لوموند: الرئيس الفرنسي يعين نفسه مدافعا عن مسيحيي الشرق
عربي21- بلال دردور27-Sep-1706:43 AM
شارك
جيتي
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى تجديد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، العهد، في ظل الإشادة بدور فرنسا، على اعتبارها "الحامية" لمسيحيي الشرق، وذلك على هامش المعرض الدولي الذي احتضنه معهد العالم العربي بباريس، بحضور الرئيس اللبناني، ميشال عون.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس الفرنسي الشاب شارك، في الأيام القليلة الماضية، في احتفالية مرور 500 سنة على بداية مسيرة الإصلاح الديني البروتستانتي. والجدير بالذكر أن الرئيس ماكرون ونظيره اللبناني ميشال عون، الذي ينتمي للطائفة المسيحية المارونية في لبنان، كانا من بين أبرز القادة الذين حضروا المعرض، الذي تم افتتاحه في باريس تحت شعار "مسيحيو الشرق: 2000 سنة من الحضارة".
وأكدت الصحيفة أن الرئيس الشاب وجه رسالة مباشرة إلى مسيحيي الشرق، قال فيها: "أنتم الأثر النابض بالحياة الذي لا يزال يقف في وجه غباء الإنسان". وألقى ماكرون هذه الكلمات أمام جمع من البطارقة والأساقفة قدموا من الشرق لتمثيل كنائس مختلفة. بالإضافة إلى ذلك، سجلت فعاليات المعرض حضور عدة شخصيات أخرى، وعلى رأسهم المطرب الفرنسي من أصل أرمني، شارل أزنافور، ورجل الأعمال المصري القبطي، نجيب ساويرس، فضلا عن سفير السعودية.
ومن المثير للاهتمام أن ماكرون جدد التزام فرنسا بدعم مسيحيي الشرق، حيث كانت تاريخيا تلعب دور الحامية لمختلف أبناء الطوائف المسيحية، خاصة في لبنان. وفي هذا الإطار، طمأن الرئيس الفرنسي المدعوين، قائلا: "أريد أن أؤكد لمسيحيي الشرق أن فرنسا تقف إلى جانبكم، كما أن الدفاع عن تاريخكم سيكون من بين أولوياتنا". على العموم، شدد ماكرون في عدة مناسبات على التاريخ المشترك والروابط العميقة التي "تدين" بها فرنسا لمسيحيي الشرق.
وخلافا لضيفه اللبناني عون، الذي اقتصر خطابه على مواضيع عامة، ركز الرئيس الفرنسي على الوضع الراهن، مشيرا إلى الانتهاكات التي ارتكبها تنظيم الدولة في حق الأقليات المسيحية في كل من العراق وسوريا، بالإضافة إلى مصر التي يعيش فيها ما لا يقل عن ثمانية ملايين قبطي. وبات هؤلاء المسيحيون بمثابة هدف بالنسبة للتنظيمات الإرهابية.
وأوضحت الصحيفة أن ماكرون أكد أن مهمة الدفاع عن مسيحيي الشرق لا علاقة لها بالسياسة؛ فغالبا ما استغل اليمين المحافظ واليمين المتطرف في فرنسا هذا الأمر ليوظفه في خطاباته، إضافة إلى أن أنصار النظام السوري وروسيا يتذرعون بهذا الأمر لتبرير أفعالهم.
ونقلت الصحيفة تصريحات ماكرون، الذي أورد: "لقد قيل إن الدفاع عن المسيحيين في الشرق لن يتحقق إلا من خلال الخضوع لعدة تسويات. هذا الأمر غير صحيح البتة؛ نظرا لأن الدفاع عن مسيحيي الشرق لا يحيل إلى الدفاع عن بشار الأسد، بل يعني أن نرتقي إلى المسؤولية التاريخية التي تعهدنا بها".
وأشارت الصحيفة إلى أنه، وفي ظل ست سنوات من الصراع المحتدم في سوريا، انخفض عدد أبناء الطائفة المسيحية من 1.25 مليون مسيحي سوري إلى قرابة 500 ألف، وذلك حسب إحصائيات نشرتها "منظمة تحالف الدفاع عن الحرية"، التي تتخذ من مدينة فيينا النمساوية مقرا لها، والتي يقتصر نشاطها على الدفاع عن الحرية الدينية.
وذكرت الصحيفة أن البعض يرون في بشار الأسد المدافع عن الأقليات أمام الثوار الذين ينتمي جلهم للطائفة السنية، في حين أضحت أغلب كتائبهم، اليوم، تحت سيطرة الإسلاميين. ومن جهتها، لم تتوان الكنيسة الأرثوذكسية الروسية عن مباركة التدخل العسكري الذي يقوده الكرملين في سوريا. في المقابل، يرى معارضو الدكتاتور السوري، خاصة المسيحيين منهم، أن ما يقوم به الأسد مجرد "مناورة" لكسب ود الغرب.
والجدير بالذكر أن خطاب الرئيس الفرنسي شمل أيضا باقي أقليات الشرق الأوسط، خاصة الطائفة اليزيدية، التي كان أبناؤها عرضة لعملية إبادة على يدي مقاتلي تنظيم الدولة. وفي هذا السياق، صرح ماكرون بأنه "في أي مكان يدافع فيه أبناء الأقليات عن معتقداتهم، ستكون فرنسا إلى جانبهم. فنحن الفرنسيون نؤمن بالتعددية في كل شيء". وفي الأثناء، اقترح الرئيس الفرنسي أن يكون "للأقليات مكان ضمن الحل السياسي في سوريا".
وفي الختام، أوضحت الصحيفة أن ماكرون نوه بأن اللقاء الذي نظم خلال شهر آذار / مارس سنة 2015، في مجلس الأمن الدولي بنيويورك، للتباحث حول مصير الأقليات الدينية المضطهدة في الشرق الأوسط انعقد بفضل مبادرة فرنسية، علما أن هذا الاجتماع يعد الأول من نوعه في تاريخ الأمم المتحدة. وفي الوقت ذاته، سلط ماكرون الضوء على الصندوق الذي تم تخصيصه لدعم ضحايا الاعتداءات العرقية، والذي التزمت باريس من خلاله بتأمين 20 مليون يورو خلال الفترة الممتدة بين سنة 2015 و2018.