برزت خلال الأيام الأخيرة العديد من الشواهد التي تؤكد تراجع نظام قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي عن إجراء تعديلات دستورية، وعلى رأسها تعزيز صلاحيات الرئيس ومد فترة رئاسته من أربع إلى ست سنوات.
ونقلت صحيفة "الشروق"
المصرية يوم الاثنين الماضي عن مصادر برلمانية قولها إن مجلس النواب لن يناقش أية تعديلات دستورية خلال العام الجاري بما فيها تعديل مدة ولاية رئيس الجمهورية.
تحول لافت
وكان من اللافت التحول الواضح في خطاب عدد كبير من أنصار النظام من سياسيين وبرلمانيين، حيث تحولوا من الترحيب بالتعديلات والمطالبة بها باعتبارها ضرورة ملحة لاستقرار الوطن، إلى مهاجمتها والتحذير من عواقبها الوخيمة.
وفي هذا السياق أكد عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان مصطفى بكري، أن الحديث عن تعديل مدة رئيس الجمهورية ليس في مصلحة الوطن، مشيراً إلى أن السيسي أعلن أكثر من مرة أنه لا يرغب في ذلك.
وأضاف بكري، وهو من الشخصيات المقربة من النظام، في تصريحات صحفية، أن المطالبة بتعديل الدستور ومد فترة الرئيس ستثير العديد من الأزمات والمشكلات، داعيا السيسي إلى رفض كل هذه الدعوات.
من جانبه، قال النائب أسامة هيكل، إنه ليس لديه أي معلومات عن مناقشة أية تعديلات دستورية، واصفاً ما تردد في هذا الشأن بأنه "مجرد تكهنات".
اقرأ أيضا: هل يستغل السيسي تعديل الدستور للإطاحة بشريك الانقلاب؟
وحذر هيكل، وهو وزير أسبق للإعلام ومقرب من السيسي ويرأس لجنة الإعلام والثقافة في البرلمان، من عواقب المساس بمدة الرئاسة في الدستور، قائلا إن فتح مُدد الرئاسة لأكثر من مرتين أو تغيير الفترة من أربع إلى ست سنوات يؤدي لعواقب وخيمة ويعرض البلاد لضغوط خارجية وانقسامات داخلية.
ولفت إلى أن تجميد الولايات المتحدة جزءا من المساعدات الممنوحة لمصر يؤكد قرب انتهاء شهر العسل بين الجانبين، مؤكدا أن البلاد تحتاج إلى إجراء إصلاحات اقتصادية والتركيز على مشكلات المواطنين أكثر من إجراء تعديلات دستورية.
رفض غربي
وتعليقا على هذا التحول في موقف النظام، قال الناشط السياسي ممدوح حمزة إن رفض الغرب لإجراء تعديلات دستورية هو السبب في تراجع السيسي عن هذا الخطوة.
وأضاف حمزة، عبر "تويتر" يوم الاثنين الماضي أن السيسي لن يمدد فترة رئاسته خوفا من الغرب لأنه لو مدد فترة الرئاسة سيؤكد للعالم أن ما قام به في 30 يونيو 2013 كان انقلابا، وقد يواجه بسبب ذلك مقاطعة دولية وربما تتم محاكمته في المحكمة الجنائية الدولية.
وأشار إلى أن المرشح الرئاسي السابق عمرو موسى كان أحد الأسباب في رفض الغرب لتعديل الدستور في مصر وتمديد فترة الرئاسة بعد انتقاده لهذه الدعوات، الأمر الذي أثار الرأي العام العالمي ضد التمديد" حسب قوله.
فترة هدنة
من جانبه، قال الناشط الحقوقي محمد زارع إن النظام قام في الشهرين الأخيرين بمحاولات لجس نبض الرأي العام من خلال إثارة موضوع
التعديلات الدستورية، ليعرف ما إذا كان الناس ستتقبل الفكرة أم لا، لكنه اكتشف وجود رفض كبير لدى قطاع كبير من المصريين.
وأوضح زارع، في تصريحات لـ "
عربي21"، أن أكثر شيء جعل النظام يتراجع مؤقتا عن هذه الفكرة هو رفض عمرو موسى رئيس لجنة كتابة الدستور تبعه عدد كبير من السياسيين الذين أعلنوا لتلك الدعوات، بالإضافة إلى الرفض الدولي لتلاعب النظام بالدستور.
لكنه استبعد أن يتراجع النظام نهائيا عن تعديل مواد الدستور المتعلقة بمد فترة حكم الرئيس، متوقعا أن تكون هذه الفترة بمثابة الهدنة مع الشعب بسبب الهجوم العنيف والرفض الذي فوجئ به النظام لهذه التعديلات داخليا وخارجيا.
اقرأ أيضا: شفيق يستهزئ بمقترحات تعديل الدستور المصري.. ماذا قال؟
وحول إعلان عدد من نواب البرلمان رفضهم للتعديلات في الأيام الأخيرة، قال محمد زارع إنه لا يعول عليهم في شيء، مؤكدا أنه لو صدرت لهم الأوامر بالموافقة على التعديلات سيتراجعون عن تصريحاتهم السابقة في الحال.
"لحين تجهيز خطة بديلة"
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية محمود السعيد إن البرلمان تراجع عن الترويج للتعديلات الدستورية نتيجة لضغط الرأي العام في الفترة الماضية، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من المحسوبين على معسكر 30 حزيران/ يونيو، وخاصة الشخصيات العامة ذات الثقل السياسي والأكاديمي والمعروفة دوليا، رفضوا هذه التعديلات، وهذا كان بمثابة ناقوس الخطر الذي جعل البرلمان يتراجع عن فكرة تعديل الدستور وخاصة مد فترة حكم الرئيس.
وأضاف السعيد، لـ "
عربي21" أن فكرة التعديل بشكل عام مازالت مطروحة داخل النظام، مؤكدا أن عددا من المؤسسات والأجهزة تريد تعديل مواد دستورية لتحقيق مكاسب خاصة لها، أو ضمان جزء من الاستقلالية، ومن بين هذه المؤسسات مجلس النواب نفسه الذي يريد تعديل مراجعة مجلس الدولة للقوانين التي تصدر منه قبل إقرارها.
ولم يستبعد محمود السعيد أن يتم إثارة موضوع التعديلات مجددا خلال أسابيع أو شهور بعد أن يعيد النظام ترتيب أوراقه ويجهز خطة بديلة لتمرير هذه التعديلات بأقل قدر من الخسائر محليا ودوليا.