فريدمان يفتح جميع الملفات مع ابن سلمان.. وصف خامنئي بهتلر
لندن- عربي21- باسل درويش24-Nov-1712:12 PM
شارك
ابن سلمان وصف الاتهامات باستغلال منصبه للتخلص من منافسيه بـ"السخيفة"- جيتي
قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في مقابلة أجراها معه الصحافي المعروف في "نيويورك تايمز" توماس فريدمان، إن السعودية تشهد أهم عملية إصلاح في المنطقة العربية، وتعيش ربيعها، لكن على الطريقة السعودية.
ويجد فريدمان في مقابلته، التي ترجمتها "عربي21"، أنه على خلاف الثورات العربية الأخرى، التي بدأت من الأسفل إلى القمة، وفشلت بشكل بائس -باستثناء تونس- فإن هذا الربيع، الذي يقوده ولي العهد البالغ من العمر 32 عاما الأمير محمد بن سلمان، لا يقوم بتغيير شكل السعودية، لكن طريقة النظر للإسلام في العالم.
وقضى فريدمان ثلاثة أيام في الرياض ليستطلع ما يجري، خاصة حملة مكافحة الفساد، التي بدأت هناك في تشرين الثاني/ نوفمبر، باعتقال أمراء ورجال أعمال بتهم الفساد، وتم إلقاؤهم في سجن ذهبي في ريتز كارلتون حتى يوافقوا على التخلي عن أموالهم التي كسبوها بطريقة غير مشروعة.
وجرى اللقاء في قصر العائلة في العويجة في شمال الرياض، وتحدث الأمير محمد باللغة الإنجليزية، فيما شارك شقيقه الأمير خالد، السفير الجديد في واشنطن وعدد من الوزراء.
وسأل فريدمان أولا: ماذا يجري في ريتز كارلتون؟ وهل هو جزء من لعبة السلطة لتصفية المنافسين له داخل العائلة المالكة والقطاع الخاص قبل أن يسلم له والده مفاتيح المملكة؟
ورد قائلا إن هذا "سخف" أن تربط عملية مكافحة الفساد بالحصول على السلطة، وقال إن الكثير ممن اعتقلوا في ريتز كارلتون من أفراد العائلة عبروا عن دعمهم لإصلاحاته وبايعوه، وأن "غالبية العائلة المالكة تقف وراءه"، وما حدث كما قال إن "بلدنا عانى من الفساد في ثمانينيات القرن الماضي حتى اليوم، وبحسب تقديرات الخبراء فإن نسبة 10% من أموال الحكومة يتم اختلاسها عبر الفساد كل عام من رأس السلطة إلى أسفلها، وقامت الدولة وعبر السنين بشن أكثر من حرب على الفساد وكلها فشلت؛ لأنها بدأت من الأسفل للأعلى".
ويشير فريدمان إلى أنه عندما وصل والده، الذي لم يلوث بالفساد خلال خمسة عقود بصفته أميرا لمنطقة الرياض، للعرش عام 2015 "في وقت انهيار أسعار النفط"، فإنه تعهد بوقف هذا كله، كما يقول ابن سلمان: "شاهد والدي أن لا طريقة للبقاء في مجموعة الدول العشرين والنمو بهذا المستوى من الفساد، وفي بداية عام 2015 كان أول مرسوم لفريقه هو جمع المعلومات عن الفساد- من القمة، وعمل هذا الفريق مدة عامين حتى جمع المعلومات الدقيقة، وجاء بـ200 اسم".
ويبين أنه عندما كانت المعلومات جاهزة قام النائب العام سعود المعجب بالتحرك، حيث وضح أن كل أمير وملياردير اعتقل وضع أمام خيارين "لقد كشفنا لهم عن الملفات، وفي اللحظة التي يشاهدون الموافقة على تسوية 95%"، ما يعني التخلي عن أموال وأسهم للخزينة السعودية.
وقال إن "حوالي 1%" استطاعوا التأكد من أنها أموال نظيفة، وأن "4% لم تجمع بطرق فساد، وسيذهبون مع محاميهم للمحكمة، وبناء على القانون السعودي فإن النائب العام مستقل، ولا يمكن أن نتدخل في عمله، ويمكن للملك عزله، لكنه هو الذي يقود العملية، ولدينا خبراء للتأكد من عدم إفلاس أي تجارة خلال العملية".
وعندما سأل فريدمان: "ما هو حجم الأموال التي يحصلون عليها؟"، فرد ابن سلمان قائلا إن النائب العام يقول "ستكون حوالي 100 مليار دولار في تسويات"، ويعترف ابن سلمان بأنه لا يمكن القضاء على الفساد من القمة للأسفل "ولهذا علينا أن نرسل رسائل، والرسالة خرجت الآن: لا مهرب أمامك، ونشاهد الأثر"، ويكتب الناس على وسائل التواصل الاجتماعي "لقد اتصلت بالوسيط ولم يرد"، وأضاف أن رجال الأعمال السعوديين الذين يدفعون المال من أجل تمرير مصالحهم عبر البيروقراطيين لا يتعرضون للمحاكمة، لكن من يختلسون مال الحكومة من خلال رفع سعر الخدمات والحصول على رشاوى.
ويعلق فريدمان قائلا إن الرهانات عالية في حملة مكافحة الفساد هذه، فلو شعر الرأي العام أن عملية تطهير الفساد الذي ينهك النظام تمت بطريقة شفافة، مؤكدا أن محادثاته مع السعوديين خلال الأيام الثلاثة التي قضاها أعطته انطباعا بأن هناك دعما لحملة مكافحة الفساد.
ويكتب فريدمان قائلا إن "الغالبية السعودية الصامتة قد طفح الكيل بها من الظلم والأمراء الكثر والمليارديرات الذين يسرقون بلدهم، وفي الوقت الذي يسأل أجانب مثلي حول الإطار القانوني للعملية، فإن المزاج بين السعوديين الذين تحدثت معهم كان: (اقلبهم رأسا على عقب وهزهم بعنف حتى تخرج الأموال كلها من جيوبهم ولا تتوقف حتى تفرغها)".
ويعلق فريدمان قائلا إن "حملة مكافحة الفساد هي ثاني أكبر وأهم مبادرة غير عادية قام بها الأمير محمد بن سلمان، والأولى هي محاولة لإرجاع السعودية للإسلام المعتدل المنفتح، الذي تم حرفه عن مساره عام 1979، وهو ما شرحه الأمير محمد في مؤتمر استثماري عالمي (إسلام معتدل، متوازن ومفتوح على العالم وللأديان والتقاليد والشعوب كلها)".
ويقول فريدمان: "أعرف ذلك، فقد بدأت مسيرتي الصحافية مراسلا من الشرق الأوسط في بيروت عام 1979، ومن المنطقة بشكل عام وقمت بتغطيتها، وقد تشكلت من خلال ثلاثة أحداث كبيرة منذ ذلك الوقت: السيطرة على الحرم المكي من متشددين سعوديين، الذين شجبوا العائلة المالكة باعتبارهم منحرفين باعوا أنفسهم للغرب، ومن ثم الثورة الإسلامية في إيران، والغزو السوفييتي لأفغانستان".
ويلفت الكاتب إلى أن "الأحداث الثلاثة أخافت العائلة السعودية الحاكمة، في وقت حاولت فيه زيادة شرعيتها، وسمحت لعلماء الوهابية بتطبيق تفسير متشدد من الإسلام على المجتمع، وشنت حملة دولية لمنافسة إيران حول من لديه القدرة على تصدير الأصولية الإسلامية، ولم يساعد في منع هذا لأن الولايات المتحدة حاولت دعم هذه الموجة من خلال استخدام المقاتلين الإسلاميين في أفغانستان، وفي المحصلة فإنها حرفت الإسلام على المستوى العالمي لليمين، وأسهمت في تحضير الظروف لهجمات 9/11".
ويصف فريدمان ابن سلمان بالقول إنه "درس القانون، وصعد داخل مؤسسة عائلته التعليمية الاجتماعية، وهو في مهمة لإعادة الإسلام في السعودية إلى المركز، ولم يحد من سلطة رجال الدين الذين كانوا يستهدفون النساء بسبب عدم تغطيتهن أنفسهن فقط، بل سمح للمرأة بقيادة السيارة، وعلى خلاف القيادة السعودية من قبله فإنه واجه المتشددين أيديولوجيا".
وينقل الكاتب عن امرأة سعودية عمرها 28 عاما ومتعلمة في السعودية، قولها: "يتحدث ابن سلمان بلغة مختلفة، ويقول إنه سيقوم بتدمير المتطرفين، ولا يغلف كلامه، وهو أمر يطمئنني بأن التغيير قادم".
ويعلق فريدمان قائلا: "بالتأكيد طلب مني ابن سلمان: لا تقل إننا نعيد (تفسير) الإسلام، بل (نعيد) الإسلام لجذوره، ووسيلتنا هي سنة الرسول والممارسات اليومية السعودية قبل عام 1979"، وقال إن زمن الرسول شهد الموسيقى والمسارح والاختلاط بين الجنسين، وكان هناك احترام لليهود والمسيحيين، وأضاف: "كانت أول قاضية في شؤون التجارة امرأة"، ويتساءل ابن سلمان لو قمنا بتبني هذا كله "فهل هذا يعني أن الرسول ليس مسلما"، وأشار كيف أظهر وزراء صورا عن الحياة في السعودية في منتصف القرن الماضي، وكيف كانت النساء يسرن في الشوارع وهن يرتدين التنانير حتى عام 1979.
ويورد الكاتب نقلا عن سيدة في منتصف العمر، قولها: "أصبح جيلي رهينة لعام 1979، ومتأكدة من أن أطفالي لن يكونوا رهائن"، وأضافت: "قبل 28 عاما عندما كنا نتحدث عن الموسيقى في الرياض كانت تعني شراء (سي دي)، أما الآن فهي عن الحفلات الموسيقية".
وينوه فريدمان إلى أنه فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فإن الأمير رفض مناقشة الأحداث الغريبة حول استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، لكنه أكد أن الحريري لن يستمر في منح غطاء سياسي للحكومة اللبنانية، التي يسيطر عليها حزب الله وتدار من طهران، وأكد أن الحرب التي تدور في اليمن تميل لصالح الحكومة المدعومة من السعودية، التي تسيطر الآن على 85% من أراضي البلد.
وعبر ابن سلمان عن دعمه للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وصفه "بالرجل المناسب للوقت المناسب"، وقال إن السعودية وحلفاءها تقوم ببناء تحالف ضد إيران.
ويعلق فريدمان قائلا: "أنا متشكك لأن العجز والخلافات في العالم الإسلامي منعت بناء جبهة موحدة، ولهذا السبب فإن إيران تقوم بالتحكم بطريقة غير مباشرة بأربع عواصم عربية، ولهذا السبب كان الأمير بن سلمان عنيفا تجاه المرشد الأعلى للثورة في إيران آية الله علي خامنئي، فقال: (المرشد الأعلى هو هتلر الشرق الأوسط.. لكننا تعلمنا من أوروبا أن الترضية لا تجدي، ولا نريد "هتلر" جديدا في إيران يقوم بتكرار ما حدث في أوروبا في الشرق الأوسط)".