تزامن تنظيم معرض الجزائر الدولي للكتاب في طبعته الـ 22 الجارية حاليا، مع انخفاض العملة المحلية "الدينار"، جراء الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الكتب وخلق حالة إحباط بين الناشرين والقراء.
ويأتي تنظيم النسخة الـ 22 في ظل ظروف اقتصادية صعبة تمر بها الجزائر، ناتجة عن هبوط أسعار النفط في السوق العالمية منذ ثلاث سنوات.
وتآكل احتياطي النقد الأجنبي بنزوله إلى 100 مليار دولار بحسب تصريحات سابقة لرئيس الوزراء البلاد أحمد أويحيى، بعد أن كاد يلامس سقف 200 مليار دولار نهاية 2013.
وتقول السلطات الجزائرية، إن عائدات البلاد من مبيعات النفط تراجعت إلى النصف منذ منتصف 2014، بعد انهيار أسعاره في السوق الدولية على اعتبار أن الجزائر تعتمد بنسبة 95 بالمائة من دخلها من العملة الأجنبية على المحروقات.
وانتهجت الجزائر منذ سنتين سياسة ترشيد النفقات أو ما يعرف بـ"التقشف" لمواجهة الأزمة المالية التي تعصف بقطاعات كثيرة منها قطاع الثقافة.
تراجع ملحوظ
وسجلت العملة المحلية "الدينار" في 2017 تراجعا لافتا في السوق مقارنة بالعملات الأجنبية وبالأخص اليورو والدولار.
ووفق أرقام نقلتها الصحافة المحلية في تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، تجاوز سعر واحد يورو في السوق السوداء أكثر من 200 دينار جزائري، لأول مرة في سابقة تاريخية.
في حين بلغ سعر الدينار في الأسواق الرسمية 140 دينارا جزائريا، وتجاوز سعر الدولار الواحد أكثر من 160.8 دينارا بالسوق الموازية، و117.29 في السوق الرسمية.
وفقدَ الدينار الجزائري في التعاملات الرسمية ما بين 2012 و2017 أكثر من 33 بالمائة من قيمته، حيث انتقل من 74 إلى 111 دينارا للدولار الواحد بحسب بنك الجزائر المركزي.
إحراج للناشرين
وحسب دور للنشر، أثر هبوط الدينار على معرض الجزائر الدولي في نسخته الحالية سلبا على عملية طباعة الكتاب، من منطلق أن المواد الأولية مستوردة، وبالتالي زيادة أسعار الكتب، مما يؤدي إلى تراجع الإقبال.
وأقرت "آسيا علي موسى"، مديرة منشورات "ميم" الجزائرية أنّ تراجع الدينار الجزائري في سوق العملات، أثر سلبا على الأسعار التي ارتفعت بنسبة مقلقة.
وتابعت: "أكيد التأثير بدا واضحا، وهذه السنة الكتاب تلقى ضربة قاسية نظرا لارتفاع أسعار المواد الأولية، منها الورق، بالضعف".
وأضافت: "لا توجد للناشر خيارات كثيرة لأنّ الورق الخاص بطباعة الكتب غير متوفر، وسعره سيرتفع لاحقا".
وأشارت إلى أنّ أسعار الكتب ارتفعت هذه السنة بنسبة 50 بالمائة مقارنة بالسنوات الثلاث الماضية، في ظل وجود بعض طبعات الكتب لم تنفذ بعد، ولكن أسعارها ارتفعت بالضعف.
قادة زاوي، مدير منشورات "الجزائر تقرأ"، أوضح أنّ انخفاض سعر الدينار الجزائري مقارنة بالعملات الأخرى وخاصة اليورو والدولار، يؤثر في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية، وليس على حلقة سلسلة صناعة الكتاب فقط.
وقال: "نحن الناشرون تحت رحمة ارتفاع أسعار الورق المستورد ومختلف المواد الأولية الأخرى من جانب، ومن جانب آخر نرغب في توفير الكتاب بسعر مناسب للقارئ في ظل انخفاض القدرة الشرائية للمواطن".
تأثير سلبي
بدوره، تأسف مصطفى قلاب، مدير منشورات "دار الهدى" وهي من أقدم دور النشر الخاصة، لتدني قيمة الدينار الجزائري في الأشهر الأخيرة مقارنة بعملات عربية وأجنبية.
واعترف بأنّ تراجع الدينار أثر سلبا على سعر الكتاب لكون كل المواد الأولية المساهمة في صناعته تعتبر مستوردة مائة بالمائة.
وزاد: "لو نأخذ هذه النقطة (انخفاض العملة) في تحديد السعر ستجد الزيادة وصلت حدود الـ40 بالمائة".
ومدير منشورات "دار القلم" اللبنانية للطباعة والنشر، ياسين محمد ياسين، لفت إلى أنّ أسعار الكتب في معرض الجزائر الحالي ارتفعت بنسبة كبيرة مقارنة بالسنة الماضية.
القراء أو زوار معرض الكتاب، من جهتهم، اشتكوا من غلاء أسعار الكتب في الطبعة الحالية وأقرّوا أنّها ارتفعت بنسب معتبرة مقارنة بالطبعة الماضية.
وقالت شفيقة رحماني: "اشتريت رواية بألف دينار ( قرابة نحو 8 دولارات) والرواية ذاتها لم يتجاوز سعر طبعتها الأولى في 2016، مبلغ 600 دينار (نحو 5 دولارات)، أي هناك فارق يقدر بـ400 دينار (نحو 3 دولارات).
وأضافت رحماني للأناضول: "كنّا نأمل في تخفيضات، ولكن وجدنا أنّ الأسعار ارتفعت، فلا يمكن أن تقتني ما كنت تريده".
وأشار نسيم لعروج، طالب جامعي في قسم الهندسة، إلى أنّ كتب التخصصات العلمية ارتفع ثمنها بشكل رهيب بعدما كانت سابقا بأسعار تناسب الطلبة.
وأضاف لعروج، للأناضول: "نحن كطلبة لا نستطيع اقتناء الكتب التي نحتاجها في تخصصاتنا بسبب الغلاء".
والمعرض الذي تجري فعالياته منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر إلى غاية 5 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي (اختتم فعاليته أمس الأحد)، سجل مشاركة قرابة ألف عارض، بمجموع 262 ألف عنوان؛ منها 77 ألف عنوان من الجزائر، ونزول دولة جنوب إفريقيا ضيف شرف طبعته الـ22، ومشاركة زهاء 70 مثقفا جزائريا وعربيا وأجنبيا.
الجزائر تقترب من رفع أسعار الوقود.. والغلاء ينتظر المواطنين