أكدت مصادر مقربة من المجلس الأعلى للدولة الليبي، أن أعضاء بالمجلس يضغطون من أجل تعليق جلسات الحوار مع البرلمان في طبرق، والتي تتم في تونس برعاية الأمم المتحدة؛ بهتف تعديل الاتفاق السياسي الليبي.
وبرر الأعضاء موقفهم؛ بعدم جدية قائد القوات التابعة للبرلمان، خليفة
حفتر، بالالتزم بالحل السلمي، وإصراره على تصعيد العمل العسكري، وآخر ذلك ما يحدث في مدينة صبراتة (غرب العاصمة طرابلس)، مطالبين المبعوث الأممي إلى
ليبيا،
غسان سلامة، باتخاذ إجراءات في حق المعرقلين لمسار خطته.
مصالح
في المقابل، أكد رئيس لجنة التعديلات التابعة لمجلس الدولة الليبي، موسى فرج، أن "الأمر لم يصل إلى تهديد المجلس بتعليق الحوار، لكن هناك بعض الأعضاء يتحدثون عن ذلك فعلا للاحتجاج على تجاهل المجتمع الدولي للقتال في بعض المناطق؛ دون حتى إدانة ذلك".
وأوضح في تصريحات خاصة لـ"عربي21"؛ أن تعليق الحوار "ليس جديا على الأقل حتى الآن، وهدف هذا الضغط بكل وضوح أن هناك أطرافا تخشى من الوصول إلى توافق؛ لأن ذلك سيؤدي إلى خسارة مواقعهم"، وفق تقديره.
لكن هذه التطورات تثير السؤال: ماذا لو علق مجلس الدولة الحوار مع البرلمان بطبرق، خاصة بعد انتهاء المعارك في مدينة صبراتة، والتي كان يتذرع بها الفريق المعارض للحوار؟
المادة الثامنة
من جهته، أكد عضو المؤتمر الوطني العام الليبي السابق، عبد الفتاح الشلوي، أن "مجلس الدولة وكذلك المجلس الرئاسي؛ قد ضاقا ذرعًا بممارسات مجلس النواب من أساليب التسويف والمماطلة والمراوغة وانتهاج عملية كسب الوقت، وانتهاج طريق التأويلات الغامضة، وليس من المستبعد أن يكون ذلك قد طال المبعوث الأممي نفسه".
وأضاف لـ"عربي21": "الصراع الكبير بالاتفاق السياسي يدور الآن حول المادة الثامنة، فقائد الجيش بالمنطقة الشرقية (حفتر) يتلقى دعما من دول مجاورة برهن إملاءات ترتبط بمصالح تلك الدول، وبالتالي فإن طرف الحوار المعارض ممثلا بمجلس الدولة، قد يلجأ لممارسة بعض الضغوط على الطرف الآخر، وهو مجلس النواب"، كما قال.
وتابع: "ناهيك أن غسان سلامة قد ضيق على مجلس النواب مساحة المناورة بالتلويح بعصا الأمم المتحدة، خاصة في أطروحة "المؤتمر الوطني الجامع" والذي قد يقصي كيانات أو أعضاء من هذا الطرف أو ذاك، وجميعا يخشونها"، حسب قوله.
جذب "المتشددين"
من جانبه، أكد عضو البرلمان الليبي، صالح فحيمة، أنه "لا يوجد حتى الآن ما يؤكد هذا الموقف رسميا، ولا يمكن أن يؤخذ تصريح بعض اعضاء مجلس الدولة على محمل الجد؛ إلا إذا صدرت هذه التصريحات من قبل المجلس رسميا".
واعتبر، في تصريح لـ"عربي21"، أن "هؤلاء الأعضاء لهم مصالح ضيقة أو جهوية أو فئوية؛ لذا يريدون العرقلة، بعدما أدى فريقا الحوار مجهودات جيدة، ومحاولة إقحامهم القيادة العام للجيش في شخص المشير حفتر، هدفها التقرب من بعض المتشددين وخاصة الرافضين قيام جيش"، وفق قوله.
ووصف تعطيل الحوار بأنه "أمر كارثي، فلا يمكن أن يصبر الليبيون أكثر من ذلك، ولا بد أن يستمر الحوار وإنجاز التعديلات بأسرع وقت ممكن".
حفتر معضلة
وقال مدير مركز "بيان" للدراسات والباحث الليبي، نزار كريكش، إن "الظاهر من السياق هو استمرار نفس العقدة أمام المتحاورين، وهي استمرار التعامل مع حفتر كجزء قانوني في المشهد، وهذا ما لايرضاه المجلس الأعلى لاعتبارات أخلاقية وسياسية تقتضي أن تكون المؤسسات قبل الأشخاص"، على حد قوله.
وأشار في حديثه لـ"عربي21"؛ إلى أنه "لا يُستبعد أن تكون لزيارة غسان سلامة للجنرال حفتر، والاستمرار في هذا النهج بمجاملة من يراه خصومه بأنه سبب في دمار البلاد، هو الذي يعطل الحوار، خاصة وأن سلامة عمليا يسير نهج كوبلر (المبعوث السابق) وغيره دون أن يدري"، حسب قوله.
النتيجة صفر
لكن أستاذ علم الاجتماع السياسي والأكاديمي الليبي، طاهر بن طاهر، رأى من جانبه؛ أن "الحوار أصبح الآن مطية تلجأ إليه بعض الأطراف عندما يشتد عليها الخناق السياسي ولا تحقق أغراضها".
وتابع: "مبادرة الحوار تحتاج شروط وهي الآن غير متوفرة، ومن الطبيعي أن تنتهي جولات الحوار إلى لا شيء"، مضيفا: "ما هو جار في الكواليس أخطر مما هو ظاهر على السطح، لذا يصعب توقع تسوية قريبة؛ لأن هناك من يحرضون على فشل الحوار لخدمة اختيارات معينة"، كما قال لـ"عربي21".