نشرت صحيفة "أتلنتيكو" الفرنسية حوارا أجرته مع الخبير في القضايا الجيوسياسية والمحرر الفرنسي الإيطالي ألكسندر ديل فالي، الذي عاد للحديث عن قمة سوتشي الأخيرة للبحث في حل للصراع السوري، التي جمعت الرئيس الروسي بنظيره الإيراني والتركي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الخبير الفرنسي الإيطالي قد تطرق للإجابة عن الأسئلة التي تدور حول التقارب المنقطع النظير بين السعودية والدولة العبرية، اللتين تضمران العداوة ذاتها لكل من حزب الله اللبناني وعرابه الإيراني. وأكد الخبير أن بوتين التقى ببشار الأسد يوم الاثنين 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، في مدينة سوتشي الروسية في "جلسة عمل"، التي يهدف من خلالها الكرملين إلى دفع الأسد المتشبث بكرسي الرئاسة إلى قبول حل سياسي على المدى البعيد.
ونقلت الصحيفة على لسان ألكسندر ديل فالي قولا بين فيه أن هدف المحور، الذي جمع الروس، والأتراك، والإيرانيين مؤخرا، يتمثل في مواصلة محادثات أستانة السابقة، والتي حققت نتائج ملموسة مقارنه بمحادثات جنيف. فقد توصل لقاء أستانة إلى الحد من المواجهات في سوريا مع تركيز أربع مناطق "تخفيف التوتر" لتسهيل عمل المنظمات الإنسانية.
ونوهت الصحيفة بأن هذا المحور قد نجح في تحقيق تقارب رغم اختلاف وجهات النظر التي تشوبها حيال الوضع السوري، حيث تدعم كل من روسيا وإيران النظام، على طريقتها، بينما تقف تركيا إلى جانب الثوار السنة. لكن خلال الأشهر الأخيرة، خففت أنقرة من حدة الانتقادات التي كانت توجهها ضد نظام دمشق.
وتجدر الإشارة إلى أن موسكو وأنقرة قد تجاوزتا أزمة دبلوماسية خطيرة، يعود تاريخها إلى شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من سنة 2015، عندما أسقط سلاح الجو التركي طائرة حربية روسية على الحدود السورية. وقد ترك الطرفان خلافاتهما على جانب لتحقيق تعاون ثنائي ناجح لإيجاد حل للملف السوري.
وأفادت الصحيفة بأن الخبير في القضايا السياسية يستبعد أن تكون زيارة بشار الأسد الأخيرة إلى روسيا مجرد زيارة ودية، فهي تعد بمثابة "استدعاء" من بوتين للرئيس السوري كي يدعم المبادرة الروسية والدولية للمساهمة في الخروج بحل سياسي، يقبل بمقتضاه الدكتاتور السوري فكرة تفاوض نظامه مع المعارضة.
وذكرت الصحيفة أن ألكسندر ديل فالي تحدث عن الدور الذي لعبه قاسم سليماني، الذي أضحى بطلا وطنيا في إيران، في تحقيق انتصارات هامة ضد تنظيم الدولة في العراق، على الرغم من أن حربه قد كانت ضريبتها آلاف القتلى من الحرس الثوري الإيراني، بينهم قادة كبار، سقطوا على الجبهتين السورية والعراقية. ولكن ذلك يعكس أولا حقيقة المكاسب التي حققتها طهران في سوريا والعراق، والتي من المؤكد أنها لن تسحب بيادقها بسهولة من هاتين الجبهتين.
وبحسب الخبير، فإن ذلك من شأنه أن يفتح مواجهة وشيكة مع إسرائيل، التي لن تقبل من جهتها أن تكون حدودها بمثابة جبهة قتال جديدة تخدم مصلحة المحور الشيعي المتمثل في حزب الله وإيران. وللتوضيح أكثر، أفاد ديل فالي أن الحرب السورية لم تنته بعد بالنسبة لإيران، فهي لا زالت تواصل إرسال خبراء عسكريين "ومتطوعين شيعة" لقتال الثوار السنة. في المقابل، يرفض كل من العالم الغربي وإسرائيل أن يتم تعويض المناطق السورية التي كانت خاضعة للثوار السنة بقواعد دائمة يديرها حزب الله والميليشيات الشيعية الموالية لإيران.
وأشارت الصحيفة إلى أن التوتر بين تل أبيب وحزب الله قد بلغ معدلا خطيرا منذ استقالة رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري. وتزامن ذلك مع اعتراف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي أيزنكوت، بأن "إسرائيل تقف إلى الجانب نفسه مع السعودية في خصوص معاداة إيران".
وقالت الصحيفة إن ألكسندر ديل فالي تحدث عن التقارب الإسرائيلي السعودي، المعزز بالتقارب السعودي الأمريكي، الذي من شأنه أن يؤجج نيران الصراع الجيوسياسي والديني التي تهز المنطقة. ومن المؤكد أن هذا التقارب السعودي الإسرائيلي سيعمل على مواجهة الهلال الإيراني الشيعي الذي يمتد من العراق، مرورا بسوريا ولبنان وغزة، وصولا إلى اليمن. والجدير بالذكر أن المحور السني الذي تقوده السعودية، إلى جانب تل أبيب وواشنطن، أبدوا غضبهم من التدخل الإيراني في الدول المذكورة آنفا.
وأكدت الصحيفة أن الخبير الفرنسي الإيطالي قد استشهد بقول رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الذي اعتبر هذا التقارب مع السعودية بمثابة "الفرصة لإعادة تنظيم تحالف دولي لوضع حد للتهديد الإيراني في المنطقة". كما عبر المتحدث الإسرائيلي عن استعداد الدولة العبرية "لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع دول عربية معتدلة لمواجهة إيران".
وفي الختام، لا تستبعد الصحيفة، بحسب ديل فالي، أن التقارب بين السعودية وإسرائيل ينذر بتدخل عسكري إسرائيلي وشيك ضد حزب الله وحلفائه الشيعة العراقيين والإيرانيين في سوريا. ومن المتوقع أن يتم هذا التدخل بدعم مباشر من الرياض وبمباركة من الشق السني.
هكذا علقت الخارجية الأمريكية على عناق بوتين والأسد
الكرملين: الأسد التقى بوتين الاثنين.. وهذا أبرز ما تناولاه
مستقبل سوريا والتعاون الاقتصادي حديث قمة أردوغان بوتين