان أخرى، ما أسهم في تعزيز العلاقات الخارجية الإسرائيلية مع أطراف أخرى، وفي بعض الحالات استفادت إسرائيل ببناء علاقات ذات أهمية استراتيجية، وكل ذلك بفضل أمريكا.
ووضعت الولايات المتحدة مخزونا كبيرا من الاسلحة والذخائر في إسرائيل.
وتتشارك الدولتان في تدريبات مكافحة الإرهاب والأمن الداخلي.
وكان الدعم الأمريكي البارز لإسرائيل في حرب لبنان 2006، في أول مواجهة عسكرية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، إذ لم تواجه فيه إسرائيل قيودا دبلوماسية بسبب أمريكا.
وتقوم الولايات المتحدة وإسرائيل بإجراء حوار وتخطيط استراتيجيين على نحو غير عادي ومكثف بشكل غير عادي.
وفيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني على وجه الخصوص، شارك البلدان في حوار استراتيجي واسع النطاق لم يسبق له مثيل منذ نحو 20 عاما.
بالإضافة إلى حوارهما بالقضايا الأخرى، في جملة أمور، أبرزها الملف العراقي والسوري والليبي، وأسلحة الدمار الشامل، والوضع في سوريا وحزب الله وحماس، والقضية الفلسطينية، وأكثر من ذلك بكثير.
والتعاون الاستخباري، أمر بالغ الأهمية بالنسبة لإسرائيل، وهو مفيد للولايات المتحدة أيضا بشكل كبير.
وعلى الصعيد الدبلوماسي أيضا، فإن الولايات المتحدة هي البلد الذي لا غنى عنه بالنسبة لإسرائيل، ولا وجود لأي بديل مستقبلي على المنظور البعيد.
واستخدمت الولايات المتحدة نفوذها الدبلوماسي في مجموعة متنوعة من الملفات في المحافل الدولية لحماية إسرائيل، من مجموعة لا حصر لها من القرارات التي تضرها، المتصلة بعملية السلام، وقدراتها النووية المزعومة.
ولم يستخدم أي عضو دائم آخر في مجلس الأمن حق النقض مرارا كما فعلت الولايات المتحدة، لحماية إسرائيل، بما في ذلك حمايتها من عقوبات محتملة.
بين عامي 1954 و2011، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد نحو 40 قرارا بحق إسرائيل، وبشكل واضح.
والحادثة التي تبين بشكل واضح اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة في المحافل الدولية، ما عاشته من قلق واضطراب عندما امتنعت الولايات المتحدة فقط لمرة واحدة عن الفيتو ضد قرار في مجلس الأمن يدين الاستيطان في كانون الأول/ ديسمبر 2016 .
ومع ازدياد عزلة إسرائيل الدولية، أصبح اعتمادها على الغطاء الدبلوماسي الأمريكي شبه كامل.
ولن يعمل أي بلد آخر بشكل كبير مع إسرائيل، كما تفعل الولايات المتحدة منذ عقود، من أجل تعزيز السلام مع جيرانها، بشروط مقبولة لإسرائيل.
وبذلت الولايات المتحدة جهودا كبيرة للمساعدة في بناء العلاقة الإسرائيلية التركية وإعادة إحيائها في السنوات الأخيرة.
ودعمت جهود إسرائيل الناجحة لتطوير علاقات طيبة مع أذربيجان، فضلا عن قبولها في المحافل الدولية والإقليمية.
ولتعزيز مكانة إسرائيل الإقليمية والدولية، عملت الولايات المتحدة على مساعدة إسرائيل على تحسين العلاقات مع الأردن ومصر، وكذلك دول الخليج وشمال أفريقيا.
بالإضافة إلى إنشاء مناطق صناعية مؤهلة في الأردن ومصر، ما كان له أثر كبير على التجارة الإسرائيلية معها.
كما أن اقتصاد إسرائيل النابض بالحياة يعتمد بشدة على الولايات المتحدة، فهي تعد أكبر شريك تجاري لها، بالإضافة إلى أن بينهما اتفاقية تجارة حرة، وهي أول اتفاقية وقعت عليها الولايات المتحدة مع أي بلد آخر.
أما قطاع التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل، الذي تفخر به، إلا أنه موجود وما زال يزدهر بشكل كبير، بسبب العلاقة مع الولايات المتحدة.
للاطلاع على باقي المقال وتفاصيله
اضغط هنا