نشرت صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن بعض الأعمال الخطيرة التي يستحسن فسح المجال أمام
الأطفال للقيام بها. وعموما، يؤكد الخبراء أن الحماية المفرطة للأطفال الصغار يمكن أن تهدد استقلاليتهم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الآباء والأمهات اليوم غالبا ما يحدّون من رغبة أطفالهم لاكتشاف العالم بأنفسهم. وبالتالي، يتحكم الأهل في أنشطة أطفالهم على نحو متزايد، ويبذلون كل ما بوسعهم لتقليص المخاطر التي من المحتمل أن يتعرض إليها الأطفال، إلى أقصى حد ممكن.
وأوردت الصحيفة أن شعور الآباء بانعدام الأمن يعد أحد أسباب الحماية المفرطة لأطفالهم. في المقابل، كشفت الدراسات الأخيرة عكس ذلك تماما. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن بعض الآباء في هذه الأيام بصدد إبعاد أطفالهم عن مخاطر العالم المادي، وتوجيههم نحو مخاطر الحياة الافتراضية، عبر الإنترنت، وذلك عن طريق اللوحات الإلكترونية أو الكمبيوتر.
وأضافت الصحيفة أن المبالغة في
رعاية الأطفال من شأنها أن تحرم الصغار من التفاعل ومراقبة مختلف الظواهر بأنفسهم، فضلا عن تدريب وتطوير المهارات لديهم. ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط، وإنما تحد المبالغة في رعاية الأطفال من قدرتهم على الحكم بشكل صحيح على الأشياء والتمييز بين الخطر الحقيقي.
وتطرقت الصحيفة إلى ما ورد في كتاب المؤلف الأمريكي، جيفر تولي، الذي قدم تعليمات دقيقة جدا، شرح من خلالها كيفية تعليم الأطفال اكتشاف العالم من حولهم، ومنحهم في الآن نفسه دروسا لضمان سلامتهم.
ونوهت الصحيفة، أولا، بضرورة منح الأطفال فرصة طهي بعض الأكلات. وفي هذا الإطار، السماح للطفل بإعداد طبق بنفسه من شأنه أن يشجعه على اكتساب مهارات عملية وممتعة في الوقت نفسه. بالإضافة إلى ذلك، يتعلم الطفل من خلال المطبخ تلبية حاجياته الضرورية بنفسه، على غرار طريقة أكله؛ فعلى سبيل المثال، يعزز إعداد كعكة لجميع أفراد الأسرة مبدأ الإيثار، ويساعد على رفع مستوى الوعي لديه بمدى أهمية القيام بأشياء لصالح الآخرين منذ سن مبكرة.
وأضافت الصحيفة، ثانيا، أنه لا بأس بمنح الأطفال فرصة تسلق الأشجار؛ فقد اعتاد أغلب الآباء منع أطفالهم من تسلق الأشجار. وعموما، يؤثر هذا النشاط بصفة كبيرة على الأطفال الصغار؛ إذ يجعلهم أكثر وعيا بأجسادهم وقوتهم، فضلا عن مساهمته في تعزيز مهارات حركية لديهم.
وأوردت الصحيفة، ثالثا، أنه من الضروري منح الأطفال فرصة الذهاب إلى المدرسة سيرا على الأقدام أو بالدراجة. فنادرا ما ترى طفلا يبلغ أقل من 12 أو 13 سنة في طريقه إلى المدرسة بمفرده. ومع ذلك، في دول على غرار فنلندا، عادة ما يتنقل الأطفال إلى المدرسة إما سيرا على الأقدام أو عبر الدراجة الهوائية أو أي وسيلة نقل عمومية إذا لزم الأمر. إلى جانب ذلك، اعتاد بعض الأولياء على جعل أطفالهم يرتدون مفاتيح المنزل في الرقبة، وذلك حتى يتمكنوا من فتح الباب بأنفسهم عند العودة من المدرسة.
وفي هذا السياق، قدم المؤلف تولي بعض النصائح التي من شأنها أن تتعزز من استقلالية الطفل بصفة تدريجية، على غرار مرافقة الطفل في الطريق، والإشارة إلى بعض المخاطر المحتملة جراء حركة المرور، والتأكيد على كيفية التصرف مع الغرباء. من جهة أخرى، يستحسن مرافقة الطفل إلى منتصف الطريق، وتركه يواصل طريقه بمفرده.
وأشارت الصحيفة، رابعا، إلى أن قيادة السيارة تعدّ من أكثر الأنشطة التي تخضع لرقابة مشددة. فيجب ألّا تتم أبدا في الطريق العام، ويجب أن تكون دائما تحت إشراف الأكبر منا سنا. وبالنسبة للأطفال الصغار، عادة ما يمثل التحكم بمقود السيارة أمرا مثيرا للغاية بالنسبة لهم. في هذه الحالة، يجب على الكبار التحكم في الدواسات وفرامل اليد، وترك الأطفال يستمتعون بشعور قيادة السيارة.
وذكرت الصحيفة، خامسا، أن اكتشاف الأماكن الخفية تعد من بين أكثر الأنشطة التي تروق للأطفال، بما في ذلك الزحف تحت السرير، أو بناء أنفاق خاصة بهم عن طريق الأغطية والبطانيات. وتجدر الإشارة إلى أن الأطفال في فترة المراهقة عادة ما تزيد رغبتهم في اكتشاف الكهوف والأنفاق، وهو ما جعل العديد من الجمعيات تسعى إلى دعم مثل هذه الجولات الموجهة حصرا للأطفال.
ولفتت الصحيفة، سادسا، إلى منح الأطفال فرصة إضرام النار، وبالتالي، بدلا من إبقاء الأطفال بعيدا عن النار، سيكون من السهل جدا تلقينهم درسا حول كيفية السيطرة على أي حريق، وتوعيتهم بالمخاطر الحقيقية التي يمكن أن تنجر عنه. وعلى العموم، يمكن في مرحلة أولى تعليم الطفل عن طريق استخدام مدخنة المنزل.
وفي السياق ذاته، يجب ألّا نغفل عن تذكير أطفالنا بأن النار يمكن أن تكون عنصرا مفيدا وخطرا في الآن نفسه، إذ يعتمد ذلك على كيفية استخدامنا لها والسيطرة عليها.
وباختصار، كل هذه السلوكيات ليست سوى دروسا بسيطة يتعين علينا تعليمها لأطفالنا منذ مرحلة الطفولة.