اتهم وزير
الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل،
المغرب بتبييض الأموال، فيما ردت الرباط باستدعاء القائم بأعمال السفارة الجزائرية بالرباط، واستدعاء سفير المملكة بالجزائر، ووصفت التصريحات بـ"الصبيانية".
وفجرت تصريحات وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، أزمة دبلوماسية جديدة بين الجزائر وجارتها اللدودة الرباط، وصبت مزيدا من التوتر على قطيعة هي الأطول في تاريخ البلاد العربية امتدت من ستينيات القرن الماضي.
تصريح "صبياني" واستدعاء القائم بالأعمال
وقالت وزارة الخارجية المغربية والتعاون، إنه "تم مساء الجمعة استدعاء القائم بالأعمال بسفارة الجزائر بالرباط إلى مقر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي".
وتابعت الوزارة في بلاغ حصلت عليه "
عربي21" بأن المملكة المغربية،قررت "إزاء هذا التطور غير المقبول، استدعاء سفير المملكة بالجزائر للتشاور، دون المساس بما يمكن أن تتخذه المؤسسات الاقتصادية الوطنية التي تعرضت للتشهير من طرف الوزير الجزائري، من إجراءات"، وذلك "على إثر التصريحات الخطيرة التي أدلى بها وزير الشؤون الخارجية والتعاون بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية والشعبية (عبد القادر مساهل)، حول موضوع السياسة الإفريقية للمملكة المغربية".
وأوضح بلاغ وزارة الخارجية أنه "تم إبلاغ القائم بأعمال السفارة بالطابع غير المسؤول بل و(الصبياني) لهذه التصريحات التي صدرت، فوق ذلك، عن رئيس الدبلوماسية الجزائري الذي يفترض فيه التعبير عن المواقف الرسمية لبلاده على الصعيد الدولي".
وزاد بلاغ وزارة الخارجية بأنه "في الوقت الذي تلج فيه المؤسسات كما الشعوب للمعلومة بكل حرية، فلا يمكن لأي كان التمادي إلى ما لا نهاية في الافتراء وتضليل الرأي العام أو الفاعلين الاقتصاديين ولا استغبائهم على مدى طويل".
وشدد على أن "الأقوال التي أدلى بها الوزير الجزائري والتي صدرت بشأن مؤسسات بنكية والشركة الوطنية للنقل الجوي، تدل على جهل بقدر ما هو عميق فإنه لا يغتفر، بالمعايير الأساسية لاشتغال النظام البنكي والطيران المدني سواء على الصعيد الوطني أو الدولي".
وأفاد بلاغ الوزارة على أن "طهذه التصريحات التي لا تستند لأي أساس، ليس من شأنها المساس لا بمصداقية ولا بنجاح تعاون المملكة المغربية مع الدول الإفريقية الشقيقة، والذي حظي بإشادة واسعة من لدن قادة الدول الإفريقية وبتقدير كبير من لدن الساكنة والقوى الحية بالقارة".
تبييض أموال الحشيش
واتهم وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل، المغرب بتبييض الأموال الناجمة عن الاتجار بالمخدرات في بنوك موجودة في عدد من الدول الأفريقية، وأن شركات النقل المغربية التي تقوم برحلات نحو دول أفريقية لا تقوم فقط بنقل المسافرين.
وقال وزير الخارجية عبد القادر مساهل على هامش مشاركته في الجامعة الصيفية لمنتدى رؤساء المؤسسات، الجمعة إن "المغرب يقوم بتبييض الأموال الناجمة عن الاتجار بالمخدرات، وهذا الكلام مؤسس، وأن العديد من القادة والزعماء الأفارقة يعرفون هذا الأمر ويقرون به".
وتابع مساهل: "لا أحد يخيفنا، وإن شركات النقل المغربية التي تقوم برحلات نحو دول أفريقية لا تقوم فقط بنقل المسافرين".
كلام مساهل جاء للرد على بعض رجال الأعمال الذين اعتبروا أن المغرب نموذج يحتذى به فيما يتعلق بالاستثمار في القارة السمراء.
واعتبر أن "الجزائر ليست المغرب، وأن الذين يشيدون بالاستثمار المغربي في أفريقيا لا يفقهون شيئا".
وأضاف: "الذين يقولون إن المغرب له وجود اقتصادي مخطئون، لأن الحقيقة هي أنه لا وجود لأي استثمار، ما كان والو (بالعامية الجزائرية)".
وسجل أن "المغرب في الحقيقة هو مجرد منطقة تبادل حر مفتوحة أمام الشركات الأجنبية، من أجل فتح مصانع وتوظيف عدد قليل من العمال المغاربة".
التشويش على سياسة المغرب الأفريقية
ولم يفوت بلاغ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية الفرصة، ليسجل أن "هذه المزاعم والأكاذيب لا يمكنها تبرير الإخفاقات أو إخفاء المشاكل الحقيقية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لهذا البلد، والتي تمس شرائح واسعة من الساكنة الجزائرية وخاصة الشباب".
وأبرز البلاغ أن "الانخراط لفائدة إفريقيا لا يمكن اختزاله في مجرد مسألة موارد مالية، وإلا لحققت الجزائر، بإيراداتها النفطية، نجاحا بهذا الصدد. بل إن الأمر يتعلق برؤية واضحة إرادوية وفاعلة، تؤمن بالدول والشعوب الشقيقة في إفريقيا وتستثمر في مستقبل مشترك إلى جانبها".
ذكرت وزارة الخارجية المغربية، ضمن بلاغها أيضا أن "المبادرات الناجعة والمجهودات الكبيرة التي تقوم بها المملكة المغربية وخصوصا في مجال محاربة الاتجار بالمخدرات بما فيها بالأساس المؤثرات العقلية القادمة من الجزائر، معروفة بشكل كبير على الصعيد الدولي كما تعترف بها المؤسسات الدولية المتخصصة".
وسجل البلاغ أن "المغرب وهو يدين هذه الافتراءات الباطلة والتي تنم عن مستوى غير مسبوق من عدم المسؤولية في تاريخ العلاقات الثنائية، فإنها تتزامن مع الجولة الاقليمية التي يقوم بها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء وكذا مع التحضيرات لقمة الاتحاد الأوروبي وإفريقيا المزمع تنظيمها في أبيدجان".
ويذكر أنها المرة الأولى التي يهاجم فيها وزير الخارجية الجزائري المغرب بهذه الطريقة، خاصة فيما يتعلق بموضوع المخدرات، وهو اتهام لن يمر من دون إثارة ردود فعل في المغرب، وسيزيد في توتر العلاقات بين البلدين.