قالت صحيفة "الغارديان" إن
الأمم المتحدة قامت بالتكتم على تقرير داخلي ينتقد استراتيجيتها في التعامل مع مأساة
الروهينغا في إقليم راكين/ أراكان في
بورما.
وكتب التقرير مستشار قدمه لمفوضية الأمم المتحدة في أيار/ مايو، واحتوى على تحليل نقدي للطريقة التي تعاملت بها المنظمة الدولية، وقال: "كان يجب عدم الصمت على حقوق الإنسان".
وحصلت الصحيفة على نسخة من التقرير، الذي تنبأ بشكل صحيح بـ"تدهور خطير" في الأزمة، وذلك بعد ستة أشهر من تقديمه، وحث الأمم المتحدة على أن تكون لديها خطة طارئة.
وينقل تقرير "الغارديان"، الذي ترجمته "
عربي21"، عن مؤلف التقرير ريتشارد هورسي، قوله: "نوصي بأن تقوم وكالات الأمم المتحدة بتحديد طرق من أجل تحسين نهج الأمم المتحدة والتأكد من تماسكه"، وأضاف هورسي أن قوات الأمن في بورما/
ميانمار ستمارس "سياسة قمعية وعشوائية" في تعاملها مع الروهينغا.
وتعلق الصحيفة قائلة إنه كان محقا في تنبوئه عندما قام مسلحون في 25 آب/ أغسطس بالهجوم على مراكز شرطة بورمية وقتل عناصر فيها، بشكل أدى إلى حملة قمع واسعة ضد المدنيين، ففي أقل من شهر أجبر نصف مليون نسمة على الفرار من قراهم نحو بنغلاديش، وسط مجازر ارتكبتها القوات المسلحة في ميانمار.
ويشير التقرير إلى أن هذا التقرير حمل عنوان "دور الأمم المتحدة في ولاية راكين"، وطلبته المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في ميانمار ريناتا لوك- ديسالين وأبرز شخصية تمثلها في البلد، لافتا إلى أن هورسي قدم 16 توصية، تحدث فيها عن ضرورة زيادة الموظفين، وإجراء حوار "صريح" مع وكالات الإغاثة.
وتذكر الصحيفة أن هورسي شدد على ضرورة تطبيق مبادرة حقوق الإنسان، التي أكدها الأمين العام السابق بان كي مون؛ وذلك لمنع حصول مجازر جماعية، وجاء في التقرير أن "المبادرة يجب أن تكون جوهر الطريقة التي تعمل من خلالها الأمم المتحدة".
ويورد التقرير نقلا عن مصادر في الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، قولها إنه تم تجاهل التوصيات، وتم التكتم على التقرير، وقال مصدر قريب من الأحداث، طلب عدم ذكر اسمه، إن التقرير تم التكتم عليه ولم يوزع على وكالات الأمم المتحدة؛ لأن "ريناتا لم يعجبها التحليل"، وقال مصدر مطلع: "قدم لريناتا لكنها لم توزعه؛ لأنها لم تكن راضية عنه".
وتقول الصحيفة إن مؤلف التقرير، الذي جاء في 28 صفحة، كان يتوقع أن يحصل على تعليقات من فريق الإغاثة الإنسانية في المنظمة، والمكون من منظمات مثل برنامج الغذاء العالمي ومفوضية اللاجئين وجماعات إغاثية أخرى، مثل "سيف ذا تشلدرين/ أنقذوا الأطفال"، وهو ما لم يحصل.
وينوه التقرير إلى أن ممثلا لمكتب منسقة الأمم المتحدة في ميانمار رد قائلا إن اجتماعا عقد مع وكالات الأمم المتحدة في نيسان/ أبريل، وقال إن "الأمم المتحدة وافقت على الخطوط العامة لما جاء في الوثيقة من تحديات لتوفير السلام والمساعدة الإنسانية والتنمية في ولاية راكين، ومخاطر اندلاع عنف فيها، وفي الحقيقة فإن مكتب الأمم المتحدة في ميانمار كان يقوم بالتعديلات التي اقترحتها الوثيقة قبل نشرها"، وأضاف أن النسخة النهائية من التقرير وزعت بين مسؤولي الأمم المتحدة البارزين.
وتورد الصحيفة نقلا عن مصادر في ميانمار، قولها إنه تم ذكر التقرير في مناسبتين قبل أن "يختفي من الأجندة كليا"، و"لم يكن أحد قادرا على الحصول على هذه الوثيقة فيما بعد"، وقال مسؤول بارز إن التعامل مع التقرير ظل على مستوى منخفض، وأضاف: "لا يتم التعامل مع التقارير الناقدة والبناءة على أنها فرص للتعلم، وينظر إليها على أنها هجمات شخصية وتثير ردا دفاعيا".
ويفيد التقرير بأن لوك- ديسالين تواجه اتهامات جديدة بتقويضها محاولات الدفاع عن الروهينغا، وهي الأقلية المحرومة من الجنسية في بلادها.
وتنقل الصحيفة عن عمال الإغاثة، قولهم إن الأمم المتحدة قدمت العلاقات الجيدة مع حكومة ميانمار على الدفاع عن حقوق الإنسان وتوفير الإغاثة، مشيرة إلى أن متحدثا باسم الأمين العام نفى تلك المزاعم، وقال: "كانت المنسقة المقيمة مدافعة مستمرة عن حقوق الإنسان"، وأضاف أن "حقوق الإنسان تقع في مركز ما تفعله الأمم المتحدة".
ويحسب التقرير، فإن هورسي قال في تعليق عبر البريد الإلكتروني: "كانت الأمم المتحدة تعلم، أو كان عليها معرفة، أن الوضع القائم في راكين سيتطور إلى أزمة ضخمة".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول هورسي إن توجيه النقد للمنسقة المقيمة ديسالين لا معنى له، "صحيح أن المنسقة المقيمة كان يمكنها معالجة الأمور بطريقة أفضل، إلا أن المسؤولية الكاملة تقع على كاهل المكاتب الرئيسية للأمم المتحدة، فلم تكن لديهم سياسة متماسكة ومنسقة تجاه ميانمار، خاصة في راكين، ولم يقدموا الدعم السياسي والإرشاد المطلوب لفريقهم العامل في البلاد".