تزايد الحديث مؤخرا في مصر عن احتمالات اندلاع ثورة جياع في مصر ضد الانقلاب العسكري الحاكم، إلا أن محللين مصريين يرون أن تلك الثورة وأدها الخوف من بطش النظام، وطبيعة المصريين التي تميل للتحمل والصبر على المحن.
وحذر الناشط السياسي، الدكتور ممدوح حمزة، الأربعاء، النظام من انفجار الأوضاع في مصر، مشيرا إلى ظهور "مؤشرات لقرب فوضى وهجوم من الجياع على المجتمع"، مضيفا عبر صفحته بــ"تويتر": "ستكون أسرع من انتقال الحكام إلى الإدارية الجديدة".
وأكد في تغريدة ثانية: "الجياع أصبحوا حولنا ومن فئات لم نكن نتوقعها وبعضهم يرفض أخذ فلوس ويصر على أخذ طعام فقط وهذه تجربة شخصية".
وكان أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة، قد أشار الأحد، في حوار لـ"عربي21"، إلى أن "العقلاء داخل النظام والمؤسسة العسكرية يرون أن السيسي يمكن أن يقود البلاد إلى ثورة جياع تؤدي للفوضى"، مشيرا لاحتمال أن يقود ذلك الحال إلى الانقلاب على السيسي من داخل النظام.
حديث ممدوح حمزة، وحسن نافعة، يتزامن مع سوء أوضاع يعيشها المصريون وسخط عام على سياسات الانقلاب، وانتشار حالات السطو المسلح بشكل يومي وفي وضح النهار وانتقالها من العشوائيات بالقاهرة إلى المحافظات وعلى الطرق الفرعية بين المدن والقرى.
وارتفع معدل الفقر في البلاد، متخطيا المعدل العالمي، وفي تموز/ يوليو 2017، حيث أكد الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر أن معدل الفقر سجل 30.8 بالمائة من السكان في 2016، وأن نحو 9.2 ملايين طفل يعيشون في الفقر، كما أن 40 بالمائة من المصريين لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية، فيما احتلت مصر المركز الــ76 من بين الدول الأكثر فقرا بالعالم.
وهي الحالة التي دفعت فنانين معارضين للتعبير عنها في أعمالهم الفنية والشعرية.
الثورة والخوف
وفي تعليقه على احتمالات قيام ثورة جياع في مصر، أكد الكاتب والمحلل إبراهيم فايد، أن "الوضع الاقتصادي الحالي بمصر بالفعل يشير لقرب انفجار البسطاء في ثورة جياع".
وأوضح أن "الوضع الأمني وقانون الطوارئ وغيرهما من ضروب البطش والقهر والديكتاتورية السائدة في مصر الآن ضد المعارضة والصحفيين والمواطنين المتضررين؛ تشير إلى استحالة قيام ثورة ولا حتى تظاهرة بسيطة".
وفي حديثه لـ"عربي21" أشار فايد إلى "خضوع الشعب وخنوعه لهذا الواقع الأليم، لاسيما مع مسكنات الإعلام المنافق الذي لا ينشر إلا إلى إيجابيات وهمية واهية لا يجد منها المواطن أي شيء ميدانيا ولا يستشعرها على أرض الواقع".
وعن دلالات قيام ثورة الجياع تلك، يرى فايد أنها "تتمثل في انتشار حالات الانتحار نتيجة الفقر، وكثافة نسب الطلاق الناتجة عن عدم قدرة الزوج على الوفاء بمطالب أسرته، وكذا انتشار المرض والفقر وزيادة أسعار السلع والمنتجات بشكل لم تشهده مصر على مر تاريخها اللهم إلا في الشدة المستنصرية".
واستدرك قائلا: "ولكن كما ذكرت أنها ثورة في النفوس لم ولن تظهر ميدانيا في ظل ذاك القهر والقمع والخوف والترقب".
هل يتأقلم المصريون؟
ولكن هل سيكولوجية المصريين توحي بأنهم أصبحوا على شفا ثورة جياع؟ أم أن سماتهم النفسية تضعهم في إطار التأقلم على الوضع القائم؟
استشاري الصحة النفسية، الدكتور محمد الحسيني، أكد أن "الصياغة الأخيرة بالسؤال هي سر الصنعة، بل هي الدراسة الحقيقية لطبيعة شخصية المصريين التي تصفها كثير من الكتب؛ بقدرتهم العالية على التحمل بصبر مخيف بجانب الصمت والتكيف".
الحسيني في حديث لـ"عربي21"، وصف الأزمة بقوله: "المشكلة أنه لا يستطيع أحد الجزم بأن المصريين يمكنهم أن يثوروا في أي لحظة أو أن التحمل عندهم له درجة معينة"، مشيرا إلى دور ما يسمى بفضائيات "الشرعية" في تنفيس الشعب وعدم إيصاله لمرحلة الغليان التي تتطلبها أية ثورة.
وذكّر الحسيني بزمن "الشدة المستنصرية"، (مجاعة نتيجة غياب مياه النيل 7 سنين بعصر الخليفة الفاطمي المستنصر)، مؤكدا أنها "لم تكن ثورة ولكن الناس كانوا يتغولون على بعضهم البعض"، موضحا أن "هذا ما يحدث بشكل ما"، مشيرا إلى وقائع "قتل سائق توكتوك لولد صغير ودفنه بمصحف يحفظ فيه القرآن لأجل المال، وقتل 4 أشخاص سائقا بمطعم من أجل الطعام".
وقال الأكاديمي المصري إن "الأحوال في مصر تعدت المستوى الطبيعي، ولكن من طبيعتنا وطبيعة الشعوب القريبة من نهر النيل والمسطحات المائية أن لديهم القدرة على الصبر والتحمل والتكيف"، مضيفا: "إذا أردت الشعب أن يثور فلابد أن تغلق كل قناة ومتنفس يستطيع أن يتكلم منها ويخرج ما بداخله".
وأكد الحسيني، أن قناعاته الشخصية ومن خلال قراءاته عن شخصية المصريين بكتب نعمات أحمد فؤاد، وحامد ربيع، فإن طبيعة المصريين أنهم لا يثورون"، لكنه أشار إلى أن هناك "بعض المؤشرات تشير لاحتمالات ثورة؛ ومنها تدني مستوى الفرحة والسعادة والبهجة لدى المصريين".
ويعتقد أستاذ علم النفس أن "تكييف وتكيف الشعب المصري سيضاف للدراسات والأبحاث في الفترة القادمة"، مشيرا إلى أن "محاولات وضع الشعب في إطار معين وتحمل التغيرات المختلفة وتنميطه وإيصاله لمرحلة البرمجة؛ يتم من خلال 38 قناة فضائية بجانب محطات الإذاعة"، وهو ما سماه "بمحاولات التخضيع وإدخال الشعب في حالة عدم اتزان للسيطرة عليه"، مؤكدا أنها "إدارة وبرامج عالمية يتم تطبيقها".
في ظل الفيتو الأمريكي.. كيف تراهن حماس على نجاح المصالحة؟
شفيق يتعرض لهجوم بسبب تعليقه على حادث الواحات (شاهد)
"تحميها مش تبنيها".. نداء للجيش والشرطة بعد مجزرة الواحات