كشف الباحث السياسي بإريتريا الدكتور حسن سلمان عن أن الاحتجاجات في محافظة أسمرة بدأت بعد تدخل الحكومة في مدرسة خاصة أهلية تدرس المواد العربية والإسلامية، ولا تتلقى دعم من الحكومة بل تقوم على الأوقاف الإسلامية، ويدعمها أولياء الأمور، وظلت مستمرة طيلة فترة تأسيسها حتى قبل أن تستقل إريتريا في فترة الاحتلال، ولم تتدخل الحكومات في منهاجها او طريقة عملها.
وأكد سلمان في تصريحات لـ"عربي21" أن هذه المرة حدث تدخل من الحكومة المركزية في أمور المدرسة، إذ طالبت بمنع تدريس المواد الإسلامية، وتدخلت حتى في الزي المتعلق بالطالبات بحجة أنه يحمل دلالة دينية في المجتمع، وكذلك الفصل بين البنين والبنات في المدرسة، لأنه نوع يعتبر من التمييز، بحسب معتقد الحكوم.
وأضاف أن أولياء الأمور رفضوا هذه المطالب، وقالوا لهم هذه مدرسة خاصة، وبالنسبة للمناهج الحكومية تُدرّس بالمدرسة، وبالتالي الطلاب ليسوا منفصلين عن مسيرة التنمية داخل البلاد.
ولفت إلى أن النظام يبنى سياسته منذ فترة سياسته على محاولة التضييق، وتحجيم الأداء الإسلامي بشكل عام، وكأنما يريد أن يتماهي مع الحالة السائدة في الإقليم تحت ذريعة ما يمكن أن نسميه محارية "الإسلام السياسي" في المنطقة.
وبين أن النظام حاول في الآونة الأخيرة أن يربط مع بعض الدول الإقليمية في المنطقة التي يزعجها هذا الخطاب الإسلامي، نافيا أن أن يكون للمدارس أن توجهات خارجية.
وأشار إلى النظام الإريتري ينهج نهجا طائفيا يتذرع بأي ذريعة يجدها وهو الآن يحاول التضييق على المدارس بحجة أنه ربما أن تنهج هذه المدارس نهج مسنود من الخارج.
واستطرد: "نحن نشك ونرتاب بأن هناك وفدا كنسيا كبيرا الشهر الماضي زار إريتريا واستقبل استقبالا كبيرا، وحاول أن يعتني النظام به بعناية رسمية، فربما هذه محاولة للتقرب من الكنيسة لتسويق نفسه خارجييا، ويجد بها دعما طائفيا وأنه حامي حمى الكنيسة في المنطقة".
وأوضح أن هناك تطور للأحداث في بعض المدن الأخرى، كما أن العاصمة لم تهدأ بشكل كلي، وقابل النظام الاحتجاجات بقمع شديد جدا وحاصر المنطقة في أسمرة، واعتقل عددا من الطلاب وأولياء الأمور، لكن الأوضاع الآن فيها هدأت نسبيا، مع نوع من إعلان طوارئ واستعداد كامل من كافة الأجهزة الأمنية في الدولة، لمواجهة أي تطورات".
وتوقع أن يحاول النظام الانحناء بعض الشيء ويستجيب لبعض الأمور في المدرسة التي ربما تفتح المدرسة بناء على هذه المطالب، مضيفا: "لكن هذه الحدث له ما بعده، لأن الأمور وصلت لنهايات شديدة جدا وهيمنة طائفية يصعب معها الصبر أكثر من ذلك، ولو هدأت العاصفة الآن فلن تستمر طويلا، لأن الاستحقاقات كثيرة جدا، وهناك تدخلا سياسيا وثقافيا واستحواذ على مقدرات البلاد، وبالتالي إذا لم يتغير نهج النظام في سياسته وسلوكه العام فالأوضاع قد تتفجر لهذا السبب أو غيره".
اقرأ أيضا : معارض إريتري: مقتل 28 وإصابة المئات في احتجاجات أسمرة
واختتم بأن المعارضة الآن تتسع يوما بعد يوم، مبينا أن المعارضة الرسمية موجودة تحت كيان جامع اسمه المجلس الوطني الاريتري يجمع القوى السياسية والقوى المدنية وله قيادته وله قوى سياسية كبيرة منضوية تحت هذا المجلس، لكن في الآونة الأخيرة المعارضة الغير منظمة في شكل أطر سياسية ومدنية بدأت تتسع وخاصة في أوروبا، وهناك مسيرات وتحركات لمنظمات حقوقية وحشد كبير جدا أكبر من القوى المعارضة، كما أن هناك تصاعدا في المعارضة سواء في الدول المجاورة أو في جاليات إريتريا الموجودة في أوروبا وأستراليا وأمريكا".
من جانبه قال الصحفي والباحث السياسي عمر إزراي إن الرئيس الإريتري أسياس أفورقي زار مدرسة الضياء الإسلامي التي انطلقت منها شرارة الإحتجاجات يوم الثلاثاء، وأمر بمزاولة المدرسة نشاطها وعدم التدخل في شؤونها ،كما وعد بالنظر في أمر الاعتقالات التي جرت على خلفية الاحتجاجات.
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21" أن الأخبار تفيد أيضا بتواصل الاحتجاجات المتقطعة التي اندلعت في العاصمة "أسمرة" إثر قرار حكومي بمنع الحجاب وتأميم المدرسة، واعتقال عدد من مجلس إدارتها بما فيهم رئيس المجلس الشيخ التسعيني موسى محمد نور.
وأكد ازراي أن هذه الاحتجاجات تعتبر الأولى من نوعها التي يعترف فيها النظام الإريتري بوجود احتجاجات شعبية داخل البلاد، حيث أكد وزير الإعلام يماني قبر مسقل بحدوث مظاهرة قادتها مدرسة واحدة، وتمت السيطرة على الوضع بدون إصابات، لافتا إلى أن المقاطع المسربة أكدت إطلاق الرصاص الكثيف على المحتجين.
وأوضح أن هذه ليست المرة الأولى التي تخرج فيها احتجاجات ضد النظام الإريتري الذي يحكم بالحديد والنار منذ أكثر من ربع قرن، حيث جرت احتجاجات مدنية وعسكرية في فترات متفرقة إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها العالم من مشاهد مصورة من مكان الحدث "وفق قوله".
ولفت إلى أن النظام الإريتري سابقا كان يقمع الاحتجاجات قبل أن يصل صداها إلى أي مكان في العالم.
وأوضح أن تحذير الخارجية الأمريكية لرعاياها من السفر إلى إريتريا نظرًا لتقارير عن اعتقالات تعسفية ومخاطر إرهابية، بؤكد حالة الغليان داخل الدولة.
وأشار إلى أن قوى سياسية ومدنية في المعارضة الإريترية بالخارج دعت إلى الخروج في مظاهرات تندد بتعامل النظام بالعنف المفرط مع المظاهرات السلمية، كما أصدرت عدد من المنظمات السياسية الإريترية بيانات تندد بمصادرة الحريات وقمع الاحتجاجات الشعبية.
وبين أن هناك توقعات بتطور الاحتجاجات نسبة للضائقة المعيشية، وانقطاع الخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء، بجانب الكبت الأمني، وتصاعد النزاع الخفي بين المؤسسة الأمنية والمؤسسة العسكرية من جانب، وبين قيادات الجيش من جانب آخر.
كما أكدت مصادر أخرى تحول المنطقة التي بدأت منها الاحتجاجات إلى سكنة عسكرية ومنع التجوال غير المعلن في العاصمة أسمرة.
وشهدت العاصمة الإريترية أسمرة الثلاثاء مظاهرات احتجاجية على خلفية قيام السلطات باعتقال رئيس مجلس إدارة مدرسة الضياء الإسلامية بتهمة رفض تنفيذ أوامر حكومية متعلقة بحظر الحجاب والسماح بالاختلاط بين الجنسين ومنع تدريس مواد التربية الإسلامية بالمدرسة.
وأواخر أغسطس/ آب الماضي، ترددت أنباء عن رغبة الحكومة الإريترية تأميم المدرسة التي رفضت الخطوة، كما رفضت مطالب الحكومة بتدريس المدرسة للمنهج الحكومي، والتخلي عن تدريس القرآن والمواد الإسلامية، ونزع الحجاب من رؤوس الطالبات، وفرض الاختلاط بين الجنسين داخل المدرسة، بحسب إعلام محلي.
ووفق المصادر ذاتها، فإن السلطات الإريترية أوقفت مؤخرا القائمين على المدرسة، وعلى رأسهم مديرها موسى محمد نور، ما أدى إلى اندلاع تلك الاحتجاجات.
والثلاثاء، حثت السفارة الأمريكية في إريتريا رعاياها على تجنب التجول وسط أسمرة؛ بسبب إطلاق نار خلال اشتباكات بين محتجين وقوات الأمن، بحسب بيان للسفارة.
8 قتلى غالبيتهم أجانب بحادث دهس بنيويورك (شاهد)