تمت جريمة اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري أمام منزله في مدينة صفاقس.. تقع صفاقس بطبيعة الحال على أراضي الجمهورية التونسية، ومن البديهي أن المعني أساسا بالتحقيق، والأهم إعلان نتائج التحقيق في قضية ذات طابع سياسي واضح، هي السلطات التونسية. غير أنه بعد مرور حوالي العام من عملية الاغتيال؛ لم تكن تونس هي التي أعلنت نتائج تحقيقاتها بل منظمة سياسية لا تحوز على مقدرات الدولة..
فإعلان "حماس" عن نتائج التحقيق إزاء غياب أي تصريح رسمي للسلطات التونسية عن تحقيقاتها، منذ آخر ندوة صحفية في 19 كانون الأول/ ديسمبر 2016، يعكس اختلالا واضحا في المعايير. لمَ تمتنع السلطات التونسية عن إعلان مسار تحقيقاتها؟ أليس ذلك تعبيرا ليس عن محدودية قدرات الأمن التونسي، بل عن عجز سياسي من قبل منظومة الحكم الحالية على إعلان "الموساد" كطرف أساسي وراء العملية؟
غير أنه بعد مرور حوالي العام من عملية الاغتيال؛ لم تكن تونس هي التي أعلنت نتائج تحقيقاتها بل منظمة سياسية لا تحوز على مقدرات الدولة..
التحقيق التونسي الأولي قبل عام؛ هو صورة ضبابية وغير مكتملة عن هوية الفاعلين وتفاصيل التنفيذ، والأهم امتناع عن الحسم بوضوح بالاتهام المبدئي للموساد
ملخص التحقيق التونسي الأولي قبل عام؛ هو صورة ضبابية وغير مكتملة عن هوية الفاعلين وتفاصيل التنفيذ، والأهم امتناع عن الحسم بوضوح بالاتهام المبدئي للموساد؛ نظرا لطريقة التنفيذ، وأنه المستفيد الأول من العملية، إلى جانب زيارة الصحفي الإسرائيلي لمسرح الجريمة ومن أمام الوزارة، والابتهاج في الإعلام الإسرائيلي بها.
في المقابل، كانت منهجية "حماس" في الندوة الأخيرة واضحة وبلا لبس. فقد أشار عضو المكتب السياسي لحماس، محمد نزال، بوضوح؛ إلى "نحن في حماس نتهم جهاز الموساد الإسرائيلي اتهاما رسميا بالوقوف وراء عملية اغتيال الشهيد الزواري، بتعاون لوجستي من جهات أمنية أخرى".
وأضاف: "شكلنا لجان تحقيق من جميع الجهات بالحركة، وقررنا الوصول لكل الخيوط التي تكشف الجهة الفاعلة لجريم الاغتيال. وأردنا أن نثبت بالأدلة القطعية تورط الموساد في اغتيال الشهيد الزواري، وتوصلنا من خلال تحقيقاتنا وأبحاثنا؛ إلى أن الموساد هو من اغتال الشهيد محمد الزواري في تونس؛ بتعاون لوجستي من جهات أمنية أخرى. بدأ التحضير لعملية الاغتيال قبل عام ونصف من وقوعها. ومرت بثلاث مراحل، أولها جمع المعلومات للشهيد عبر شخص مجري الجنسية، ورفض الشهيد التعامل مع جامع المعلومات المجري وأبلغ الجامعة بشكوكه حوله. المرحلة الثانية من عملية الاغتيال؛ تمثلت في الاقتراب أكثر للشهيد عبر الصحفيين، وبدأ التحضير للعملية قبل أربعة أشهر من تنفيذ العملية، وتم استخدام أسماء شركات وهمية تعمل في أوروبا".
وحسب نزال، وهنا عنصر جديد لم يتم ذكره من قبل السلطات التونسية، فقد "وصل المنفذان بجوازات سفر بوسنية عبر المطار بتونس، وجلس المنفذان في مقهى قريب من منزل الشهيد. استأجر المنفذان سيارتين بلوحات عادية، وهناك مجموعة ثانية رصدت المطاعم والفنادق الفاخرة، واستأجرا ايضا شقتين بالعاصمة التونسية وبصفاقس؛ للمنفذين. وخُصصت ثلاث مجموعات ميدانية في مكان عملية الاغتيال".
يشير نزال إلى أن الموساد قام بـ"مراقبة دقيقة للشهيد الزواري قبل أربعة شهور من اغتياله. وأطلق المنفذان النار على الشهيد الزواري من مسدس كاتم صوت، وأصابت فكه العلوي ورقبته وقلبه وكتفه الأيسر بثماني طلقات"، ليضيف أيضا أن "بحارين أوروبيين وصلا لميناء صفاقس لنقل منفذي عملية الاغتيال".
ما نتوقعه أن تبادر السلطات التونسية بإعلان نتائج التحقيقات بوضوح للرأي العام، بعد مرور سنة، والقيام بما هو بديهي أي توجيه أصابع الاتهام بوضوح إلى الطرف الإسرائيلي