يبدو أن قائد الانقلاب في
مصر، عبد الفتاح
السيسي، يشعر بالقلق الشديد من
الانتخابات الرئاسية القادمة في صيف 2018 القادم، الأمر الذي جعله يحاول بكل الطرق للاحتفاظ بمنصبه لفترة أخرى، ومن ذلك محاولة تعديل الدستور، وتحديدا المادة الخاصة بمدة
الرئاسة لتمديدها لمدة سنتين أخريين، ولكن هذا المخطط فشل بعد حملة رفض محلية ودولية.
وعقب فشل المحاولة السابقة، تم البحث عن آلية جديدة، تمثلت في تشويه خصومه واغتيالهم معنويا للتخلص منهم واحدا بعد الآخر، وذلك في محاولة لتفريغ الساحة تماما من أي منافس حقيقي، ويكون المرشح المنافس مرشحا لا يمثل تهديدا حقيقيا للسيسي.
خالد علي وتهمة خدش الحياء
وفي هذا السياق، انطلقت حملة تشويه ضارية مؤخرا شملت عددا من المرشحين المحتملين، وجاء علي رأسها المحامي الشاب خالد علي؛ الذي أحرج السيسي ونظامه بدفاعه عن مصرية جزيرتي تيران وصنافير وحصوله على أحكام نهائية في هذه القضية؛ وضعت السيسي ونظامه في مأزق حقيقي.
فقد تم توجيه تهمة لخالد علي بالقيام بـ"فعل يخدش الحياء"، حيث حكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر في حكم أولي قابل للاستئناف، بعد اتهامه بالقيام بإشارة مخلة بإصبعه، عقب حكم مصرية تيران وصنافير في شباط/ فبراير الماضي. وتشير التكهنات إلى أن سيكون الحكم نهائيا في الجلسة القادمة، بحيث يتم استبعاده من الانتخابات عقب هذا الحكم، طبقا لمحاميه طارق العوضي.
الأشعل والاغتيال المعنوي
ولم يقف الأمر عند خالد علي، ولكن طالت الحملة أيضا؛ السفير عبد الله الأشعل، المرشح الرئاسي الأسبق عام 2012، فتم إطلاق حملة إعلامية ضارية عليه من خلال عدة أذرع إعلامية للانقلاب، منها قناة المحور التي أثارت قضية خاصة مع ابنته وزوجته السابقة، وكذلك اتهامات من جانب جريدة "صوت الأمة " وموقع مصراوي، وغيرها من المنابر الأخرى، بأنه موال للإخوان المسلمين، في محاولة لإيقاف أي محاولة للتفكير من جانب الرجل في خوض هذه الانتخابات.
شفيق والباز و"الزهايمر"
وقبل ذلك، كان المرشح الرئاسي السابق، أحمد شفيق، في مرمى نيران الأذرع الإعلامية للسيسي.
فقد نشرت جريدة الدستور؛ مقالا لرئيس تحريرها، محمد الباز، قال فيه إن شفيق أصيب بالزهايمر وأنه فقد جزءا كبيرا من قدرته العقلية، وأنه يلجأ للعلاج ليتمكن من الحديث إلى وسائل الإعلام، بحسب قوله.
كما نشرت الصحيفة ذاتها، والمقربة من السيسي، مقالا تحت عنوان "أحمد شفيق ومؤيدوه أصبحوا أخطر على مصر من الإخوان"، قالت فيه: "شفيق ومؤيدوه، يلعبون نفس الدور السيئ الذي تلعبه جماعة الإخوان من تشويه وتسخيف للمشروعات والقرارات، والإساءة البالغة للنظام الحالي"، حسب الصحيفة.
عنان والواتساب
ولم يسلم الفريق سامي عنان، رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، من التشويه أيضا، حيث هاجمته صحيفة "اليوم السابع" المقربة من السلطة، وتعرض الرجل في الفترة الأخيرة للكثير من الشائعات، مثل انضمامه لمجموعة الكترونية على "واتسآب" تضم مئات المعارضين للسيسي، غالبيتهم من تيار الإخوان وحلفائهم، وباسم حركي "سامي".
جنينة وقطر
كما اتهمت صحيفة "اليوم السابع" أيضا؛ الرئيس السابق لجهاز المحاسبات المركزي، المستشار هشام جنينة، بتسريب معلومات ووثائق ومستندات خاصة ببعض جهات الدولة؛ تضر بالأمن القومي المصري، إلى قطر.
والوثائق المشار اليها تتهم رئيس الجهاز المركزي الذي أقاله السيسي في آذار/ مارس 2016 بعد تقارير عن حجم الفساد في مصر، بالتخابر مع الأجهزة القطرية.
وتحدث محللون عن سياسة ممنهجة لتشويه خصوم السيسي واغتيالهم معنويا، وذلك لإخلاء طريق السباق الرئاسي من أي مرشح قد ينافس قائد الانقلاب جديا.
هلع السيسي ورعبه
ويقول الأشعل، وهو أحد ضحايا هذه الحملة، في حدي خاص مع "عربي21": "هذه حملة منظمة وممنهجة، وطالتني أنا شخصيا مؤخرا". وأضاف: "رغم أنني أعلنت عدم ترشحي لرئاسة الجمهورية، مع ذلك تم استهدافي واغتيالي معنويا من خلال حملة إعلامية منظمة، سواء في قناة المحور أو جريدة صوت الأمة أو موقع مصراوي".
ورأى وزير مساعد وزير الخارجية الأسبق أن "هذا إن دل علي شيء؛ إنما يدل على هلع السيسي ورعبه من أي مرشح؛ حتى لو له نصف فرصة، وهذا يعكس انهيار شعبيته وتراجعها بشكل كبير، وعدم وجود أي رصيد له في الشارع نتيجة تردي الأوضاع علي كافة المستويات"، كما قال.
وعن أسباب استهدافه، قال الأشعل: "هناك أكثر من سبب ،أولهم التخوف من ترشحي بإعتبار إنني تقدمت للترشح في انتخابات 2012 ولكن إنسحبت لصالح مرشح الإخوان وقتها، وربما هناك تخوف من التفكير في خوض التجربة مرة أخري .
ويضيف: "أما السبب الثاني؛ فهو الوثيقة التي طرحتها مؤخرا، واشترطت فيها عدة شروط لإتمام الانتخابات الرئاسية القادمة، منها تأمين المنافسين وحمايتهم من أي تشويه، كذلك ضرورة أن تكون هناك ضمانات حقيقة لنزاهة الانتخابات، وهو ما أثار غضبهم مني وحاولوا تشويهي".
وثيقة ضمانات
أما جورج إسحاق، منسق حركة كفاية الأسبق وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، فأكد لـ"عربي21"؛ رفضه تماما لمثل هذه الحملات، مطالبا بضمانات لأي مرشح يطرح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية وأن يتم التعامل مع الأمر طبقا للدستور، وتفعيل المواد الخاصة بتنظيم هذه الانتخابات.
وقال إسحاق لـ"عربي21" إنه بصدد إصدار وثيقة، بالتنسيق مع عدد من شباب ثورة يناير، تتضمن عدة معايير وضمانات بشأن انتخابات رئيس الجمهورية، "أهمها عدم تشويه الخصوم، ومنحهم الفرصة الكاملة في الترشح والتنافس، ومنحهم فرصة كاملة في وسائل الإعلام والدعاية، وغير ذلك مما تتضمنه هذه الوثيقة، لإرساء مبدأ والتاكيد عليه، وهو إجراء انتخابات حقيقية وليست شكلية"، على حد وصفه.
"السيسي والـ7%"
ومن جانبه، يقول نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، مجدي حمدان، في حديث خاص لـ"عربي21"، إن ما يقوم به السيسي من تشويه الخصوم، خاصة المحتمل ترشحهم لمنصب الرئيس، "أمر طبيعي؛ لأنه غير قادر علي مواجهة هؤلاء المرشحين المحتملين، فشعبيته في انحدار وتراجع مستمر، وبالتالي يخشي أي انتخابات حقيقية؛ لأنه في حدوث هذه الانتخابات النزيهة لن يحصل علي أكثر من 7 في المئة على أكثر تقدير".
وحول إمكانية نجاح مثل هذه الحملات، قال حمدان: "أعتقد أنه سيكون هذا صعب في حال ترشح أشخاص لهم وزن سياسي كبير، ولهم علاقات مع مؤسسات الدولة، كما هو الحال بالنسبة للفريق أحمد شفيق أو الفريق سامي عنان، في حال اتخاذهما قرارا بالترشح، خاصة إذا تم الإعلان بعد 20 آذار/ مارس، وهو التاريخ الذي يتوجب معه فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية طبقا للدستور، أي قبل إنتهاء فترة الرئاسة بـ120 يوما، وبالتالي سيكون من الصعب وقتها التشويه، وإلا ستفقد الانتخابات زخمها وقيمتها في حال حدوث ذلك"، وفق تقديره.