نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية؛ رسالة مفتوحة من المواطنة في إيرلندا الشمالية، سمية حلاوة، انتقدت فيها حكومة بريطانيا والاتحاد الأوروبي، على خلفية مواصلة دعمهما للنظام
المصري وجهازه القضائي، على الرغم من تورطهما في ملاحقة المدنيين والأطفال بشكل غير قانوني، وانتهاك
حقوق الإنسان.
وقالت الرسالة، التي ترجمتها "عربي21"، إنه من غير الممكن أن تنسى اليوم الذي قامت فيه قوات الأمن المصري باعتقال شقيقها إبراهيم، الحامل للجنسية الإيرلندية. وقد كان إبراهيم آنذاك في زيارة عائلية للقاهرة خلال العطلة المدرسية، في آب/ أغسطس سنة 2013، حيث شارك في إحدى المظاهرات التي كانت تشهدها البلاد، لتتدخل القوات الأمنية على حين غرة وتطلق النار على المتظاهرين وتعتقل حوالي 500 شخص. وقد تعرض إبراهيم لإصابة بطلق ناري قبل اعتقاله، ولم يكن يتجاوز 17 سنة من عمره.
وأكدت سمية أن شقيقها لم يرتكب أي جريمة يعاقب عليها القانون، في حين كانت جريمته الوحيدة ممارسته لحقه في التعبير عن رأيه بطريقة سلمية.
وقد ظل إبراهيم محتجزا طيلة الأربع سنوات الماضية في سجون النظام المصري المخيفة، وتعرض للتعذيب. كما وجد إبراهيم نفسه ضمن محاكمة جماعية عشوائية شملت 494 شخصا. ووجه النظام القضائي المصري التهمة لهؤلاء الأشخاص بارتكاب جرائم تصل عقوبتها إلى الإعدام، مع العلم أنه قد تمت محاكمة إبراهيم إلى جانب البالغين، رغم أنه كان قاصرا عندما تم اعتقاله.
وذكرت الرسالة أن القاضي قام بتأجيل النطق في قضية شقيقها إبراهيم للمرة 37 على التوالي خلال ثلاث سنوات. وقد جاء التأجيل الأخير على الرغم من التأكيدات التي تلقاها رئيس وزراء إيرلندا الشمالية، ليو فارادكار، من طرف قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي وعد بأن هذه الجلسة ستكون الأخيرة ، وأنه ستتم إعادة إبراهيم إلى إيرلندا.
وأشارت الكاتبة إلى أن معاناة شقيقها، ليست حالة منفردة. ففي السنوات الأخيرة دأبت المحاكم المصرية على محاكمة الأطفال تماما مثل البالغين، وإسناد تهم لهم تكون في الغالب عقوبتها الإعدام. وقد قامت المحاكم المصرية بالفعل بإصدار أحكام إعدام ضد هؤلاء القصّر. كما تعرض المئات من المواطنين لمحاكمات جماعية؛ قالت عنها الأمم المتحدة إنها "لا تتوفر فيها أبسط مقومات المحاكمة العادلة".
واعتبرت سمية أن كل هذه المعلومات المؤكدة تجعل من الصعب تقبل حقيقة إقدام الاتحاد الأوروبي والحكومات الأوروبية، ومن بينها المملكة المتحدة، على العمل إلى جانب النظام القضائي المصري وتقديم الدعم له. وفي هذا الصدد، كشفت إحدى المنظمات الإنسانية الأوروبية، المهتمة بقضية الشاب إبراهيم، أن الاتحاد الأوروبي قدم مبلغ 10 ملايين يورو للمحاكم المصرية، في شكل مساعدات وتدريب وتجهيزات.
وفي إطار هذا المشروع، قامت منظمة إيرلندا الشمالية للتعاون العابر للمحيطات؛ بإجراء أشغال ترميم لمحاكم الأحداث في مصر، حيث وفرت لهم كراسي ومقاعد عريضة لعمليات المحاكمة الجماعية، وقضبان حديدية لتأمين أماكن الانتظار.
وتطرقت الكاتبة إلى أن منظمة "ريبريف" الحقوقية توصلت أيضا إلى أن الحكومة البريطانية قدمت مبلغا يناهز الميوني جنيه إسترليني في شكل مساعدات لمشاريع أمنية في مصر، لصالح جهاز الشرطة ونظام العدالة الجنائية، والتعامل مع المعتقلين القصّر. من جانبها، رفضت السلطات البريطانية تقديم أي تفاصيل حول هذه المشاريع، كما أنها لم تفرض أي شروط على الجانب المصري لتلزمه باحترام حقوق الإنسان في مقابل هذا الدعم.
وذكرت الرسالة أن نظام العدالة الجنائية يحتاج فعلا إلى الإصلاح، ويجب على
أوروبا أن تلعب دورا في جعل مصر دولة أكثر ديمقراطية. لكن المشكلة أن الحكومات الأوروبية تقدم دعما غير مشروط للنظام المصري؛ الذي يستخدم مؤسساته القضائية لإصدار أحكام بالإعدام ضد الأطفال، ويمارس التعذيب ضد المعتقلين، ويحاكم المدنيين في
محاكمات جماعية وغير عادلة.
وأوردت كاتبة الرسالة أن الاتحاد الأوروبي والحكومة البريطانية، وفي حال كانا فعلا يريدان إصلاح سلكي القضاء والشرطة في مصر، فتجب مطالبة نظام السيسي أولا بالالتزام بجملة من الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان، واتخاذ خطوات مثل الإفراج عن المعتقلين على غرار إبراهيم، ونقل المعتقلين القصّر إلى خارج سجون الكبار، ووضع حد للمحاكمات الجماعية.
وأفادت الكاتبة أن الاتحاد الأوروبي والحكومة البريطانية ومنظمة إيرلندا الشمالية للتعاون العابر للمحيطات، مطالبان بإلزام مصر باتخاذ هذه الإجراءات البسيطة منذ البداية؛ نظرا لأنه دون هذه الخطوات سيصبح الغرب شريكا في هذه
الانتهاكات.
وشددت الكاتبة على ضرورة إعادة شقيقها إبراهيم إلى بلده، إيرلندا، ودفع النظام المصري لوضع حد لاستغلال عقوبة الإعدام على اعتباره سلاحا ضد الأحداث. وبغية تحقيق هذا الهدف، يجب على الاتحاد الأوروبي، والحكومة البريطانية، ومنظمة إيرلندا الشمالية للتعاون العابر للمحيطات، وقف كل أشكال المساعدة لنظام العدالة الجنائية المصري، حتى يتم تحرير إبراهيم ووضع حد للمحاكمات التي تجرى في حق الأطفال.