تهاوت أسعار الريال اليمني بنسب قياسية حادة مقابل العملات الأجنبية منذ أن قرر البنك المركزي تحرير سعر الصرف قبل نحو ثلاثة أشهر.
ودفع ذلك، إلى تفاقم معاناة اليمنيين في ظل أوضاع صعبة يعيشونها منذ أكثر من عامين ونصف، بسبب الحرب المشتعلة.
وتدور حرب أهلية في اليمن منذ 26 آذار/ مارس 2015، بين جماعة الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، المدعومين من إيران، والقوات الحكومية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، المدعومة من تحالف عربي يقوده السعودية.
وقرر البنك المركزي اليمني منتصف آب/ أغسطس الماضي تحديد سعر شراء الدولار الأمريكي (370.71 ريالا يمنيا) وسعر بيعه (372.63 ريالا).
وظل سعر الريال يتراوح حول هذه القيمة في السوق الرسمية والسوداء، قبل أن يبدأ التدهور أواخر الشهر الماضي ليصل حاليا إلى (440 ريالا) مقابل الدولار الأمريكي.
وتسبب التدهور في سعر الريال اليمني، في صعود كبير في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، ومواد البناء، لتطال آثاره أعمال البناء والإنشاءات الجارية في البلاد.
وسجلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعا ملحوظا في معظم المدن اليمنية، بنسبة تتراوح بين 10-15 بالمائة للمواد الغذائية الأساسية.
ركود السوق
ومع استقرار الأوضاع الأمنية في محافظة مأرب الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، نزح إليها عدد كبير من اليمنيين وخصوصاً من التجار ورجال الأعمال، الذين بدأوا في بناء مراكز تجارية وخدمية متنوعة، وازدهرت فيها حركة البناء بشكل ملحوظ خلال الأشهر الماضية.
ويقول "سلطان الترابي"، مالك مصنع طوب بناء في المدينة، إن تدهور سعر الريال اليمني أدى لارتفاع أجور نقل المواد، وارتفاع أسعار المواد الأولية وعلى رأسها الإسمنت.
وأضاف أن هذا الارتفاع مقابل انهيار سعر العملة، أدى إلى ركود في الأسواق وتوقف المواطنين عن الشراء. ولفت إلى أن المبيعات خلال الأسبوعين الماضيين انخفضت بنسبة 60 بالمائة في المصنع الذي يديره، مضيفاً أن استمرار انهيار سعر الصرف سيسبب مزيدا من الركود في السوق.
وبلغت نسبة الارتفاع في مادة الحديد أكثر من 50 بالمائة خلال الأسابيع الماضية، أدى لعزوف كثيرين عن الشراء في انتظار تحسن سعر الصرف وعودة مواد البناء لأسعارها الطبيعية.
تأثر العمالة
وأدى هذا التوقف في قطاع البناء والإنشاءات، إلى توقف الأعمال اليومية التي توفر فرص عمل لمئات المواطنين ذوي الأجر اليومي.
ويقول "عبده راجح"، عامل من محافظة إب، ويعمل منذ عام ونصف العام بالأجر اليومي، إن أعمال البناء تراجعت مؤخرا بسبب تدهور سعر الصرف ولجوء تجار مواد البناء للبيع بالعملة الصعبة للحفاظ على رؤوس أموالهم.
وأضاف أن الطلب على العمال بالأجر اليومي انخفض بشكل كبير مؤخراً، مع تدني الأجر ليصل إلى 3 آلاف ريال يمني (6.8 دولارات) في أحسن الأحوال.
ويقول "راجح" إن نحو 700 عامل بالأجر اليومي، يتجمعون كل صباح في حراج العمال وسط المدينة، يعود قرابة النصف منهم دون الحصول على عمل.
أسباب الانهيار
وحول أسباب انهيار الريال اليمني، يقول الصحفي ومدير عام الأخبار في إذاعة مأرب المحلية الحكومية، حسين الصادر، إن التراجع سببه الوضع السياسي الراهن في اليمن، إضافة إلى عدم توحيد الإيرادات التي ما زال بعضها يذهب إلى خزينة الحوثيين، مثل عائدات الاتصالات وجمارك ميناء الحديدة.
ويضيف أن البنك المركزي اليمني يفتقد للموارد الداخلية وعائدات الموارد السيادية، وبالتالي فهو غير قادر على فرض سياسة نقدية يتمكن من خلالها من السيطرة على أسعار العملة. ويرى أن "الوديعة السعودية لن تكون فعالة دون وجود سياسة نقدية مسيطرة".
وكان الرئيس اليمني قال السبت من الأسبوع الماضي، إن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" أعلن أن بلاده ستدعم البنك المركزي اليمني بوديعة قدرها مليارا دولار.
وقال محافظ البنك المركزي "منصر القعيطي" الأحد من الأسبوع الماضي، إن الريال اليمني سيتجاوز أزمته قريباً، وأن الوديعة السعودية ستسهم بشكل كبير في الحد من تدهور سعر الريال اليمني، ودعم العملة الوطنية في أسواق الصرف الأجنبي.
وسجل الريال اليمني بعد تداول هذه الأخبار أسعارا متفاوتة لدى كبرى شركات الصرافة في صنعاء وعدن، إذ سجل في صنعاء 410 ريالات، وفي عدن 415 ريالا مقابل الدولار الأمريكي.
السوق السوداء
وقال مصطفى العزعزي، موظف في شركة المري للصرافة، إن من بين أسباب انهيار العملة، المضاربة بسعرها في السوق السوداء لصالح بعض التجار.
وأضاف أن كبار التجار وشركات استيراد النفط تسحب العملات الصعبة من السوق بشكل كبير جدا، الأمر الذي يفتح السوق السوداء للمضاربة بسعر الريال اليمني.
تراكمات سابقة
وأرجع "جمال الكامل" مدير عام فرع البنك المركزي اليمني في محافظة "مأرب" أسباب انهيار الريال إلى تراكمات سابقة، تسبب بها الوضع الاقتصادي والحكومات المتعاقبة، ومن ذلك عدم وجود صادرات كبيرة تعمل على جلب العملات الصعبة إلى داخل البلاد.
وأضاف أن تدهور سعر العملة المحلية انعكس سلبا على كافة القطاعات والخدمات بما في ذلك أسعار المواد الغذائية الأساسية، وأسعار مواد البناء".
وأشار إلى أن "البنك المركزي لا يستطيع حل هذه المشكلة لوجود فرعين، فرع في صنعاء خاضع للحوثيين وغير معترف بالسلطات الشرعية، وفرع في عدن يتبع الحكومة الشرعية.. ولأن البنك المركزي أصدر قرار التعويم فهو لا يستطيع الآن التحكم في سعر العملة لأنه ترك المجال للسوق".
عراقيون يطلبون فرض رسوم إضافية على "المنتجات".. لماذا؟
استثمارات السعودية والكويت ترتفع 33 بالمائة في السندات الأمريكية
الاستثمارات والاقتصاد والشباب مواضيع لقاء العثماني مع فيليب