تناغم كبير بين الموقف الرسمي المغربي وبين الفعاليات الوطنية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطين، فبعدما أعلنت الرباط في شخص العاهل المغربي رفضها للقرار، سجلت عدد من الهيئات الوطنية المغربية أيضا، رفضها لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القاضي بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة، داعيا إلى التراجع عن هذا القرار ومحذرة من عواقبها على استقرار المنطقة.
الفعاليات المدنية والحزبية المغربية على اختلاف تنوعها الآيديوليوجي والفكري، أجمعت على رفض الخطوة الأمريكية، محذرة من عواقبها على الاستقرار في المنطقة والعالم.
خطوة باتجاه الفوضى
وقالت عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حنان رحاب، إن "الحديث عن نقل سفارة الولايات المتحدة للقدس، يعني أن الرئيس الأمريكي ينفذ أحد شعارات حملته الانتخابية التي أوصلته إلى البيت الأبيض، وبكل أسف فإن وضعنا بالمنطقة العربية سماته التطاحن اليومي، وهو ليس في موقع للضغط والتأثير القويين للحيلولة دون أن ينفذ هذا - الرئيس -ما يوجد تحت يديه".
وتابعت حنان رحاب عضو مجلس النواب المغربي، في تصريح لـ"عربي21": "فعلى مدار الأعوام الماضية كانت الولايات المتحدة ترفض رسميا، شأنها شأن باقي دول العالم، الاعتراف بالضم الإسرائيلي للقدس المحتلة ونعلم أن رئيس الولايات المتحدة يوقع كل ستة شهور، قرارا بتعليق نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، وذلك بعد أن تبنى الكونغرس الأمريكي قرارا في العام 1995 بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، فأصبح القرار بيد الرئيس الأمريكي الذي بات يؤجله كل ستة شهور".
وسجلت أن "ما يلعبه الرئيس ترامب حاليا هو جزء من "فوضى" تعيشها منطقة الشرق الأوسط وتقتل العديد من فرص العيش المشترك بين شعوب المنطقة، وهو الوضع الذي ترى فيه إسرائيل المناسبة الملائمة للدفع بتنفيذ هذا القرار، بالرغم من تعقيدات الوضع، والذي يزيد من خطورته منسوب الحقد الذي يتم زرعه في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا بين دول هذه المنطقة المنشغلة بصراعات ثنائية ومحورية، وهو ما سيعصف حتى بذلك الإحساس المدني الشعبي الذي ظل يقاوم هذه الإجراءات".
وختمت حديثها قائلة: "أعتقد أن تنفيذ هذا القرار سيفتح المنطقة على سيناريوهات متعددة، واحد منها مفضوح، وهو أن تنشغل الدول العربية والاسلامية بما نصب لها من فخاخ ويضيع ما تبقى من القضية، أو تنبت في ظل هذا الجرح العميق هبة مدنية تعيد طرح القضية بشكل جديد، وتفتح أعين العالم على هذا الظلم المتواصل المتسلط على الشعب الفلسطيني".
إعلان حرب
وسجل المنسق العام للمؤتمر القومي الإسلامي، خالد السفياني، أن "قرار ترامب بمثابة إعلان حرب، واعتبرنا أنه في جميع الحالات ولو أن بعض الأنظمة العربية متواطئة معه في الموضوع، فإنه لا يمكن أن يمر بأي وجه من الوجوه، لأن القدس إسلامية ومسيحية في نفس الوقت، وفيها أكبر المقدسات، ولا يمكن التفريط فيها لا من طرف الشعب الفلسطيني ولا من طرف الأمة العربية والإسلامية ولا من طرف أحرار العالم".
وتابع خالد السفياني في تصريح لـ"عربي21": "إذا ركب ترامب رأسه فسيكون لذلك ما بعده، وسوف يندم على مثل هذا القرار كما سيندم الذين يدفعون به والذين يتواطؤون معه في هذا الاتجاه".
وتابع السفياني أن "المطلوب الآن من كل المنظمات والهيئات العاملة من أجل القدس أن تتحرك وبسرعة لاتخاذ قرارات كفيلة بالتصدي لهكذا قرار، منها منظمة المؤتمر الإسلامي وعلى الخصوص لجنة القدس التي يرأسها ملك المغرب والتي يجب أن تجتمع باستعجال لتتخذ قرارات عملية للتصدي لهذا القرار الذي يستهدف القدس ويستهدف المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وكل ثوابت أمنتا العربية والإسلامية".
وسجل: "على الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم أن يتحركوا للتصدي لهذا القرار، وأنا على يقين أن الأمر لا يمكن أن يمر هكذا، ولا يمكن أن يؤتي النتيجة التي ربما يتوخاها ترامب ومن يتواطؤ معه".
شباب لأجل القدس
من جهتها أدانت "رابطة شباب لأجل القدس ـ المغرب" قرار نقل السفارة، وحذرت "من انعكاساته على المنطقة في ظل سياسة الفصل العنصري التي يقوم بها الاحتلال وعمليات تهويد مدينة القدس وتشويه معالمها وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك".
وقالت "رابطة شباب لأجل القدس ـ المغرب"، في بيان حصلت "عربي21" على نسخة منه، إن "هذا القرار إن تم سيعتبر تثبيتا لشرعية الاحتلال الذي لا مكان له في كل تراب فلسطين عموما والقدس على وجه الخصوص".
وسجلت أن "قرار الإدارة الأمريكية ما كان له ليتم لولا حالة الردة والنكوص التي يعرفها العالم العربي على المستوى الرسمي من تفريط في المقدسات وانجرار وراء الصراعات الداخلية مما وفر الغطاء لمزيد من عمليات الاستيطان والغطرسة الصهيونية".
وتابعت أن "من أبرز تجلياتها عمليات الاعتقال المستمرة في صفوف المرابطات والمرابطين وآخرها هو اعتقال شيخ الأقصى رائد صلاح ومجموعة من رموز العمل المقدسي" .
وأعلنت "رفضها عملية نقل السفارة الى القدس لأننا لا نعترف بدولة الاحتلال حتى نعترف لها بعاصمة، ودعوت أهلنا في فلسطين عموما والقدس خصوصا إلى مزيد من الالتحام حول خيار المقاومة".
و"أشادت بالموقف المشرف الذي عبر عنه ملك المغرب محمد السادس ومجموعة من الأنظمة العربية الرافضة لقرار نقل السفارة".
إدانة سياسات أمريكا
من جهتها اعتبرت "السكرتارية الوطنية لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين"، أن نقل سفارة أمريكا إلى القدس.. إعلان حرب".
وقالت "السكرتارية الوطنية لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين": "في خطوة عدوانية جديدة ضد فلسطين والأمة العربية والإسلامية تعتزم الإدارة الأمريكية بقيادة "ترامب" تنفيذ إجرائها المؤجل منذ سنوات بما تسميه "نقل السفارة الأمريكية" من (تل أبيب) إلى القدس المحتلة في إطار تنزيل الوعود الانتخابية للرئيس الأمريكي وإمعانا في استفزاز مشاعر أزيد من مليار ونصف من المسلمين بالمزيد من محاباة ورعاية الكيان الصهيوني وتأمين الدعم المالي والعسكري والسياسي والدبلوماسي اللامحدود واللامشروط".
وتابعت في بيان حصل "عربي21" على نسخة منه: "إننا في مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين (بالمغرب) إذ نعتبر هذا الإجراء الأخرق بمثابة إعلان حرب مباشر وصريح ضد فلسطين وكل الأمة بما يفيده ويستتبعه من محاولة إضفاء الشرعية الدبلوماسية لاحتلال القدس في ذكراها الخمسين".
وسجلت: "إننا نعتبر السفارة الأمريكية نفسها القائمة أصلا في (تل أبيب) غير شرعية وعدوانية باعتبار كونها على أرضا محتلة وفي "ضيافة" كيان استعماري عنصري وغير شرعي قام على التقتيل الجماعي والإرهاب والتهجير القسري ومصادرة الأراضي والاستيطان".
وشدد على أن "الولايات المتحدة الأمريكية بإجراءاتها وسياساتها المتناغمة مع الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين تضع نفسها في موقع العداء المعلن لكل الأمة العربية والإسلامية، بل وكل الإنسانية، بما يمثله هذا الكيان أمام الضمير الإنساني العالمي من عنوان للقتل والهمجية والعنصرية والاضطهاد".
وأدانت "الإدارات الأمريكية المتعاقبة بشأن قضية فلسطين وكل قضايا الأمة الأخرى التي ارتكبت فيها أمريكا أبشع الجرائم من أفغانستان إلى العراق إلى لبنان والصومال واليمن والسودان وليبيا".
تصعيد جديد
وقالت "الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة" التابعة لجماعة العدل والإحسان: "في ظل استمرار مسلسل العدوان الصهيوني ضد فلسطين والأمة العربية والإسلامية، وفي حلقة جديدة من حلقات التصعيد تجاه القدس والمسجد الأقصى".
وشجبت الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة في بيان حصل "عربي21" على نسخة منه، "عزم الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، في انحياز واضح للغطرسة والإرهاب الصهيوني، تنفيذ الإجراء المؤجل منذ سنوات والمتمثل في نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وهي مسألة تحمل في ثناياها اعترافا بالقدس، التي تحتضن أولى القبلتين وثالث الحرمين، عاصمة للكيان الغاشم".
وسجلت أن "الخطوة يصاحبها تخاذل مزمن من طرف الأنظمة العربية الرسمية التي لم تتخذ إلى حدود الساعة قراراً سياسياً عملياً يرد على إجراءات الولايات المتحدة بكل قوة، وهذا بفعل تواطئها التطبيعي الذي أصبح يُمارَسُ علناً مع تعزيز خيار السلام مع كيان لطالما شرد أصحاب الأرض وأعدم الأطفال والنساء والشيوخ وأهان أسرى الكرامة".
وشددت على أن "القدس المحتلة عاصمة أبدية لدولة فلسطين"، ودعت "الشارع العربي وكل أحرار العالم إلى التحرك العاجل ميدانياً لصد الغطرسة الصهيونية والاستكبار العالمي عن قدسنا وأقصانا مسرى رسول الله".
هكذا احتفلت بلدية الاحتلال في القدس بقرار ترامب (شاهد)
"علماء المسلمين" يدعو لتنظيم فعاليات احتجاجية نصرة للقدس
العاهل المغربي يوجه رسالة لـ"غوتيريس" بشأن وضع القدس