طرحت مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الضابط بقوات حفتر والمعروف بـ"ضابط الإعدامات الميدانية"، محمود الورفلي، عدة تساؤلات حول مصير الأخير ومدى تعاون محفتر مع المحكمة.
وأكدت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، أن "سلطات ليبيا (دون أن تحددها) هي المسؤول الأول عن اعتقال وتقديم الورفلي للمحكمة في لاهاي"، مطالبة "المجتمع الدولي بالتعاون ومساعدة ليبيا على اعتقال? الورفلي".
وقام الورفلي بتنفيذ عدة إعدامات ميدانية بحق مواطنين ليبيين، آخرها إعدام على طريقة "داعش" بتصفية مناوئين له بعد إجارهم على ارتداء لباس أحمر اللون، وقان بنفسه بقتل بعضهم بسلاحه الشخصي.
تنفيذ أوامر
في المقابل، قال محمود الورفلي، وهو يعمل آمر محاور الصاعقة بقوات حفتر، إن "مذكرة الاعتقال لا تساوي الحبر الذي كتبت به، مضيفا خلال صفحته الرسمية على "فيسبوك" أنه "التزم بأوامر القيادة العامة عند تنفيذه لإعدامات بحق ما أسماهم "إرهابيين" في مدينة بنغازي"، حسب قوله.
وأثار القرار الدولي ورد فعل ضابط حفتر عليه، عدة استفسارات حول مصيره، وهل سيضحي حفتر به من أجل كسب تأييد أوسع من المجتمع الدولي؟ أم سيحتمي الورفلي بقبائل الشرق التي ترى فيه "بطلا يحارب الإرهاب"؟.
قرار متأخر
من جهته، أكد المحامي والناشط الحقوقي الليبي، صلاح المرغني، أن "قرار المحمة الدولية مرحب به كون ما نشر من أدلة تتطلب بالتأكيد مثل هذا الإجراء في ظل غياب أي محاسبة وطنية لجرائم الحرب التي ترتكب في ليبيا".
وأضاف لـ"عربي21"، "هذا القرار رغم أهميته لكنه غير كاف وجاء متأخرا، ونحث المحكمة من جديد في البت في جميع الملفات الليبية لديها وبأسرع وقت"، حسب قوله.
"حفتر" سيرفض
ورأى أستاذ القانون بجامعة طرابلس الليبية، محمد بارة، أن "تحقيق العدالة ولو كانت دولية أمر جيد ونرحب به، وبالتأكيد ربما تصدر مذكرات بحق آخرين لأن قانون المحكمة واضح فيما يتعلق بالعسكر كونهم مسئولين إذا كانوا على علم ولم يتدخلوا للحيلولة دون وقوع هذه الجرائم".
وبخصوص موقف حفتر من تسليم الورفلي، قال: "لا أظن أنه سيقوم بتسليمه، لأن ذلك (تسليمه) قد يورطهم"، وفق رأيه.
اقرأ أيضا: الجنائية الدولية تصدر أمر اعتقال لضابط كبير بقوات حفتر
وقال الناشط الليبي، مختار كعبار، إنه "في حال تسليم
الورفلي ستكون هناك كرة ثلج تتدحرج بها رؤوس كثيرة من قوات حفتر وعلى رأسهم حفتر نفسه بحكم أنه من يصدر الأوامر"، مضيفا لـ"عربي21": "وفي حالة الضغط دوليا على حفتر، فأعتقد أنه لن يسلمه ولكن قد تتم تصفيته بشكل أو بآخر حتى لا يجر آخرين".
إحراج "الجيش"
لكن الكاتب والباحث السياسي الليبي، عزالدين عقيل، أكد أن "هذا الضابط اذي يمارس الإعدامات جهارا نهارا، قد وضع الجيش (قوات حفتر) في موقف محرج جدا، كون تسلميه حتى أصبح من الصعوبة كونه يحتمي في "أولياء الدم" في االشرق والذي يرونه محاربا للإرهاب".
وقال عقيل في تصريحات لـ"
عربي21"، "ربما ينقل الأمر من القيادة العسكرية إلى القيادة السياسية المتمثلة في
الحكومة المؤقتة وفي البرلمان الليبي، وهنا أيضا صعوبة كون هذا الضابط يحظى بشعبية وسط عدة قبائل هناك".
ثلاثة أسئلة
وطرح المحامي الليبي المقرب من قوات حفتر، عصام التاجوري، عدة تساؤلات بخصوص قرار المحكمة الدولية، واصفا إياها بـ"محكمة مآل أخير"، حال عجز القضاء الداخلي عن التحقيق.
وقال التاجوري لـ"
عربي21": "وهنا يمكنني طرح ثلاثة أسئلة: كيف تيقنت المحكمة من عجز القضاء الليبي عن المحاكمة؟ ثانيا: هم الضحايا، فلم تظهر الفيديوهات المنشورة هوية الأشخاص الذين يشتبه أنهم قتلوا على يد الضابط، ثالثا: أين مذكرات الجلب لأمراء الحروب في باقي مناطق
ليبيا؟".
"رايتس ووتش" تطالب بالتسليم
وفي السياق ذاته، دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الله الثني التابعة لمجلس النواب إلى اتخاذ خطوات فورية لتسهيل تسليم الضابط بقوات عملية الكرامة محمود الورفلي إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وأوضحت "رايتس ووتش" أن "الورفلي ظهر في عدة مقاطع فيديو منشورة، رفقة قوات مرتبطة بالجيش الليبي وهو يرتكب سلسلة جرائم حرب خطيرة على مدى عدة أشهر.
اقرأ أيضا: في تسجيل جديد.. أحد أتباع حفتر يعدم 20 شخصا ببنغازي
وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش إريك غولدستين: إن مذكرة المحكمة الجنائية الدولية ضد الورفلي تمثل "إنذارا لباقي القادة المسيئين في ليبيا، وتشير إلى أنه يوما ما ستودي بهم جرائمهم الخطيرة إلى زنزانة سجن في لاهاي".
وكشفت "ووتش" أنها راجعت سبعة مقاطع فيديو وعدة صور تظهر على ما يبدو "حوادث مختلفة لجنود تابعين للجيش الليبي وهم يعدمون محتجزين.، ويمثّلون بجثث المقاتلين المفترضين المعارضين للجيش، بما في ذلك حرق الجثث وركلها والتموضع لالتقاط صورة مع جثة أخرى بلجام معقود حول عنقها".
يذكر أن الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية، أصدرت، الثلاثاء الماضي، أمرا بالقبض على القيادي في عملية الكرامة محمود الورفلي، لمسؤوليته عن ارتكاب جرائم قتل بوصفها جريمة حرب.