ما تأثير صعود اليمين المتطرف على الجالية المسلمة بألمانيا؟
برلين- عربي21- سليم سليم11-Oct-1712:56 AM
شارك
المانيا
أحدث فوز حزب البديل الألماني اليميني المتطرف، والذي جاء في المركز الثالث في الانتخابات بنسبة 12.06%، لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، تخوفا كبيرا لدى كثير من الأجانب، خاصة العرب والمسلمين، لا سيما أن سياسات طرد الأجانب، ومعاداة الإسلام، وعدم السماح باستقبال لاجئين، هي الأهداف التي يسعي إليها الحزب المتطرف.
وفي هذا الإطار، قال الباحث في الإعلام بجامعة هامبورغ، وسام عامر، "إن فوز حزب البديل يمهد الطريق أمامه للدخول للبرلمان الألماني وبقوة، كونه احتل المركز الثالث من كتلة التصويت، وهذه المرة الأولى من نوعها لحزب يميني متطرف منذ الحرب العالمية الثانية، وهو يقلق الأجانب بشكل كبير".
وأضاف، في تصريح لـ"عربي21": "النسب كانت مختلفة بصعود اليمين في الولايات الألمانية الست عشرة، ففي مدينة هامبورغ شمالا -مثلا- لم يفز الحزب مقارنة بمقاطعة ساكسونيا التي اكتسح فيها حزب البديل، وهذا يعكس توجهات الناخب الألماني في هامبورغ؛ كون الاشتراكيين هم المسيطرون هنا منذ زمن، وهذا يعني عدم تنامي شعبية اليمينين، وأن مدى تأثيره في مقاطعة هامبورغ ستكون محدودة".
وحول تأثير صعود اليمين على الأجانب، أوضح عامر أنه لا شك في أن فوز حزب البديل اليميني سينعكس بشكل كبير عليهم، لا سيما اللاجئين، كما يعني أن سياسة الباب المفتوح التي انتهجتها المستشارة ميركل سوف تلقى المزيد من المعارضة، وهو ما سيدفعها لتغيير سياساتها ربما، وسيجعلها تضع سياسيات وقرارات أكثر حدة تؤدي لترحيل آلاف اللاجئين، أو تشديد قوانين الإقامة والعمل.
ويلفت عامر إلى أن فوز اليمين سوف يكون له آثار سلبية على وجود المسلمين في ألمانيا أيضا، ما سيزيد من العنصرية في المجتمع الألماني، والتفريق بين ما هو ألماني مسلم وغير مسلم، وأن هذا الصعود سيؤدي لرفع مستوى الكراهية التي ستدفع لأحداث عنف من قبل مناصريهم ضد المسلمين، خصوصا النساء.
وأشار عامر إلى أنه تم تسجيل العديد من حالات الاعتداء في هامبورغ، لكنها بنسبة محدودة جدا، رغم عدم فوز الحزب بالولاية.
مستقبل غير واضح
وفيما يتعلق بمستقبل الجالية العربية والمسلمة في ألمانيا، في ظل صعود اليمين المتطرف، قال عامر إن "المستقبل غير واضح، خصوصا في ظل وجود الفرقة بين المسلمين أنفسهم، وعدم توافقهم على رأي معين، فهناك العديد من الحسابات -علي سبيل المثال- بين الجاليات المسلمة حسب أصول كل جالية، مثل المسلمين الأتراك والمسلمين العرب والمسلمين الأفغان أو البلقان، وهذا يعد تشتتا يهدد مكانة الجالية المسلمة بشكل عام".
وطالب الباحث الإعلامي بجامعة هامبورغ الجاليات العربية والإسلامية بالتوحد والاتفاق على آراء، بما يخدم الأمة الإسلامية والدين الإسلامي، وبالمزيد من التعاون بين الجاليات العربية والمسلمة، وتنسيق الأنشطة، كما طالب بأن تدخل هذه الجاليات معترك السياسة، وتأسيس حزب يكون صوتا لكل المسلمين في ألمانيا، مع ضرورة فهم الخلفيات السياسية ومعترك السياسة في ألمانيا.
ظاهرة أوروبية
وقال الناشط عبيدة المدلل: "إن صعود اليمين كان متوقعا، لا سيما أن ذلك حصل في عديد البلدان الأوروبية، كفرنسا وهولندا، واليوم ألمانيا، وأن الهجمة الإعلامية ضد الأجانب المسلمين بشكل خاص كان لها بالغ الأثر في هذه النتائج الكارثية بصعود اليمين".
وأضاف لـ"عربي21" أن الساحة الأوروبية أصبحت تعج بالمتطرفين اليمينيين، الذي يدعون صراحة لطرد الأجانب، ما وجد لهم أذانا صاغية، لتترجم ذلك في صناديق الاقتراع؛ لأنهم يرون أن الأجانب مجرد كائنات مستهلكة لا تعمل، وبحجة أنهم لم يعودوا يشعرون بالأمان في بلادهم، وهذا غير صحيح".
وأكد أن هذا الأمر سيكون له ما بعده، "وسيؤثر على مناحي الحياة العامة، وسيزيد من الضغوطات، وسنشهد بعض المضايقات، لا سيما في الولايات التي يكثر فيها اليمين المتطرف، أو التي فاز بها وكان له أعلى الأصوات".
ويرى المدلل أن صعود اليمين مجرد حالة، سرعان ما تنتهي بعد فترة؛ لأن تجاربه في التاريخ الأوروبي فاشلة، وكلما صعد عاد لينتكس ويهوي؛ لأنه ليس الخيار الأنسب للشعوب هنا.
وطالب المدلل أبناء الجالية العربية والمسلمة بعدم الالتفات لهذه الظاهرة، وعليهم مواصلة الاندماج، واعتبار البلاد بلادهم، وأن يلتزموا بالمسؤوليات والواجبات كما يأخذون حقوقهم، وأن يكونوا عامل استقرار وبقاء، وليس العكس.
كما دعا لتعاضد داخلي بين أبناء الجالية؛ للتوافق وعدم التشتت؛ حتى يكون هناك صمام أمان لتجاوز هذه الأزمة.
وأضاف: "علينا أن نتعامل بهدوء وروية، وألّا نقابل الإساءة بالإساءة، وألّا نستعجل في إطلاق الأحكام، فهناك الكثير من العقلاء يمكننا التواصل والعمل معهم؛ لإنهاء تأثير هذه الظاهرة، ولطمأنتهم بأنها يجب ألّا تكون خطرا على أوروبا".
ولفت المدلل إلى أن "صوت الجالية في ألمانيا لا يزال ضعيفا، بالتالي سيكون تأثيرها شبه معدوم".
وأشار إلى أن "مستقبل ألمانيا لا يخشى عليه، فهي دولة كبيرة، وعوّدتنا على أن سياستها حكيمة، لكن إذا ما استمر هذا الصعود لليمين نخشى ذلك، وستشهد العلاقات انتكاسة في الثقة، وستكون هناك أزمة في الديمقراطية وحرية الرأي، وسيكون هناك شرخ كبير".