تسببت صحف وقنوات إعلامية موالية للواء خليفة
حفتر، قائد القوات التابعة لبرلمان طبرق بليبيا، بموقف حرج بعد "فبركة" خبرين عن لقاء جمع حفتر بالسفير الأمريكي لدى
ليبيا، بيتر وليام بودي ولقاء آخر جمعه بقائد القيادة الأمريكية المشتركة في إفريقيا (أفريكوم)، الجنرال توماس والدهاورز، في بنغازي، وهو ما نفاه الطرفان.
وبعد نفي السفارة الأمريكية في ليبيا ومكتب "الأفريكوم" عقد أي لقاءات مع حفتر في بنغازي، سارع إعلام حفتر لشن هجوم لاذع على الصحف والمواقع التي نشرت الخبرين، واتهمها بالتزوير وعدم الدقة، وبأنها "تصطاد في الماء العكر"، بحسب بيان للمكتب الإعلامي لقوات حفتر.
لقاء سري بالأردن
ولم تكتف السفارة الأمريكية بنفي لقاء سفيرها بحفتر في بنغازي، لكنها كشفت عن لقاء جمع السفير وحفتر في الأردن يوم 9 تموز/ يوليو الجاري، مؤكدة أن "واشنطن تنخرط في اتصالات مع طائفة واسعة من الشخصيات السياسية والأمنية الليبية".
وبحسب مصادر قريبة من قوات حفتر، فإن لقاء الأردن الذي لم يعلنه حفتر من قبل، وكان سريا، تسبب في غضب الأخير من الكشف عن هذه المعلومات في هذا التوقيت، كونه لم يعلن أيضا عن أي زيارات خارجية له في الفترة الماضية.
وطرحت هذه "الفبركة" الإعلامية وطريقة الرد عليها من قبل قوات حفتر، عدة تساؤلات حول: ما الهدف منها في هذا التوقيت؟ ولماذا لم ينف حفتر اللقاء فور نشر أخبار عنه؟ ولماذا هاجم إعلاما مواليا له بهذه الطريقة؟ وهل فعلا انقلب السحر على الساحر؟
تضليل ودعاية
من جهته، رأى الضابط برئاسة الأركان الليبية بطرابلس، العقيد عادل عبد الكافي، أن "ترويج إعلام (عملية) الكرامة وفبركة اللقاءين؛ هدفه تضليل الرأى العام بأن الولايات المتحدة تتواصل مع حفتر، وبأن أمريكا ستقوم بدعمه عبر أفريكوم، لكن ما حدث أن من رد فعل خذل حفتر"، حسب قوله.
وأوضح لـ"عربي21"؛ أن "نفي قائد الأفريكوم، وكشف السفارة الأمريكية عن لقاء الأردن غير المعلن؛ كان بمثابة تحذير لحفتر والدول الإقليمية الداعمه له، بأن الإدارة الأمريكية لن تسمح بأى مغامرة عسكرية باتجاه الغرب الليبي، بعد أن انكشفت معلومات عن تجهيز لعملية عسكرية باتجاه الغرب مدعومة من الإمارات ومصر".
وتابع العقيد عبد الكافي: "سر الاهتمام الأمريكى بليبيا الآن هو للحد من التدخل الروسي الذي يريد أن يجد له موطئ نفوذ داخل ليبيا، وإنشاء قاعده عسكرية، وهذا ما وعدهم (الروس) به حفتر لو دعموه، فلذلك الإدارة الأمريكية سعت إلى قطع الطريق أمام كل الأطراف التي تريد أن تتدخل في مناطق نفوذها"، كما قال.
رفع الحرج
وقال المحلل السياسي الليبي، وليد ماضي، إن "ما تسرب عن معلومات وتم نفيها لاحقا؛ أعتقد أنها تثبت أن الإدارة الأمريكية تمسك العصا من المنتصف، ولكنها مستعدة لتغيير موقفها إذا تحركت موازين القوى، فالسياسة الأمريكية لا زالت غير ثابتة مع الأطراف المختلفة، فهي تقدم وتؤخر حسب الموازين على الأرض"، حسب قوله.
وأضاف لـ"عربي21": "حفتر وكل الأطراف على الساحة؛ تحاول أن تُظهر بأنها تكسب ورقة الإدارة الأمريكية، ولا أعتقد أن واشنطن حريصة على موقف محدد بقدر حرصها أن تكون الرابح الأكبر في نهاية المطاف"، وفق تقديره.
الإعلامي الليبي من بنغازي، عاطف الأطرش، رأى من جانبه؛ أن "الجدل الحاصل هو محاولة لإزالة الإحراج الحاصل حول المحادثات التي جرت بين حفتر والسفير الأمريكي في عمان، وتخفيف وطأته على جموع المساندين له، حيث وصف من يتعامل مع الأمريكيين بالخونة والمرتزقة وبائعي الوطن؛ حتى يفاجؤوا بحفتر نفسه يلتقي بهم بشكل سري"، كما قال.
وحول دعم واشنطن لعمليات عسكرية في ليبيا، قال الأطرش لـ"عربي21": "واشنطن لا ترغب في أي عمليات عسكرية داخل طرابلس أو حولها، حيث سبق لهم تحذير المجموعات المسلحة التي حاولت اقتحام العاصمة لأكثر من مرة".
جزء من الحل
وقالت رئيسة منظمة "معها" الليبية لحقوق المرأة (مستقلة)، غالية بن ساسي، إن "ما حدث من قبل الجانب الأميركي من نفي وكشف؛ ربما يكون جزءا من حل الأزمة الليبية وليست مراوغة لحفتر، خاصة أن الأخير له مؤيدون في المنطقة الشرقية وأيضا الشقاق والخلاف بينه وبين رئيس البرلمان عقيلة صالح"، وفق تقديرها.
وأوضحت أن "الكشف عن لقاء مرتقب في الشرق بين حفتر ورئيس حكومة الوفاق فائز السراج ربما يعد فبركة جديدة أيضا، وخصوصا بعد المبادرة التي طرحها السراج حول انتخابات مبكرة".
وخلصت إلى القول "باختصار: إذا أراد حفتر حكم ليبيا عليه دخول الانتخابات وفقط"، كما قالت لـ"عربي21".