عام مضى على انقلاب الـ15 من تموز/ يوليو في
تركيا، الذي فشل فيه العسكر في السيطرة على مقاليد الحكم، بفعل تصدي الشعب الذي رفض التفريط في حريته، وآثر حماية التجربة الديمقراطية.
ورغم اتخاذ تركيا برئاسة رجب طيب
أردوغان اجراءات مكثفة وجوهرية، طالت عشرات الآلاف ممن تورطوا في هذه المحاولة، الا أن أسئلة ما زالت مطروحة حول مدى زوال خطر الانقلابات العسكرية، في بلد عاني من عدة انقلابات على مدار عقود مضت.
الكاتب والمحلل السياسي اسماعيل ياشا اعتبر أن خطر الانقلابات العسكرية في تركيا قد زال فعلا إلى حد كبير.
وقال ياشا في حديث لـ"
عربي21"، أنه رغم أن محاولة الانقلاب الأخيرة امتلكت عنصر المفاجأة، إلا أن
الشعب التركي أفشلها، وأضحى الآن أكثر وعيا ويقظة، وسحب عنصر المفاجأة من الانقلابيين، بعد عام من الانقلاب الفاشل".
اقرأ أيضا: أردوغان: قدمنا ليلة الانقلاب 250 شهيدا وكسبنا مستقبل تركيا
وتابع ياشا: "اذا ما افترضنا أن انقلابا جديدا سيحصل، فإن الشعب التركي هذه المرة لن يقبض على الانقلابيين ويسلمهم للقضاء، بل سيحاكمهم ميدانيا في الساحات العامة".
ولفت ياشا الى أن عنصر المفاجأة الذي كان يعتمد عليه في الانقلابات السابقة، قد زال إلى غير رجعة بفعل وعي الاتراك، مستشهدا بما حدث قبل فترة في مدينة قونيا وسط البلاد، حينما حدث عطل امدادات الكهرباء، ما دفع الناس للنزول فورا للشارع خشية أن يكون ذلك محاولة انقلابية جديدة، حيث تبين فيما بعد أنه مجرد عطل كهربائي.
وعن
الجيش قال: "تم تطهير قطاعات الجيش من العناصر الانقلابية إلى حد كبير، لكن عملية تطهير كافة المؤسسات الحكومية ما زالت مستمرة بشكل قانوني، وتسير ربما بشكل بطيء نسبيا، وذلك للتأكد من قانونية الاجراءات".
لكن ياشا حذر من أن "
الكيان الموازي" ما زال يبث الأمل في عناصره الانقلابية ويمنيهم بالعودة إلى قوتهم ونفوذهم، وتابع: "منذ أكثر من 40 عاما والتنظيم يتستر داخل المؤسسات الحكومية، لذلك فالأغلبية الساحقة من الشعب ترى ضرورة التخلص من هذا التنظيم الخبيث وتجريده من نفوذه".
اقرأ أيضا: الغارديان: هذه حال تركيا بعد عام من محاولة الانقلاب الفاشلة
من جهته رأى الخبير العسكري أحمد الحمادي أن الدولة التركية نجحت عبر اجراءاتها التي اعقبت الانقلاب الفاشل في تطهير الجيش من أصحاب الطموحات الانقلابية، قائلا: "الجيوش دائما وجدت لحماية الأوطان والشعوب وليس لتنفيذ الانقلابات".
وقال الحمادي لـ"
عربي21"، إن انتشار العدالة والحرية والرخاء وبناء دولة المؤسسات والقانون يدفع بالشعوب على اختلاف مشاربها وانتماءاتها لأن تكون حصنا منيعا في وجه من يريدون العبث بأمن الوطن واستقراره. وتابع: "كما يمنع أصحاب البيانات رقم "1 " من الظهور مرة أخرى وهذا ما رأيناه في تركيا عندما كان الشعب سدا منيعا في وجه المراهقين العسكريين وفي وجه من يدعمهم".
وأكد الحمادي أن "تركيا اليوم محصنة ضد هكذا انقلابات وأصبحت دولة من النمور اقتصاديا واجتماعيا ودولة مؤسسات، وتسير باتجاه 2023 للتخلص من تبعات معاهدة سيفر".