قال رئيس بعثة
الأمم المتحدة للدعم في
ليبيا،
غسان سلامة، إن تعدد المبادرات السياسية لتسوية الأزمة في ليبيا تربك جهود المنظمة الدولية الرامية إلى مساعدة الليبيين في تخطي أزمتهم، مشددا على ضرورة توحيد الجهود السياسية والاقتصادية والدولية في هذا الشأن.
جاء ذلك في كلمة أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، مساء الاثنين، خلال تقديمه لإحاطته الأولى إلى مجلس الأمن الدولي، حول الوضع في ليبيا عبر الفيديو "كونفرانس" من مجمع بعثة الأمم المتحدة في العاصمة طرابلس للمرة الأولى لمبعوث أممي في ليبيا.
وشدد سلامة على أن مفتاح الاستقرار الدائم في ليبيا يستلزم معالجة الوضع السياسي الشامل، منبها إلى أن الفراغ المؤسسي الذي تعيشه البلاد في هذا الوقت الدقيق لن يخدم مصالح ليبيا، داعيا إلى توحيد الجهود السياسية والأمنية والاقتصادية بطريقة متسقة ومنسقة لمساعدة الليبيين على تخطي أزمتهم.
ونوّه سلامة إلى أن الاستقرار الدائم في ليبيا يستلزم معالجة الوضع السياسي الشامل، موضحا أن القضايا الرئيسة التي تهيمن على المشهد السياسي هي "الاتفاق السياسي الليبي، ومسودة الدستور والانتخابات".
وقال سلامة إن "الاتفاق السياسي الليبي الذي يوافق يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر المقبل الذكرى السنوية الثانية لتوقيعه، ثمة عدم يقين حول ما تعنيه بالفعل نهاية الفترة الانتقالية التي جرى تحديدها في الاتفاق السياسي، ومن أهم المهام العاجلة هي المساعدة على بناء توافق في الآراء بين الليبيين بشأن الأهمية القانونية والسياسية لذلك الموعد"، بحسب نص الإحاطة.
وأضاف المبعوث الأممي: "أثار معظم مَن حاورتهم أفكارا بشأن تعديل الاتفاق السياسي الليبي، وثمة توافق في الآراء بدأ يظهر بشأن هذه المسألة، وأمل أن أتمكن من الإعلان عن بعض التحرك في الأيام المقبلة".
وعن مسودة مشروع الدستور التي صوتت عليها الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في 29 تموز/ يوليو الماضي، فقد اعتبر غسان سلامة في إحاطته، أن هذا التصويت من قبل هيئة صياغة الدستور على مسودة الدستور شكل منعطفا هاما.
ولفت سلامة إلى وجود دعوات متزايدة وواسعة النطاق لإجراء انتخابات جديدة، واشترط في إحاطته ضمان تلبية الشروط السياسية والفنية الأساسية اللازمة لإنجاح الانتخابات، لا سيما التزام جميع الأطراف بقبول نتائج الانتخابات التي تعني التناوب السلمي والمنظم، وفق قوله.
ونوّه إلى أن مشاكل ليبيا لا تقتصر على الشعب الليبي فقط، مبينا أن وجود تنظيم الدولة والجماعات الأخرى المرتبطة بالقاعدة والمقاتلين الأجانب والمرتزقة، والاتجار بالأسلحة، واقتصاد السوق السوداء عبر الحدود، تشكل تحديات تمتد عبر حدود ليبيا وتؤثر على دول الجوار والمجتمع الدولي الأوسع نطاقا.
واستذكر خلال حديثه المواجهات المسلحة التي اندلعت قبل ثلاثة أيام قرب الحدود مع تشاد، التي تؤكد حساسية الظروف الحالية في ليبيا على الصعيد الإقليمي، وفق قوله.
وأعرب سلامة عن عزمه للعمل عن كثب مع شركائهم لضمان أن يكون بينهم تنسيق كامل في تحقيق رؤية للاقتصاد الكلي للبلاد، ومساعدة السلطات على توفير الخدمات الأساسية، مؤكدا أنه إذا لم يتصدى للتحديات الاقتصادية، فإن الأزمة الإنسانية في ليبيا سرعان ما تتفاقم.
وعبّر سلامة، عن قلقه بشكل خاص للوضع الراهن في مدينة درنة، موضحا أنه دعا مرارا إلى أن يكون للمدنيين حرية التنقل، وأنه عمل بنشاط من أجل إدخال الضروريات الأساسية إلى المدينة.
وأشار رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، إلى أنه يواصل التحضير لزيادة وجود أسرة الأمم المتحدة في طرابلس ومنها إلى جميع أنحاء البلاد، بحسب ما تسمح به الظروف الأمنية.
وأعرب غسان سلامة، عن تطلعه إلى العمل مع جميع الأطراف المعنية الليبية والدولية من أجل توحيد الجهود السياسية والأمنية والاقتصادية بطريقة متسقة ومنسقة.
وأوضح سلامة أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، يعتزم خلال الاجتماع المقبل للجمعية العامة عقد اجتماع رفيع المستوى لتقديم خطة عمل حول ليبيا.
وعرض سلامة في إحاطته لمجلس الأمن، الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها ليبيا، ومعاناة المواطنين في الحصول على مرتباتهم الشهرية، ونقص الوقود والانقطاعات المتكررة في الكهرباء، وارتفاع سعر الصرف للدولار مقابل الدينار، إضافة إلى الأوضاع الأمنية في البلاد.
والتقى ممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة، قبل توليه منصبه في 25 تموز/ يوليو الماضي، برئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، واللواء المتقاعد خليفة حفتر في العاصمة الفرنسية باريس.
وبعد توليه منصبه رئيسا لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا منذ شهر، أجرى أول زيارة له إلى ليبيا وبالتحديد إلى طرابلس في الخامس من الشهر الجاري، والتقى خلالها فائز السراج، ورئيس المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي، وفي اليوم التالي التقى مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح في القبة شرق البلاد.
وزار سلامة أيضا مدنا عدة في البلاد مثل بنغازي ومصراتة والزنتان والبيضاء، واجتمع في هذه المدن مع عدد من المسؤولين وشخصيات سياسية ومسؤولين عسكريين وأمنيين ومع نساء ومفكرين وناشطين وشباب، ومجموعة من الأطياف السياسية في جميع أنحاء البلاد.
وأجرى سلامة مشاورات خارجية مع تونس ومصر والجزائر وإيطاليا، إضافة إلى ممثلين عن جامعة الدول العربية، لبحث ملف الأزمة الليبية، وأكدت هذه الأطراف دعمها للبعثة الأممية التزامها بضمان نجاح جهود حل الأزمة.