نشرت صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن تعزيز إيران سيطرتها في شمال العراق عن طريق المليشيات الشيعية، الأمر الذي من شأنه أن يؤجج المخاوف حول إمكانية حدوث تطهير عرقي في المنطقة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن قوات الحشد الشعبي، المتحالفة مع طهران، والمدعومة من بغداد، شنت حملة توسع وانتقام على نطاق واسع، في ظل مقاومة كردية ضعيفة للغاية في شمال البلاد.
وفي الأثناء، يشعر الكثير من الأكراد أنه تمت خيانتهم من قبل قادتهم، خاصة بعد تقهقر قوات البيشمركة. فعقب دخول القوات العراقية وحلفائها الشيعة ووحدات الحشد الشعبي إلى كركوك الأسبوع الماضي، تلقى المقاتلون الأكراد أوامر بالانسحاب؛ تجنبا لخطر التصعيد العسكري.
والجدير بالذكر أن الاستيلاء على أول محافظة نفطية في شمال العراق يعدّ جزءا من العملية التي شنتها حكومة بغداد "لاستعادة الأمن" في المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد منذ سقوط حكم صدام حسين في سنة 2003. إلى جانب ذلك، تعد الحملة التي شنها رئيس الوزراء، حيدر العبادي، بمثابة انتقام من سلطات كردستان العراق، على خلفية إجراء استفتاء غير قانوني الشهر الماضي.
وأوردت الصحيفة أن مشاعر القلق باتت تساور الكثيرين في البلاد، وذلك خوفا من أن تقوم وحدات الحشد الشعبي العراقية، المدعومة من قبل إيران، بعملية تطهير عرقي في صفوف الأكراد، مثلما حدث في الماضي.
وفي الأيام الأخيرة، فر الآلاف من الأكراد من محافظة كركوك ونينوى نحو أربيل ودهوك والسليمانية؛ بسبب الحملة العسكرية التي شنتها القوات العراقية وحلفاؤها الشيعة؛ بهدف استعادة الأرض المفقودة. وأدت موجة الهرب الجماعي إلى إحياء ذكريات حملة التطهير العرقي ضد هذه الأقلية الكردية، التي أمر بها صدام حسين في أواخر الثمانينات.
ونقلت الصحيفة عن المتحدث الصحفي باسم المكتب الرئاسي لمنطقة كردستان العراق، ذاتية الحكم، أن "قوات الحشد الشعبي اقتحمت منازل الأكراد في كركوك؛ لانتزاع الأسلحة منهم، وافتكاك علَم كردستان، فضلا عن اعتقال أنصار حزب العمال الكردستاني".
من جهته، صرح محمد سعيد أبو خالد، أحد سكان كركوك، أن "المليشيات الشيعية أحرقت النصب التذكاري للبيشمركة، كما قامت بإضرام النيران في المبنى الرسمي لشهداء الإبادة الجماعية الكردية خلال حملة الأنفال". وأكد أبو خالد أن "الممارسات التي تقوم بها قوات الحشد الشعبي ضد شعب كركوك تجسد الطريقة ذاتها التي كان يعتمدها صدام حسين ضد الأكراد. لكن الأكراد سيتحركون ويقاومون بالسلاح، عاجلا أم آجلا".
ومن المثير للاهتمام أنه وخوفا من استمرار المليشيات في التقدم نحو الحدود مع منطقة كردستان، المتمتعة بالحكم الذاتي، قامت البيشمركة بتشييد مواقع دفاعية وخنادق على طول الطريق الذي يربط كركوك بأربيل.
وأكدت الصحيفة أن تسليم مدينة كركوك إلى بغداد في كنف السرعة، ودون أي مواجهة، يثير عدة شكوك، ويحيل إلى وجود اتفاق ثلاثي بين العبادي والقائد العسكري الإيراني، قاسم سليماني، جنبا إلى جنب مع زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، بافل طالباني، ابن الرئيس العراقي الراحل السابق، جلال طالباني، وذلك بغية تسريع عملية ترحيل الأكراد من حقول النفط والغاز، التي تنتج حوالي 600 ألف برميل من النفط الخام يوميا. وبالفعل، تم المصادقة على هذا الاتفاق في مكاتب الاتحاد الوطني الكردستاني في كركوك.
وأفادت الصحيفة بأن فقدان المدينة النفطية يعد أكبر انتكاسة للرئيس الكردي مسعود برزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي لم يتفطن إلى أن منافسيه السياسيين الرئيسيين من الاتحاد الوطني الكردستاني قاما بعقد اتفاق مع بغداد وإيران في الخفاء.
وفي هذا الصدد، صرح الصحفي الكردي، فاضل هورامي، أن "هناك اتفاقا يشمل تسع نقاط بين بغداد والاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يحكم كركوك".
والجدير بالذكر أن هذا الاتفاق ينص على أن تتم إدارة مدينة كركوك بشكل مشترك، حيث سيكون 15 حيا تحت إدارة الأكراد، في حين ستدير القوات الأخرى 25 حيا آخر. وهو ما سيستمر لمدة ستة أشهر، وفقا لهورامي.
وبينت الصحيفة أن برزاني لم يتمكن من تأمين حلم دولة مستقلة للأكراد. في المقابل، سيتأثر الحزب الديمقراطي الكردستاني، بشكل عام، في الانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل في كردستان.
من جهته، تمكن العبادي من إنهاء حملة "استعادة الأمن" في كركوك بنجاح. وإلى جانب سيطرته على هذا الجيب النفطي، تمكن أيضا من السيطرة على عدة مناطق في محافظة نينوى، مثل مخمور وسنجار وبعشيقة وتلعفر، فضلا عن محافظتي ديالى وصلاح الدين.
وأوردت الصحيفة أنه وإبان أزمة استفتاء الاستقلال في كردستان، كان ينبغي على حلفاء أربيل وبغداد التكيف مع الوضع الجديد في كركوك. وفي حين ظلت الولايات المتحدة خارج الصراع بين بغداد وأربيل، ظهرت روسيا من جديد لاستغلال هذا الفراغ وإيجاد بديل. وفي ذروة التوتر الكردي العراقي، تولت "روسنفط"، وهي أكبر شركة نفط روسية، السيطرة على خط أنابيب كردستان العراق، ما زاد من استثماراتها في قطاع الطاقة بالمنطقة العراقية ذاتية الحكم، إلى حوالي 4.000 مليون دولار.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن الكرملين انضم إلى الخط ذاته، على غرار تركيا وإيران، اللتين تتمتعان بقدر من القوة في العراق، لفتح محادثات مع بغداد؛ بهدف الحفاظ على مصالحها الطاقية في شمال العراق.
جدل في إيران بعد تعليق عضوية مواطن زرادشتي في مجلس بلدي
الخارجية الايرانية تعلق على "التغييرات الداخلية" في السعودية
فرض الإقامة الجبرية على رئيس إيران الأسبق محمد خاتمي