تتداول أوساط سياسية أردنية أنباء حول قرب تعديل رابع على حكومة رئيس الوزراء هاني الملقي، الذي تَسمُه شخصيات سياسية بالضعف في إدارة الأزمات والملفات السياسية والاقتصادية منذ تشكيل حكومته في 29 أيار/ مايو 2016.
التعديلات العديدة في عمر الحكومة القصير يثير تساؤلات حول أسس اختيار رؤساء
الحكومات في الأردن، ومن يحاسب رئيس الحكومة في حال فشل في تنفيذ كتاب التكليف الملكي الذي يعتبر خريطة عمل الحكومة في الأردن.
المادة (35) من
الدستور الأردني، تعطي الملك صلاحية تعيين رئيس الوزراء ويقيله ويقبل استقالته، إلا أن الدستور لم يفصل ما هي معايير اختيار رؤساء الحكومات ولماذا تتم إقالتهم، وترك الباب مفتوحا أمام الملك ليختار من يقود الحكومة.
ترى الكاتبة الصحفية عطاف الروضان، في حديث لـ"
عربي21" أنه "لا يمكن القول إن هناك معايير وتقاليد عريقة وثابتة لاختيار أهم المناصب المسؤولة عن إدارة شؤون الدولة داخليا وخارجيا، إذ تفاوتت المعايير منذ تأسيس الدولة لاعتبارات تارة محلية وخارجية تارة أخرى، بنسب متفاوتة وقرأنا وشهدنا تعيين شخصيات لتولي منصب رئيس الوزراء وفقا للحالة العامة التي تربطنا بدول حدودية وأخرى ما وراء البحار".
تعتقد الروضان أن "معيار الرضا من دول محورية لها تأثير على المشهد الأردني، هو المعيار الأهم باختيار من يتوجه لقيادة الفريق الحكومي، إذ تتراجع أهمية الشأن المحلي ومقدار التأثير فيه، واعتبارات المحاصصة المحلية أمام العلاقات الدولية المتشابكة التي ترسم بطريقة أو بأخرى شكل السياسة المحلية في الأردن غالب الأحيان".
اقرأ أيضا:
التعديلات الدستورية بالأردن: استكمال للإصلاح أم تراجع عنه؟
من جهته يقول عامر بني عامر مدير مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني في حديث لـ"
عربي21": "هذه صلاحيات الملك وأي حديث عن أعراف هو تكهنات وتحليلات مرتبطة بالفترة الزمنية التي سيأتي فيها رئيس الوزراء، مرتبطة بالإطار الإقليمي، ومؤثرات اقتصادية وسياسية وتشكيلة مجلس
النواب وغيرها من الأمور".
من يحاسب رئيس الحكومة؟
ورغم أن المادة (51) من الدستور الأردني نصت على مسؤولية رئيس الوزراء والوزراء أمام مجلس النواب مسؤولية مشتركة عن السياسة العامة للدولة، إلا أن البرلمان لا يشكل الحكومة أو يشارك في اختيار رئيسها.
النائب صالح العرموطي نقيب المحامين الأسبق، يقول لـ"
عربي21" "لا معايير منصوص عليها لاختيار رؤساء الحكومات في الأردن، إنما تخضع للمزاجية والشخصية والعلاقات، والسفارات أحيانا"، ولا يشارك مجلس النواب أو يشاور - حسب العرموطي- في اختيار رؤساء الحكومات في تاريخ المملكة السياسي الذي لم يشهد إلا حكومة حزبية واحدة فقط هي حكومة سليمان النابلسي سنة 1957".
وحكومة النابلسي هي الوحيدة التي شُكلت حزبيا في الأردن من رحم البرلمان في الأردن، وكانت الوزارة السابعة والثلاثين في تاريخ الحكومات الأردنية، وجاءت على أساس ائتلافي، إذ ضمت ستة من أعضاء الحزب الوطني الاشتراكي، وثلاثة مستقلين، ووزيرا عن حزب البعث العربي الاشتراكي، ووزيرا عن الشيوعيين، باسم (الجبهة الوطنية).
يأمل العرموطي أن "يشهد الأردن في يوم من الأيام حكومات برلمانية، أو على الأقل استمزاج رأي البرلمان من قبل القصر في اختيار رئيس الحكومة، هناك شخصيات لم يتوقع الشارع الأردني في يوم من الأيام أن يكونوا رؤساء حكومات" على حد قوله.
هل دفنت تجربة الحكومة البرلمانية؟
وكانت الحكومات البرلمانية، أحد أهم مطالب الحراك الشعبي الأردني الذي عم جميع محافظات المملكة الاثنتي عشرة في 2011، طالب بضرورة "تقليص صلاحيات الملك"، وتطبيق البند الأول في الدستور الأردني، الذي نص على أن "نظام الحكم في الأردن نيابي ملكي وراثي"، كما طالب الحراك بأن "يكون الشعب مصدرا للسلطات"، من خلال انتخاب حكومات برلمانية تنبثق من رحم الشعب.
بينما يعتقد وزير البلديات السابق، أمين عام حزب الرسالة، حازم قشوع، أن اختيار الرئيس يخضع لمعايير منها " أن يكون له تجربة في العمل العام وهذا ينطبق على جميع رؤساء الحكومات السابقين، إلى جانب أن يكون قريبا من تطلعات الناس، بالإضافة إلى أسباب موضوعية منها: حجم تقاربك مع المحيط ومدى الحضور الشعبي والرسمي لهذه الشخصية".
لكن من يحاسب الرئيس في حال أخفق؟ يجيب قشوع " الملك هو من يختار، لكن الرئيس لا يأخذ شرعيته حسب الدستور دون ثقة مجلس النواب، الواقع هذه الأيام يقول إن للحكومات نفوذا داخل البرلمان وهو من يطغى".
وحول الحكومات البرلمانية، يقول قشوع: " في الورقة النقاشية الخامسة للملك، تحدث في عام 2014 بضرورة تشكيل حكومات برلمانية، مما يعني أن توجد كتل حزبية في البرلمان، ونحن في حاجة إلى وقت كثير في الأردن لتطبيق هذا الكلام؛ بسبب أن الإرادة السياسية غير موظفة للتطبيق الصحيح تجاه العمل الحزبي، يتوجب أن يكون هنالك قانون للنواب يستند للعمل الحزبي، ونحن نستطيع أن نجد ذلك كون كل المقومات موجودة لكن تنقصنا الإرادة، فالعمل الفردي داخل مجلس النواب لن يكون مجديا في حال عدم وجود كتلة نيابية تحمي تحركات النائب، ولن يستطيع اتخاذ أي إجراء".
اقرأ ايضا:
كيف أوصل النظام الأردني الحراك إلى غرفة الإنعاش؟
العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، قال في ورقته النقاشية السادسة في 13 أيلول/سبتمبر 2014، إنه "يتوجب على المشرّعين تطوير القوانين السياسية الرئيسية، بما يضمن التوافق والارتقاء بتجربة الحكومة البرلمانية".