أثارت التفجيرات التي ضربت مجمع المحاكم وسط مدينة مصراته (غرب
ليبيا)، عدة تكهنات وتساؤلات عن مستقبل المدينة ذات القوة العسكرية الكبيرة والمعروفة بالهدوء والاستقرار.
وتبنى تنظيم "داعش" التفجيرات التي أسفرت عن مقتل 4 أشخاص بينهم محمد ميلاد النعيري أحد عناصر الغرفة الأمنية المشتركة بمصراتة، وأكثر من 20 جريحا، وسط إدانات محلية ودولية.
وهذه العملية الأولى التي ينفذها تنظيم "داعش" في وسط مصراتة، إذ سبق ونفذ هجوما على بوابة السدادة التي تبعد 90 كم جنوب شرق المدينة.
اتهام "حفتر"
وأدان قائد القوات التابعة للبرلمان الليبي،
خليفة حفتر الحادث الإرهابي، وقدم التعازي لأسر الضحايا، وأكد "استعداده لحماية المواطنين من قوى الشر والإرهاب في كل مكان من أرض ليبيا"، بحسب قناة الحدث الليبية التابعة لحفتر.
لكن في المقابل، اتهم المرشح السابق للحكومة الليبية، عبد الباسط إقطيط، الجنرال حفتر بالتورط في هجوم مصراتة، وقال إن "المتورط في الحادث هو من قام بتهريب عناصر التنظيم من حي الفتائح جنوب درنة ومن حي الصابري إلى المنطقة الوسطى والجنوبية لكي يضرب مصراتة اليوم، في إشارة إلى حفتر".
والسؤال الآن: "كيف ستبدو مدينة مصراتة بعد إعلان داعش عن تواجده فيها فعليا؟ ومن يقف وراء "الدواعش" في المدينة؟".
مغازلة فاشلة لحفتر
وقال المستشار السابق لوزارة الدفاع بحكومة الوفاق الليبية، اللواء سليمان العبيدي، إن "الخلافات الجانبية في مصراته، ستختفي"، متوقعا أن يعيد الخبراء بعد الحادث الأخير النظر في الإجراءات الأمنية، في ضوء التجارب السابقة.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"، أن "مغازلة حفتر الفاشلة لمصراتة لن تفيده ولن يستجيبوا له، لأنهم مع الديمقراطية والدولة الحديثة، وحفتر الآن في مرحلة انحطاط وعليه ضغط في بنغازي، ومصراتة لديها العلماء والمثقفين ورجال الأعمال وهم جميعا ضد دولة العسكر".
خلايا نائمة
وأكد الباحث في الجماعات الإسلامية، من مصراتة، علي أبو زيد، أن "عملية داعش جاءت ردا على ما أعلنه رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام الليبي، الصديق الصور، حيث يحاول التنظيم أن يرسل رسالة بأنه مازال موجوداً وقادراً على تنفيذ عمليات فردية".
وأوضح في تصريح لـ"
عربي21"، أن "التنظيم الآن لم يعد يملك الحاضنة الاجتماعية ولا القدرة على بناء كيان وقاعدة ينطلق منها، لكنه يعتمد على بعض الخلايا النائمة التي تنشط من حين لآخر، وهذا الحادث سيجعل الأجهزة الأمنية ترفع من حالة التأهب واليقظة".
وبخصوص موقف حفتر من الحادث، قال أبو زيد: "هي مجرد مغازلة وغمز مبطن للمدينة، وهو يدرك تماماً أن الأجهزة الأمنية داخل مصراتة ترفض التعاون معه وأنّ معلوماتها عن تنظيم داعش أوسع وأكثر منه وهي ترفض الدخول معه في أي شراكة"، وفق تقديره.
"فتنة" سياسية وعسكرية
وقال المدون الليبي، فرج كريكش، إن "ورقة داعش لا تزال فاعلة في ليبيا كما دورها دائما في خلط الأوراق وتوجيه الرأي العام إلى اتجاهات محددة، لكني لا أعتقد أن فراغا أمنيا حدث أو يمكن أن يحدث في مصراتة، لكن "التحريش" بين قواتها وارد جدا بل ولعله بدأ فعليا".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "عرض حفتر لمساعدته للمدينة يؤكد نظريتنا في أن المستغل الفعلي لورقة داعش يستعجل النتائج بشكل فج وغبي كالعادة"، حسب قوله.
لكن الصحفي الليبي، محمد علي، أكد أن "مصراتة عانت منذ توقيع الاتفاق السياسي انقساما بين تياراتها السياسية، وفي حرب سرت (ضد داعش) ازداد الانقسام في صفوف كتائب المدينة التي أيقن جلها بأن
تنظيم الدولة موجود استنادا على وثائق وبالتالي القوة انقسمت".
وأشار في حديث لـ"
عربي21"، إلى أنه "لا أحد يقف فعليا خلف "الدواعش" في مصراتة، لكن خلطا في القضايا حدث فالتفرقة هنا بين الثأر والإرهابي مفقودة، وبالتالي أصبحت العديد من الشخصيات ترى أن التنيظم لا يشكل خطرا على ليبيا مثل الخطر الذي يشكله حفتر، وهو خلط تسبب في انقسام واستفاد منه الدواعش".
ليست إساءة
من جهته قال عضو المؤتمر الوطني السابق، فوزي العقاب، إن "داعش لم تعلن عن وجودها في مصراتة، لكنها أكدت على قدرتها لاختراق أمن المدينة".
وتابع لـ"
عربي21" أنه "وبخصوص تعزية حفتر، فلن تجد في كل ظهور إعلامي لخليفة حفتر إساءة واحدة موجهه لمصراتة ولا فعلا عسكريا صريحا، إذا التعزية أمر طبيعي، ولا أعتقد تكرار عمليات مشابهة في المدينة، كون العملية جاءت لإرسال رسالة فقط وليست انطلاقا لمعركة"، وفق تقديره.